يقال ان كل سني لبناني بات يؤىد «داعش» «قلبياً» ويدعم كل تنظيم متطرف يحارب حزب الله ويساند كل دولة تعاكس سياستها ايران لو ان هذا التنظيم المتطرف او هذه الدولة لهما اهداف تضر بأهل السنة العرب على المدى البعيد ولو ان الارهاب لا يعرف اي قيم انسانية وهو عدو الاسلام اولا. والسنة اللبنانيون الذين لم يعلموا بعد او بالاحرى لم يجربوا فعلا شر «داعش» عن قرب يساندون «داعش» بخطاباتهم سواء في طرابلس او في عرسال او في مناطق كثيرة في لبنان حيث كرههم وحقدهم لايران وحزب الله اعميا بصيرتهم حتى باتوا يريدون التحالف مع الشيطان من اجل القضاء على حزب الله ومن اجل اضعاف نفوذ طهران. وعليه، هم يبايعون «الخليفة اردوغان» فقط لانه يعارض نظام الرئيس بشار الاسد ويشكل رادعاً امام النفوذ الايراني في المنطقة لكن تراهم يعلمون ان الاتراك لطالما احتقروا العرب سواء كانوا سنّة ام شيعة ام مسيحيين؟ وتراهم نسوا التنكيل الذي قام به الاتراك ضد شعبنا خلال الخلافة العثمانية؟ أبهذه البساطة يقع اللبنانيون تحت سحر تركيا اذا صرح اردوغان ببضع كلمات تؤيد المعارضة السورية؟ ألا يرون ان قيام «داعش» أفسد الامور في سوريا وضعف «الجيش السوري الحر»؟
والحال ان بعض السنّة في لبنان لا يخفون تعاطفهم مع «داعش» مبررين ذلك بأن تنكيل المالكي بالسنّة العراقيين والحرب الدائرة في سوريا (رغم ان الجيش السوري الذي اغلبيته من السنّة ما زال يقاتل الى جانب الاسد) هما السببان الوحيدان اللذان خلقا «داعش» متناسين اطماع تركيا في المنطقة واهدافها التوسعية والتي تتلطى خلف «داعش» لتقضم اراضي عربية. نعم انه أمر مؤسف ان يربط البعض نشوء «داعش» بالاضطرابات التي حصلت في سوريا والعراق (وهذا صحيح نسبيا) ويتغاضى عن الدور التركي الذي هو السبب الرئيسي لاستمرار هذا الارهاب المعروف بـ«داعش». فهل كان يمكن لتنظيم ارهابي مثل «داعش» ان ينشأ ويقوم بانقلاب عسكري في الموصل ويتوسع الى ابعد من ذلك لولا دعم انقرة له؟ هل كان هذا التنظيم ليستمر لولا ان تركيا هي العمق الاستراتيجي له؟
والامر المؤسف ايضا ان بعض السنّة في لبنان يحنون الى زمن التتريك ويهللون لتركيا التي تتنافس مع ايران على زعامة المنطقة، رغم ان الاتراك لطالما ذلوا العرب واحتقروهم. لكن للاسف يعتبر البعض ان تركيا هي خلاص للسنّة في المنطقة وهي التي ستكون مصدر قوتهم كدرع في وجه تنامي نفوذ ايران الفارسية في الشرق الاوسط. بيد ان بعض السنّة اللبنانيين تخلوا عن السعودية معتبرين انها لم تقم باللازم لحمايتهم ولم تستطع التصدي للنفوذ الايراني كما يجب، ولذلك اتجهوا صوب تركيا متناسين الكابوس الذي عاشته دولنا العربية لمدة 400 سنة في عهد العثمانيين، والتتريك الذي شهده العرب وبالاخص اللبنانيين الذين نكّل بهم الاتراك وجوّعهم ويتّمهم.
محزن ان يتخلى بعض السنة عن لبنان وينجروا الى العصبية المذهبية فلا يرون في اعمال «داعش» اي ارهاب واي تهديد للمنطقة ولا يعتبرون تركيا دولة تريد قضم اراضيهم وبسط سيطرتها ولو بطريقة غير مباشرة.
نور نعمه