فجاة ومن دون مقدمات، قدر وزير اسرائيلي بارز وعضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والاسرائيلية، ان تندلع الحرب مع حزب الله، التي قد تجر اليها سوريا وايران، قبل اجراء انتخابات الكنيست خلال عامين، ذلك ان الجرأة المتزايدة لحزب الله على الجبهة الشمالية، من شأنها أن تؤكد التقديرات حول انتهاء منسوب الردع الذي تحقق في أعقاب حرب لبنان الثانية، بحسب تقديرات تل أبيب، التي ترى ان الانتصار على «داعش» إلى جانب إبقاء إيران كـ «دولة نووية»، لا يعني سوى الانتصار في المعركة وخسارة الحرب.
الى هنا قد يكون الخبر عاديا . لكن ماذا في حال صحت التقديرات المرجحة بنسبة عالية ودعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى انتخابات مبكرة، مطلع السنة المقبلة ؟ والمعروف تاريخيا ان حزب الليكود تعود استعمال ورقة الامن في الانتخابات.
مصادر سياسية لبنانية، مطلعة على اجواء العواصم الدولية، تبدي خشية كبيرة ومخاوف من امكانية قيام اسرائيل بمحاولة قلب للطاولة،مستفيدة من التوازنات الانتقالية التي تشهدها ساحات المنطقة وانعدام التوازن القائم، خاصة ان ضغوط كبيرة مورست عقب عملية شبعا الاخيرة افضت الى وقف حرب مدمرة عزمت تل ابيب على شنها. وفي هذا الاطار تتقاطع قراءة هذه المصادر مع تقارير دبلوماسية غربية تستند في قراءتها الى عوامل عديدة ابرزها:
-تأكيد نتانياهو، في كلمته الافتتاحية للدورة الشتوية للكنيست، ان قوات «اليونيفيل» العاملة بموجب القرار 1701 « لم تحقق النتيجة المطلوبة منها، بمنع حزب الله من التزود بالوسائل القتالية، ما سمح بتعاظم قوته منذ 2006 بـ 15 ضعفاً عما كان عليه في السابق»، مشيرا الى ان خيار السير بهذا القرار لم يكن مجديا «لأن محاربة الارهاب ليست من دورها او مهمتها ولا تتلاءم مع كفاءاتها، شأنها شأن قوات الاوندوف».
-الكشف عن توقيف عنصر من حزب الله في مدينة «يوريماغواس» البيروفية يدعى محمد أمادار مواليد 1986، بناء على معلومات من الموساد، دخل البلاد بفيزا سياحية في الثالث من كانون الاول الماضي، حيث تزوج بعد 12 يوما من وصوله من البوريفية كارمن كاريون فيلا تحمل الجنسية الاميركية مقيمة في «اورلاندو» فلوريدا وغادر برفقتها الى الولايات المتحدة، ليعود ويدخل البلاد في الثامن من تموز الماضي قادما من سان باولو البرازيل،فيما وصلت في نفس اليوم زوجته من ميامي، حيث اقاما في فندق لمدة 12يوما قبل ان يستأجرا شقة بمنطقة «سوركيو» التجارية والسياحية بليما، حيث عثر على بقايا آثار مادة «تي .ان. تي « بين نفايات المنزل. للتذكير فان اسرائيل اتخذت من اغتيال ملحقها الدبلوماسي في لندن عام 1982 ذريعة لاجتياح لبنان.
-اعتبار اسرائيل ان التغييرات في ساحات المواجهة المحيطة بإسرائيل متعددة ومتشعبة، لكن الخطر الأهم والأكثر تهديداً للدولة العبرية، يأتي من جهة إيران وحزب الله، وهذا التهديد هو أخطر بكثير من تهديد تنظيم الدولة الإسلامية. من هنا جاء اعلان البنتاغون عزمه تسليم سرب ثان من طائرات ال «اف-35» بعيد زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي الى واشنطن، حيث تردد ان الملف الايراني بتشعباته اللبنانية كان حاضرا بقوة خلال المباحثات امتدادا الى الوضع السوري. .
