رسمت التطورات الامنية الداخلية صورة سوداوية عما يمكن ان تؤول اليه الاوضاع اللبنانية التي تنحو في اتجاه انحداري ، مع اتجاه الانظار السياسية والامنية الى المخيمات الفلسطينية من جديد ، على ما درجت العادة ، بعد تحولها الى بؤر امنية وملاذ للجماعات الاسلامية السلفية المتشددة، على حدّ قول مصادر متباعة لملف المخيمات وغرف عمليات تدير الخلايا المنتشرة وتنسق فيما بينها، بخاصة عين الحلوة، ما يرخي بظلاله على الوضع العام بانتظار ما ستحمله الايام المقبلة من تطورات تتراوح بين استمرار الحملات وتصاعدها وبين انقلاب السياسيين تحت ضغط الشارع المأزوم، في محاولة لاعادة رسم المشهد اللبناني بما يطرح التساؤلات حول انخراط لبنان في الحرب المعلنة على الارهاب.
فالخلايا النائمة التي استيقظت دفعة واحدة وتحركت بنشاط من طرابلس إلى بيروت مروراً بصيدا وصولاً إلى ما بعدها في شبعا ، اكدت حراجة الموقف الداخلي والمحاولات الجادة لمحاصرة الجيش وتشتيت قواه التي تخوض حربا بلا هوادة في مواجهة الارهاب ، حيث بات السباق محموما بحسب مصادر بين تفكيك الخلايا ومحاصرتها او تحول لبنان الى عراق ثان ، خاصة بعد ان وفرت معركة طرابلس الاخيرة الغطاء السياسي بحده الادنى الذي بقي غائبا لوقت طويل، فتحرك الجيش في عملية امنية استباقية ومباغتة باتجاه صيدا لتوقيف مشتبه بهم بالتحضير لعمليات أمنية، استكمالا لحملته الشمالية.
عملية جاءت على خلفية الرصد والمتابعة الامنية الحثيثة بمواكبة من اجهزة استخبارات غربية وعربية للجماعات الموجودة داخل عين الحلوة ، حيث تمكنت من رصد سلسلة اتصالات جرت مع الساعات الاولى لاندلاع معركة طرابلس بين مسلحي الشمال وعدد من المجموعات داخل مخيم عين الحلوة، لاسيما مجموعات بلال بدر وهيثم الشعبي، تطلب منهم الدعم والمؤازرة.
ساعد على ذلك ، بحسب مصادر عسكرية ، الخطة الامنية الاستباقية والوقائية العالية السرية، التي فرضتها على القوى الامنية والعسكرية اللبنانية ، والتي وضعت بموجبها انصار الشيخ احمد الاسير في دائرة الرصد والمراقبة بعد سلسلة التحركات التي قاموا بها ، شملت مراقبة الخلايا النائمة في المخيمات العشوائية للنازحين السوريين في الجنوب من صيدا الى شبعا، كذلك مراقبة تحركات الخلايا المؤيدة والداعمة لكتائب عبدالله عزام في مخيم عين الحلوة، خشية اقدامها على اي عمل ارهابي، في ظل تفعيل التنسيق بين القوى الامنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية، من خلال فريق ارتباط يعمل على دوام الساعة، واجتماعات دورية لتبادل المعلومات ،لنزع فتيل اي توتير وعدم السماح لتلك الجماعات بالقيام بأي عمل تخريبي حفاظا على أمن المخيم وجواره.
امر دعمته التحقيقات مع عدد من الموقوفين تضيف المصادر، ابرزهم احد معتقلي خلية صيدا ، البالغ عدد اعضائها سبعة، احمد عدنان شرف، التي بينت طلب مجموعات شمالية فتح جبهة انطلاقا من مخيم عين الحلوة لتخفيف الضغط عن طرابلس ، حيث ابدى مناصرو الشيخ احمد الاسير استعدادهم للمشاركة في القتال وتنفيذ المطلوب منهم ، من خلال استهداف مجلس عاشورائي في مجمع الزهراء في حارة صيدا واطلاق النار على مركز مخابرات الجيش في التعمير واغتيال الشيخ ماهر حمود ، لتندلع بعدها الاشتباكات على محوري عين الحلوة وصيدا القديمة بعد ان يفر باتجاهها افراد الخلية.
