تجمع كافة المعطيات والادلة حول عملية اطلاق النار على باص للجيش في القبيات بان الهدف كان قتل جميع العسكريين الموجودين داخل الفان مما يدفع على الاعتقاد الاكيد ان المسلحين ومن وراءهم كانوا بصدد ارتكاب مجزرة كبيرة بحق ابناء المؤسسة العسكرية ولا يعرف احد تداعياتها باستثناء العنوان الكبير المعروف من قيادة الجيش ان المؤسسة العسكرية مستهدفة على الدوام بل اكثر من ذلك التأكيد ان الهدف الوحيد لهؤلاء التكفيريين هو الجيش اللبناني في محاولة لتدمير الامل الاخير الحامي للبنانيين ولضمان الامن للمؤسسات السياسية في ظل بركان تعيشه المنطقة يقذف حممه في كل فترة على الاراضي اللبنانية.
وتقول مصادر وزارية تعطي الغطاء الكامل للجيش ان معرفة المسلحين بالتفاف اللبنانيين حول مؤسستهم الضامنة دفعها الى العمل على محاولة فك هذا التناغم القائم بين الجيش والشعب من خلال التالي:
أ- تكاثر الدعوات من قبل التكفيريين لعناصر من الجيش اللبناني للفرار من الخدمة العسكرية باغراءات مالية وصلت الى حد اعطاء خمسة عشر الف دولار اميركي لكل من يفر من مركزه.
ب – وهذا الاغراء وصل الى حد عدم لجوء العسكري الفار الى هذه التنظيمات مما يدل على النوايا الخبيثة التي تقدمها وهي لا تلزم الفار من الخدمة بالالتحاق بها مما يدل على فراغ نداءاتهم من الاستجابة بفعل معرفة العسكريين ان هذه المصيدة سوف تطال اعناقهم في مرحلة ما من قبل هؤلاء التكفيريين الذين يقاتلون بعضهم على الغنائم ويعمدون الى تكفير انفسهم بذاتهم، ولذلك فان اي عاقل لا يمكن له ان يلبي هذا النداء بفعل الافخاخ المنصوبة.
ج- تستميت هذه الجماعات في محاولات متكررة لخطف المزيد من العسكريين او محاولة قتلهم لرمي الرعب الذي يشكل لديها بروباغندا اعلامية نجحت من خلالها في العراق باحتلال بعض الاراضي وقتل الناس الابرياء وانسحاب قطع من الجيش على هذه الخلفية ودواع اخرى، ولكن هذه المصادر تؤكد ان الامور مختلفة جذريا في المؤسسة العسكرية في لبنان بفعل التنشئة الوطنية التي يتلقاها الجندي يضاف اليها تناغمه مع بيئته الرافضة للانغماس في مثل هذه الافخاخ.
د- ان هذه الاستهدافات تأتي في سياق هجمات منظمة لمحاولة ضرب المؤسسة العسكرية وارهاب خزان الجيش البشري في الشمال اللبناني والذي تشكل عكار احد اكبر روافده ولكن ردة فعل الاهالي جاءت عكسية بحيث التف الجميع حول هذه المؤسسة وتضامنوا وتعاونوا معها وهذا ما يميز اللبناني عن غيره من البلدان العربية المختلفة عن التكوين الشعبي اللبناني بكافة اوجه العيش فيه.
ه- يعرف هؤلاء المسلحين انهم اذا نجحوا مرة بعد اخرى في القيام بعمليات غدر للعسكريين واستشهاد البعض منهم الا ان الجيش وفي ساحة المواجهة الحقيقية في جرود عرسال وغيرها تبين انه قادر على سحق هؤلاء مهما تعاظمت قواهم وان اصطياد العسكريين على الطرقات سيشكل نقطة ضعف واعمال جبانة لتعويض خساراتهم في المنازلات الحقيقية، وهي في الاساس ليست من باب المرجلة والقوة ان يتلطى بعض الارهابيين خلف الصخور او الاشجار بانتظار مرور باص يقل عسكريين غير مسلحين واطلاق النار عليهم وهذا الامر تعالجه القيادة العسكرية ومديرية المخابرات بواسطة المداهمات التي لطالما القت القبض على المسؤولين الحقيقيين وهذا ما عجزت عنه استخبارات كبرى لديها الكثير من التكنولوجيا المتطورة والرجال والعدة العسكرية اللازمة.