-كشف سفير غربي في بيروت ان حصول اتفاق اميركي -اسرائيلي مبدئي، تقوم من خلاله تل ابيب «بتقليم الاظافر الايرانية في لبنان» في حال فشل عدم التوصل الى اتفاق حول الملف النووي. فيما تتكفل واشنطن بالضغط على الجبهات اليمنية والسورية والعراقية.
-اشارة قائد القوات الاسرائيلية على الجبهة اللبنانية والسورية، الميجر جنرال يائير جولان، الى عدم وجود معلومات مؤكدة تفيد بوجود أنفاق على الحدود اللبنانية كما هو الحال حول قطاع غزة، رغم « ان فكرة النزول تحت الأرض ليست غريبة على لبنان ولا على حزب الله، الامر الذي نبحث عنه ونستعد له». يشار الى ان سكان في شمال اسرائيل ابلغوا السلطات خلال حرب تموز 2006 عن سماع أصوات تحت الأرض في بعض الأحيان مما يوحي بأن المقاتلين يحفرون أنفاقا عبر الحدود في تكتيك جديد.، الا ان عمليات البحث يومها لم توصل الى نتيجة. وفي هذا الاطار اشارت المعلومات الاسرائيلية الى ان الجيش الاسرائيلي باشر بنقل وحداته الهندسية المجهزة باحدث المعدات للكشف عن الانفاق من الجبهة الجنوبية الى الشمالية، مع مباشرة الجيش المصري اقامة المنطقة العازلة مع غزة مع ما يريح اسرائيل من خلال ابطال مفعول تلك الانفاق.
-تأكيد قائد الجبهة الشمالية ان اسرائيل جاهزة وعلى استعداد تام لضرب حزب الله بصورة سريعة وحاسمة وبأكبر قوة ممكنة، مستفيدة من دروس «الجرف الصامد»، رغم ان تفجير حزب الله للاوضاع يبقى مرتبطا بظروفه ودرجة الضغط التي يواجهها، ما قد يدفعه لتغيير استراتيجيته من خلال شن «هجوم كبير او نوعي» يكون له تداعيات كثيرة جداً.
تنطلق القيادة العسكرية الاسرائيلية من منطق وجود توازن ردع متبادل وغير مطلق على الجبهة اللبنانية، قابل للسقوط في حال تخطي الامور حدود ضبط النفس، وتدرك ان اي حرب قادمة لن تكون كسابقاتها لجهة الاضرار والخسائر التي ستنتج عنها، ما يحتم الاسراع في انهائها لتخفيف التهديد عن الاسرائيليين، خاصة ان فعالية منظومة القبة الحديدية على الحدود الشمالية ستكون اقل مقياسا لما حصل خلال حرب غزة.
من هنا فان السعي الاسرائيلي للحفاظ على مستوى عال من الجاهزية، إضافة إلى تفعيل انشطتها الاستخباراتية والامنية، ما يفسر تكثيف الجيش الاسرائيلي من تدريباته العسكرية قرب الحدود اللبنانية، ومنها واحدة مفاجئة خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية في مزارع شبعا، في ظل تفعيل الاجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية لاعمالها على طول الحدود اللبنانية عبر توسيع دائرة نشر اعمدة الارسال والتجسس وكذلك تفعيل عملائها خاصة في منطقة شبعا ومحيطها. ذلك ان حزب الله الذي يدرك ان من مصلحته حاليا الحفاظ على الهدوء على الجبهة الشمالية لانهماكه في الحرب داخل سوريا وعلى الحدود الشرقية، وحتى داخل لبنان تأمينا لحماية مناطق تجمعاته، يعتقد ان من واجبه تنفيذ عمليات تذكيرية ضد اسرائيل «لشد العصب» في لعبة بالغة الدقة والحساسية يمكن ان تحمل معها في اي لحظة احتمالات تصعيد كبيرة. تحت هذا العنوان يمكن ادراج عملية شبعا الاخيرة.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...