هدأت الحركة الجنبلاطية التي كانت ملأت مرحلة معينة من الفراغ الرئاسي والجمود السياسي على كل المستويات، وساهمت إلى حدّ ما في إبقاء فسحة الحوار قائمة على أكثر من خط بين الأطراف المتخاصمة في فريقي 8 و 14 آذار. لكن السؤال المطروح حالياً يركّز على أسباب انحسار هذا التحرّك في الوقت الراهن، من دون أن تبرز في الأفق أي ملامح تشير إلى نتائجها، وما إذا كانت قد نجحت في تحقيق اختراق في جدار أزمة الحكم القائمة، خاصة أن النائب وليد جنبلاط قد أراد من خلالها الوصول إلى توافق حول مرشّح رئاسي يحظى بقبول غالبية القوى السياسية والحزبية. وتقول أوساط مقربة من جنبلاط أن المعلومات المتوافرة في هذا الإطار، تشير بداية إلى أن جنبلاط كان يدرك سلفاً أنه لن يستطيع إقناع أي من الزعامات المسيحية بالتنحّي والتراجع عن مواقفها، ولكنه كان يريد إبقاء حلقة التواصل قائمة معهم على غرار الزعامات الأخرى، ولا سيما مع الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. وتكشف الأوساط ذاتها، عن صعوبة بالغة في حصول أي خرق على جبهة الاستحقاق الرئاسي، وهو ما يردّده رئيس الحزب الإشتراكي أمام زواره غالبية الأوقات، لكنه على الرغم من ذلك، يترقّب لحظة إقليمية معيّنة من شأنها أن تضفي مناخاً إيجابياً يسمح بفتح كوّة في الجدار المسدود، والولوج إلى تسوية من شأنها إنتاج رئيس للجمهورية.
ومن جهة أخرى، وبالنسبة للجولات التي قام بها جنبلاط أخيراً، وبشكل خاص بعد اللقاء الأخير مع الدكتور سمير جعجع، لم تستبعد الأوساط أن ينتقل جنبلاط في المرحلة المقبلة إلى القيام بجولات خارجية، وتحديداً إلى أوروبا، وبشكل خاص روسيا التي كان من المفترض أن يزورها منذ أشهر ولكنه عدل عن ذلك بسبب عدم توافر الأجواء المحلية والإقليمية المناسبة، وعدم اقتناع زعيم المختارة بالنصائح التي أسداها إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في آخر لقاء جمعهما في موسكو. وكانت هذه النصائح تشير إلى أن النظام السوري بـاقٍ رغم كل التطوّرات العسكرية في المنطقة، وأنه على جنبـلاط أن يـغيّر موقفـه من الرئيس السوري بشّار الأسد. وعلى الرغم من هذا الواقع، فإن لقاءات رئيس الإشتراكي مع السفير الروسي في بيـروت أوليـغ زاسبـيكين مستمرة لاستكشاف أجواء الوضع الإقليمي وتحديداً الصراع السوري، ولذلك يتردّد عن توجّه جنبـلاطي لزيارة موسكو قريباً بهدف استشراف المرحلة المقبلة.
من جهة أخرى، لاحظت اوساط متابعة لحراكه، أن سيد المختارة يركّز في مواقفه الأخيرة على إبقاء حلقة التواصل والتنسيق قائمتين مع السنّة بداية، ما تطرّق إليه خلال زيارته إلى شبعا، ثم دعوته لإعادة بناء جامع المختارة، وإشادته بموقف الرئيس سعد الحريري الأخير، وهنا ترى الأوساط، أن ذلك بهدف إعادة ربط العلاقة مع السعودية، والتي لا تزال فاترة قياساً على ما كانت عليه منذ الإنقلاب على حكومة الرئيس الحريري، وقد تستدعي قيام الوزير وائل أبو فاعور إلى الرياض للتشاور مع المسؤولين السعوديين، حيث بات أبو فاعور مع نجله جنبلاط تيمور مكلّفاً هذا الملف، وتنسيق العلاقة مع المملكة العربية السعودية، كذلك، وعلى هذه الخلفية جاء موقفه من جبهة «النصرة»، وإن سبّب له حرجاً وردّات فعل من قبل الكثيرين، وتحديداً عند «حزب الله» وفي 8 آذار بشكـل عام، إذ يدرك جنبلاط هذا الثقل السنّي في البقاع الغربي وفي منطقة حاصبيا، وأيضاً انتشار الدروز في الخليج بأعداد كبيرة، ما أدّى إلى اتخاذ مثل هذه المواقف بعدما وصلته رسائل تململ من دول الخليج والعربـية السعوديـة خصوصاً، وحتى جفاء مع تيار «المستقبل» على خلفيـة بعـض المواقـف التي اتخـذها مؤخّراً، لا سيـما عنـدما ردّ مستهزئـاً بقـول البعـض إن قتـال «حـزب الله» في سوريا هو من أتى بـ«داعـش» إلى لبـنان.
وأخيراً، فإن المحيطين بجنبلاط يشيرون إلى أنه خائف ولديه هواجس كثيرة من وضع المنطقة وتمدّد الإرهاب إلى لبنان، والخوف الأكبر ما يتمحور حول الصراع السنّي ـ الشيعي، إلا أنه هادئ بعدما فتح قنوات التواصل مع الجميع واستطاع أن يلجم بعض حالات التطرّف داخل طائفته أثناء جولاته على البلدات والقرى الدرزية، ولا سيما في الساحل حيث التلاصق والامتداد الدرزي ـ الشيعي.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...