وفي معرض استعراضها للواقع المعيوش في لبنان في ظل الازمات السياسية والامنية فان هذه المصادر تعتبر ان لا حل الا بالجيش مهما تعددت السيناريوهات فالعودة الحتمية الى الفعل والمنطق تقضي في ان يتولى الجيش اللبناني مهامه بكل حرية بعيدا عن الانعتاق السياسي الغير مدروس في كل مرة لمهمة الجيش بالتصدي للارهاب وابعاد الفتنة عن لبنان بالرغم من مسلسل الفكاهة المستدام حول تسليحه والمستمر منذ عشرات السنوات ولا تعرف هذه المصادر هذا النحو والانجراف وراء هذا التأخير في ابرام صفقات السلاح، فهذا ممنوع، وذاك يستلزم فيتو خارجي في وقت يستشهد العسكريون دون ان ترف اعين اهل السياسة سوى ارسال الاكاليل والتنديد عن بعد باستهدافهم.
وتبدو هذه المصادر متيقنة بعناد حول متانة وحدة الجيش وفق القرائن التي تملكها وعرفها جميع اللبنانيين من على شاشات التلفزيون، ويقينها يكبر حين تعي اهمية ردات الفعل من قبل اهالي العسكريين الذين استشهدوا والتي كانت على اكبر مستوى من المسؤولية والعقلانية في التصرف ازاء فقدان اولادهم على يد التكفيريين فاللبنانيون مسيسون ولا داعي لايقاظ وطنيتهم والتزامهم الى جانب الجيش اللبناني وهم يعلمون بشكل اكيد ان استهداف المؤسسة الضامنة لوحدة الوطن امر يعمل له اعداء هذا الوطن وهذه العائلات بالذات وليس من السهل تمرير هذه التمثيليات على من عاصروا الحروب منذ عشرات السنين وجربوا الانقسامات ولكن في النهاية لا يصح الا الصحيح المحتمل بالمقولة التالية: ان اللبنانيين واعون ان العيش معاً هو مصير بحد ذاته وان المؤسسة العسكرية تشكل الوجدان الحقيقي لكافة اللبنانيين مهما اختلفت طوائفهم ومشاربهم وهذا الالتفاف حول الجيش انما هو التفاف حول الذات وحماية المؤسسة العسكرية هي في حماية ذات اللبناني.
ووفق هذا المشهد الجامع للبنانيين فان هذه المصادر لديها ادلة ملموسة حول نظرة اهالي العسكريين الشهداء والتي دلت على وطنية وعلو في التفكير وفق التالي:
اولاً: قدرة الجيش الفائقة على القبض على المجرمين وما القاء القبض على المجرم ابراهيم بلحص الذي قتل المقدم الشهيد نور الجمل في خلال اقل من شهر يدل على تصميم قيادة الجيش على المحاسبة والقصاص ممن يسولون انفسهم بالاعتداء على عناصره، وقد شكل هذا الحدث على الصعيد الشعبي وعائلة الشهيد نور الجمل طاقة امل وباب فرج في استبدال عمليات الانتقام الشخصية بتولية اجهزة الجيش القبض على المجرمين ولو بعد حين.
ثانياً: بعد يومين من استشهاد الجندي علي السيد زار اهله عائلة آل حمية للتعزية بابنهم الشهيد وكانت مواقف وطنية بامتياز لاباء وعائلات العسكريين فاقت في وعيها للمخاطر والمؤامرات كل المراهنين على قسمة الناس لمذاهب وقد شكل كلام آل حميه وآل السيد درساً في التضحية والوفاء والشرف.
ثالثاً: ان اقدام الشباب على التطوع في الجيش اللبناني بالالاف يعني في تجليات هذا الشعور الوطني دحضاً لكل الاكاذيب التي يروجها التكفيريون، وان تقديم اكثر من ستة عشر الف طلب تطوع في المؤسسة العسكرية من كافة الطوائف يدل على ان الشباب اللبناني بات يفضح اساليب الاغراء والكذب التي تمارسها هذه الجماعات المسلحة خصوصاً ان اكثريتهم من عكار.
رابعاً: ان ترشح اكثر من الفي تلميذ الى المدرسة الحربية ومن مختلف المناطق يدل على ثقة تامة بمسار الجيش واهدافه الوطنية الخالصة والبعيدة عن كافة السموم التي يبثها البعض لغايات مادية سوف يدفع ثمنها لاحقا.
وتختم هذه المصادر بالقول: صحيح ان الجيش مقبل على امتحانات ميدانية ولكن خبرة القيادة والاجهزة العسكرية امامها دروس من الماضي حين حاولوا العمل على تقسيم الجيش ابتداء من العام 1975 ولكن تبين في النهاية وحتى في العام 1990، ان العسكري شقيق لاخيه الجندي مهما تعاظمت المصاعب. وفي النهاية فان الجيش عاد موحداً وقوياً بالرغم من كافة التطورات التي حصلت انذاك وبالتالي عرف الضابط والعسكري ان من يأويه ويحتمي به هو جناح المؤسسة العسكرية فقط وان الكذب حبله قصير واذا انقطع يأخذون من بعض السياسيين «مطعوم»!!
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...