مصادر فلسطينية مطلعة اكدت ان المخيم شهد فجر الاحد اجتماعا عاصفا بين قادة المجموعات الاسلامية من «فتح الإسلام» و«جند الشام» والآخرين المرتبطين بالفكر القاعدي وبكتائب عبدالله عزام، في قاعة عرب زبيد في المخيم ، ضم الشيخ أسامة الشهابي، جمال حمد، رائد جوهر، محمد جمعة، زياد الشهابي، يحيى أبو السعيد، زياد أبو النعاج، هيثم الشعبي، بلال بدر وتوفيق طه وأبو جمرة الشريدي وأبو بكر بهاء الدين حجير، حيث جرى نقاش مطول وساد انقسام في الرأي حول «نصرة الشمال» انفض على اتفاق على عدم التحرك والقيام بأي مغامرة عسكرية لان افقها مسدود ومحكومة بالفشل. وتؤكد المصادر ان الضغوط التي مارسها «انصار الله» و«عصبة الانصار» كان لها دور اساسي في القرار الذي تم التوصل له كذلك الانذار الذي وجهته فعاليات المخيم الى تلك المجموعات .
وفي هذا الاطار ابدت المصادر الفلسطينية خشيتها من التداعيات غير المحسوبة لطلب الدولة اللبنانية تسليمها جميع كوادر الأسير وعناصره، تحت طائلة التحرك وفق «كل الوسائل المتاحة»، سيما ان الهدف من هكذا خطوة يتخطى القضاء على الارهاب الى المس بتسويات عربية واقليمية ودولية قامت على مقايضات سياسية وامنية تتخطى الحدود اللبنانية، متخوفة من امكانية انفجار الوضع داخل المخيمات في حال اصرار الدولة على تسليمها المطلوبين لان ميزان القوى حاليا يميل لمصلحة المتطرفين ، كما ان اي عملية استدراج او ابعاد لاي من المطلوبين على غرار الحالات السابقة من نعيم عباس وغيره ، لا قدرة للمخيم على احتمالها وستؤدي الى انفلات الوضع ، كاشفة ان الشيخ الاسير لم يعد يمتلك فعاليته السابقة وان كان متوارياً داخل المخيم، وان مجموعاته تعمل على اكثر من خط ومع اكثر من جهة ، مؤكدة ان مسؤولا رفيعا كان يملك المعطيات الكاملة عن مكان وجوده قبل ان يختفي عن الانظار ويفقد اثره منذ حوالى الاسبوعين.
من جهتها اشارت المعلومات الى ان الجهات الفلسطينية عقدت اجتماعا موسعا في مقر السفارة الفلسطينية وبحضور السفير الفلسطيني لمناقشة مسألة تسليم المطلوبين دون ان تبلغ قرارها بالموافقة على طلب القوى الامنية التي لا تزال تنتظره،علما ان المسؤولين الفلسطينيين ابدوا قدرتهم على ضبط تحركات المتطرفين الذين يختبئون في المخيمات ،مشددين على انهم يراقبونهم عن كثب، كاشفة عن اتصالات تجري بين الاجهزة الامنية اللبنانية وبعض الاجهزة الامنية الفلسطينية لمنع تحويل المخيمات وقوداً لاشعال النار الطائفية والمذهبية، بعد ورود تقارير أمنية تنبه من أن شرارة أحداث أمنية لإثارة فتن ستنطلق من المخيمات وسيقوم بها متطرفون من داخلها.
وتكشف المصادر ان احدى اهم الثغرات التي يعاني منها الوضع الامني هو في كيفية التعاطي مع المخيمات الفلسطينية، التي تحولت الى بؤر امنية من برج البراجنة الى الرشيدية وصولا الى عين الحلوة والمية ومية، راكم من مشاكلها موجات النازحين الفلسطينيين من سوريا ، المحسوبين بغالبيتهم على الحركات الاسلامية ، والذي توزعوا بحسب الاحصاءات الفلسطينية: 600 في المية ومية و7000 في عين الحلوة .
يبدو ان للمخيمات الفلسطينية في كل عرس لبناني قرص ، بحسب ما تبين الوقائع في كل مرة وهو ما اثبتته التحقيقات مع الموقوفين في الاحداث الاخيرة التي امتدت من الشمال الى الجنوب مرورا ببيروت ، التي لا تقل خطورة مخيماتها خطورة بعد انتشار مجموعة من القناصين المحترفين فيها من جنسيات اجنبية اسيوية خاصة قادرين على قطع التواصل في العاصمة وقد قاموا باكثر من عملية انتشار في الفترة السابقة على خلفية احداث معينة جرت اتصالات على مستويات عالية لتطويقها.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...