دخل لبنان، جديا، في ما كان يُحذّر منه، ودخل اللبنانيون في المواجهة المباشرة مع الارهاب وتنظيماته التي ترفع رايات الاسلام و«هداياه» التي تُدخل حامليها.. الى «جنان» القتل والموت وسفك الدماء، قبل ان تكون قد حكمت بالكفر والالحاد على اللبنانيين، ومن كل لون سياسي او ديني او عرقي او اثني.
..في طرابلس، الجيش يستهدف في مراكزه ومواقعه، ويُطارد جنوده على الطرقات، فيما المواطنون في طرابلس وعكار ادخلهم الارهابيون، في موجات جديدة من القتل، وهم الذين تعرفوا في فترات سابقة على مسلسلات دموية شبيهة، في الضنية وجبهات التبانة ـ بعل محسن، ولعل الاخطر في ما يجري، بحسب مصادر شمالية، ان المشروع الارهابي الذي وضعه امراء «الولايات الاسلامية المتحدة»، وبخاصة «داعش» و«النصرة»، ان حالة استقطاب، وان محدودة، سجلتها قوى الارهاب داخل عاصمة الشمال..
من علامات التآمر على المؤسسة الوطنية الجامعة والضامنة لبقاء لبنان وطنا لجميع ابنائه، والتي يمثلها الجيش اللبناني، ان يُستهدف هذا الجيش، في مناطقه وداخل شعبه، تضيف المصادر حتى وصل الامر بقيادته الى اضطرارها لتوجيه الشكر للفاعليات السياسية والدينية في طرابلس على مواقفها «الداعمة» له، في مواجهاته للارهابيين، على الرغم من بعض «الميوعة» التي تعتري تلك المواقف، فلن تُسمّي هذه الفاعليات الامور بمسمياتها، بقيت تسمي المجموعات الارهابية داخل طرابلس، وجلهم من قادة المحاور الذين اشعلوا طرابلس مرات ومرات في حرب باب التبانة ـ بعل محسن، بـ «المسلحين»، فيما انبرت «هيئة علماء المسلمين» لتصفهم بـ«الشيوخ الشعبيين» الذين لم يدرسوا اصول الشريعة، لكنهم يبشرون ويدعون الى الاسلام.. من خارج دار الفتوى، وتؤكد المصادر، ان ما يجري في طرابلس، والذي نجحت وحدات الجيش اللبناني من محاصرته، كان بمثابة الخطوات الاولى التي كانت ستوصل الى حالة من الفلتان الامني، على ان يعقبها انتشار واسع للمسلحين المنضوين في المجموعات الاسلامية الموالية للقوى الارهابية، واشارت الى ان «تفخيخ لغم» المولوي ـ منصور، بوساطة من جهات وزارية وبعض «ممثلي الامة» قبل اسبوعين، حيث توارى ثنائي «داعش» و«النصرة»، من الاحياء التي تمركزوا فيها داخل طرابلس، عاد لينفجر من جديد، وبنسخة منقحة، تقضي بإشعال جبهة طرابلس والسعي للسيطرة العسكرية عليها، لتكون النواة لاعلان «ولاية» داعشية تمتد شمالا.
لكن ما يُطمئن، برأي المصادر، ان الجيش اللبناني اظهر جدية فائقة في التعامل مع المخطط الامني الخطير، يبدو انه تحرر من كل الضغوط التي مارسها وما تزال القوى السياسية في طرابلس وخارجها، حتى بات الجيش غير معني باي شكل من اشكال المفاوضات والصفقات التي افضت في السابق على «اختفاء» مربعات امنية كانت قائمة في عدد من مساجد المدينة التي ارادت القوى الارهابية تحويلها الى ولاية من ولاياتها المنتشرة بين العراق وسوريا، وتقول الاوساط، ان الجيش اللبناني، وهو المستهدف الاول من قبل القوى الارهابية، من خلال استهداف مواقعه ومراكزه ودورياته، اضافة الى استهداف جنوده المتنقلين في حافلات وسيارات مدنية، وضع القوى السياسية امام مسؤولياتها، وانه لا يستطيع الا الرد على الاستهدافات من خلال استئصال القوى الارهابية.
