رغم الحسابات السياسية الداخلية، يتقدم هم الوضع الأمني الصامد أمام محاولات هزه، على ما عداه من الملفات التي تشغل الوسطين الحكومي والنيابي على وقع الخلافات المبطنة في جزء منها والظاهرة في الجزء الاخر، من ازمة الاستحقاق الرئاسي حيث لم تفلح كل الوساطات والتحركات في الداخل والخارج في احراز تقدم، مرورا بمسار التمديد للمجلس النيابي الذي وجدت جميع القوى السياسية نفسها ملزمة بركوب موجته، وصولا الى ملف الاسرى العسكريين بسلم مفاوضاته المتحرك تارة بوتيرة توحي بامكان حصول انفراج قريب وطورا بتأزم ينذر بعودة لغة السكاكين، وسط فوضى محلية واقليمية غير مسبوقة.
فارتفاع وتيرة الاشتباك السياسي الاقليمي عكسته مواقف القوى الداخلية التصعيدية لجهة تبادل الاتهامات وانكفاء المبادرات، اذ لفتت في الحسابات السياسية – الامنية، الرسائل «التحذيرية « القوية التي وجهها وزير الداخلية نهاد المشنوق في ذكرى الثانية لاستشهاد اللواء وسام الحسن، حيث كان واضحا وبحسب مصادر في «تيار المستقبل» هيمنة الهاجس العراقي وضرورة إبعاد الكأس المرة عن لبنان على كلمته، التي لم يوفر فيها أحد الأجهزة الأمنية، واصفا رئاسته بأنها تفتقد إلى الصفاء الوطني، قبل أن يوجه سهامه باتجاه «حزب الله» من دون أن يسميه، تحت عنوان البحث عن أمن سياسي مشترك، وإعلانه الصريح رفضه التحول إلى ما يشبه قادة الصحوات في العراق، أي متخصصا في فرض الأمن على قسم من اللبنانيين فيما القسم الآخر ينعم بالحصانة الحزبية. رسائل مستغربة، في رأي مصادر متابعة، وإن صبت ما بين العتب من جهة، وزيادة الأرصدة السياسية في الحسابات الحزبية من جهة اخرى. وينتظر أن تكون لهذه المواقف تداعيات على الصعيد السياسي وعلى التضامن الحكومي الشكلي وصولا الى التنسيق الامني القائم ، طارحة العديد من الاسئلة حول التوقيت.
غير ان هم الامن دفع بنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل الى زيارة طهران، بحثا عن الهبة الإيرانية الجدلية المقدمة للجيش اللبناني. فقد اشارت المعلومات الى ان مقبل سينقل الى مجلس الوزراء حصيلة المحادثات التي اجراها بشأن الهبة والاستعداد الايراني لتسليح الجيش ونوعية السلاح والمعدات التي تعتزم إيران تقديمها، مدعما بتقرير مفصل من قيادة الجيش بشأن المحادثات التي أجراها الوفد اللبناني في طهران وبشأن الهبة لجهة العتاد والسلاح ومدى تطابقه مع النوعية والحاجات ، قبل ان يقرر لبنان قبول أو رفض هذه المساعدة، مع الاخذ في الاعتبار خلال المناقشات قرار مجلس الامن رقم 1747 لتجنب فرض عقوبات على لبنان نتيجة خرقه.
وبين زحمة الملفات والازمات تبقى قضية استهداف العسكريين من ضمن مسلسل تتوالى فصوله دوريا بهدف ارباك المؤسسة العسكرية على حدّ قول المصادر ومحاولة احباط عزيمة عناصرها، بعدما لم تفلح الانشقاقات الفردية في تحقيق الغرض، محط اهتمام القيادة العسكرية والاجهزة الامنية، وسط الحذر المتزايد من التطورات الشمالية المتسارعة، وما يعد لهذه المنطقة اللبنانية من سيناريوهات خطرة، واحتمال انتقال هذه الاعمال الى محافظات ومناطق اخرى، لا سيما ان بعض القرى والتجمعات شكلت ملاذا لبعض المجموعات المسلحة، بعدما تبين ان العملية التي استهدفت الحافلة في منطقة البيرة أعدّت بحرفية واضحة. وفي هذا الاطار تعلق الاجهزة الامنية آمالا كبيرة على الوصول الى طرف خيط في كشف مكان تصوير «عمليات الانشقاق» وتواجد المنشقين، الذي يعتقد انهم ما زالوا داخل الاراضي اللبنانية، بعد نجاحها في توقيف الجندي الفار منذ مدة ، م. خ، بعد رقض القيادة قبول طلب تسريح تقدم به، والذي كان مختبا في منطقة القبة حيث حضر اجتماعات دينية، وعمد الى ارتداء اللباس الافغاني مرخيا لحيته وكذلك شاربيه. وتعتقد المصادر الامنية ان عمليات الانشقاق يجري تصويرها داخل الاراضي اللبنانية.
الا ان عجلة المفاوضات المتوقفة غي ملف الاسرى العسكريين، لم تمنع مروحة الاتصالات من الاستمرار، عبر الوسطاء اللبنانيين والسوريين، تضيف المصادر، بعد التعقيدات التي استجدت، مع اصرار ابو مالك على وقف الاعتقالات في حق اللاجئين قبل أي حديث عن الملف، بعد توصل «داعش» والحكومة اللبنانية الى اتفاق اطار من خمس نقاط بمشاركة عماد جمعة. تأزم اصاب ايضا المسار على خط «النصرة» مع توقف التواصل مع الجبهة بعد صدور مذكرة توقيف في حق الشيخ مصطفى الحجيري والاتهامات المساقة ضده، اضاقة الى الخلاف بين الوسيط القطري والحكومة اللبنانية، الامر الذي دفع بمرجع حكومي الى التهديد بكشف «المعرقلين» في حال استمر ظهور العقد المخفية عند كل تطور او تقدم يحرز. وفي هذا المجال علم ان اللواء عباس ابراهيم سيغادر خلال الساعات القليلة المقبلة الى الدوحة لمعالجة العثرات الجديدة.
على تماس الأمن، تتعثر الملفات السياسية ليس في لبنان وحسب، تؤكد المصادر، بل تنطلق من إيران إلى السعودية وعبورا نحو اليمن وباب المندب. فمع تقدم الحوثيين وقرب سيطرتهم على هذا الممر الاستراتيجي، تصبح إيران مشرفة سياسيا وأمنيا على البحر الأحمر، وتطوق السعودية في مضيق سياسي ومائي وعسكري، لتتعادل بذلك مع المملكة. تعادل صب الزيت على نار الشرق الاوسط المتحول بأسره الى ساحة للمعارك الدموية القاتلة المنعكسة على ملفات المنطقة وبينها لبنان وأزمته الرئاسية التي اضحت في مهب الريح، تواصل دوران الأمور في حلقة مفرغة. حتى اللقاءات التي عقدها النائب وليد جنبلاط لكسر هذه الحلقة، لا يبدو انها ستحقق نتائج أكثر من ترميم بعض الجسور واطلاق دينامية حوار، لا سيما ان زوار النائب ميشال عون نقلوا عنه انه لا يزال على موقفه، وانه سيبقى عليه بانتظار تغيرات اقليمية ودولية.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...