تطرح جولة التصعيد في طرابلس تساؤلات عن مستقبل التسوية او الحل الامني في المدينة التي نعمت خلال عدة اشهر بما يشبه الاستقرار، نتيجة الخطة الامنية التي شكلت الانجاز الاول للحكومة الحالية ولكنها عجزت عن الصمود نظراً الى ازدحام تواصل التوتر الداخلي والاقليمي من جهة وتنامي التهديد الارهابي المرتبط بالواقع الحدودي بقاعاً من جهة اخرى. واذا كانت المراجع الامنية تتجنب الدخول في تفاصيل الوضع الحالي وخلفياته، فان اوساطاً نيابية مواكبة كشفت عن تغلغل للعناصر الارهابية في المدينة والاحياء المحيطة بها وعن اتخاذها من الاهالي رهائن تساوم عليها وتستغلها لابتزاز القيادة الامنية. وشددت على ان الخطة الامنية الموضوعة للمدينة منذ العمل على ازالة خطوط التماس القديمة، لم تعد كافية او فاعلة في ظل الظروف الحالية حيث بات الامر الواقع يستلزم معالجة عميقة لمنع الارهابيين من استغلال اي ثغرة لتنفيذ عمليات مفاجئة وغادرة ضد الجيش واهالي طرابلس.
واذ اشارت الى ان سيناريو التفجير الامني الخطر لم يكن مفاجئاً بشكل كلي لأن الاحتكاك بالارهابيين حصل نتيجة الانجاز النوعي الذي حققه الجيش في عملية عاصون الاسبوع الماضي. فالمخاوف الامنية من عملية ارهابية شمالا سبق وان تنامت منذ اكثر من شهر وذلك ربطاً بأحداث عرسال وخطف العسكريين من قبل جبهة «النصرة» وتنظيم «داعش»، وقد اوضحت الاوساط النيابية ان المسلحين الذين عجزوا عن اختراق الحدود بقاعاً يسعون الى نقل كرة النار الى الشمال وذلك بعدما عجزوا وعلى اثر عدة عمليات تسلل سجلت اخيرا عن عبور مواقع الجيش ونقاط المراقبة الامامية في جرود عرسال. واضافت ان تفجير الوضع شمالا من قبل المجموعات الارهابية يعود الى الحصار الذي فرصه الجيش في الجرود والى محاولتهم اشغال المؤسسة العسكرية بالوضع الطرابلسي لتحويل الانظار عن الحدود الشرقية وبالتالي تخفيف ضغط الحصار بشكل غير مباشر عن المسلحين الذين باتوا محصورين في منطقة جغرافية مهددة بالقصف وبالثلوج.
وفي سياق متصل تحدثت الاوساط نفسها عن منحى مختلف ستسلكه الاجراءات الامنية في كل مناطق الاشتباكات في طرابلس حيث لم يعد مقبولاً السماح بأي تسويات تسمح بالابقاء على اي تهديد ارهابي محتمل وذلك مع الاخذ في الاعتبار الحفاظ على أمن الاهالي العالقين في نيران المسلحين. وبالتالي فان اعلان طرابلس منطقة عسكرية شكل الخطوة الضرورية الاولى لضرب الخلايا التي نشطت بعدما جرى الكشف عن مخططاتها الارهابية، كما اكدت هذه الاوساط التي كشفت ان الاجراءات الامنية لن تقتصر على منطقة معينة في طرابلس او جرود عرسال بل ستطال عدة مناطق وذلك للقضاء على اي محاولات لاثارة الفتن والحوادث المتفرقة على مجمل الساحة المحلية.
ولم تخف الاوساط النيابية خشيتها من اشتداد حدة التوتر الامني وامتداده من مناطق الاشتباكات الى مناطق مجاورة، مشددة على ان الخطة الامنية للجيش تركز على التصدي للمسلحين وتطويق قدرتهم على التفجير والامتداد الى خارج النقاط التي جرت محاصرتهم فيها. وشددت على اهمية التأييد الشعبي والسياسي للجيش في مهامه الامنية الخاصة والمتقدمة لافتة الى الكلفة والثمن الباهظين اللذين يدفعهما الجنود الذين يقاتلون بشجاعة لحماية اهالي طرابلس وفرض الامن والاستقرار في شوارعها.
هيام عيد