وتتحدث المصادر عن ان السيناريو الذي اُعدّ لمنطقة صيدا، والتي تم وأده، هو نفسه الذي وضعته القوى الارهابية، على نار حامية في عاصمة الشمال، مشيرة الى انه في عبرا، تم الاستعانة بالمجموعات الارهابية الفلسطينية المتمركزة في بعض احياء مخيم عين الحلوة، اما في طرابلس، فان خطورة ما يجري تفوق بكثير ما جرى في صيدا في حزيران العام 2013، لان ما يتعرض له الجيش اللبناني هو اشبه بـ «حرب استنزاف» ارادتها القوى الارهابية حلقة مفصلية تمكنها من شق طريقها للوصول الى اهدافها، حيث تطمع هذه القوى الى اضعاف الجيش والتشكيك بدوره ووظيفته من خلال حملات تحريض مذهبية خطيرة عليه وعلى ضباطه ومديرية مخابراته ومحكمته العسكرية، بالتزامن مع مطالبة جهات حكومية ونيابية بالغاء المحكمة العسكرية وباجراء تبديلات ومناقلات في صفوف ضباط الجيش، تماما كما حصل خلال احداث عبرا، حيث ارتفعت اصوات لسياسيين نافذين طالبت بلجان تحقيق ومحاكمة ضباط اتهموا بـ «التورط» في الحرب على اهل السنة. وتُذكّر المصادر، بـدخول ما يسمى «هيئة علماء المسلمين» على خط انقاذ المربع الامني للاسير، من خلال مفاوضات مع الجيش اقترحها الشيخ سالم الرافعي، لكن خطورة ما كان يحضر له الاسير وحجم الخسائر التي اُلحقت بالجيش (اكثر من 25 شهيدا و120 جريحا)، دفعت بالجيش الى اللجوء للحسم العسكري وانهاء الظاهرة الاسيرية واستئصال البيئة الحاضنة له داخل صيدا.
وتؤكد المصادر ان الجيش اللبناني استفاد من تجربة صيدا، حين واجه القوى الارهابية التي قادها الفار احمد الاسير ومساعده فضل شاكر، التي فتحت النار على حواجز الجيش، من داخل المربع الامني الذي بناه الاسير وانتزع «مباركة» من بعض الجهات في السلطة، ليكون محطة لاطلاق مشروعه الانتحاري في السيطرة على منطقة صيدا، تأسيسا للفتنة السنية ـ الشيعية، التي سوّق لها على مدى ثلاث سنوات، وتقول.. ان الحسم العسكري الذي لجأ اليه الجيش اللبناني في عبرا، ونجاحه في استئصال المجموعات المسلحة التابعة للاسير، انقذ عاصمة الجنوب، ووضع الجميع امام مسؤولياتهم، وهو اليوم بات في وضع لن يسمح للمجموعات الارهابية من بسط سيطرتها، ولو في حي صغير من احياء عاصمة الشمال، لم يعد امام الجيش سوى اللجوء الى الحسم مع هذه المجموعات ، وان تعاظمت التضحيات في صفوفه، والاّ فان «سيمفونية» السلم الاهلي التي تتغنى بها الطبقة السياسية ستسقط، وسيدخل جميع اللبنانيين في اتون الولايات الاسلامية المتحدة، والتي ستجعل من لبنان ساحة رحبة للفتن والقتل الجماعي.. وفي هذه الحال.. لن يكون احد فيها على الحياد.
ويبقى السؤال المطروح بقوة في صيدا.. هل تنأى المجموعات الارهابية والخلايا «الداعشية»، النائمة.. والمستيقظة، عما يجري في طرابلس؟، الاجابة على السؤال سيجيب عليه المقبل من الايام، وان كانت المؤشرات والدلالات الظاهرة في عاصمة الجنوب، لا توحي بان للقوى الارهابية والمجموعات المتطرفة التي تجد نفسها في موقع واحد، قدرة على فتح جبهة، من دون استبعاد حصول فقاعات امنية.. لارباك الجيش وتوتير الاوضاع من بوابة الجنوب، تماما كما حصل من استهداف امني للجيش، نفذته المجموعات الارهابية في منطقة تعمير عين الحلوة، خلال معركة عبرا التي خاضها الجيش ضد مجموعات احمد الاسير الذي اعطى «الامر» بالهجوم المباغت على مراكز وحواجز واليات الجيش اللبناني في عبرا وصيدا.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...