انحسر صخب العمليات العسكرية ليعود الى حجمه الطبيعي من خلال العمل الامني الاستباقي والوقائي،مع استمرار الجيش والقوى الأمنية بحملات الدهم والاعتقال للمطلوبين والمشبوهين، حيث اثبتت الاجهزة المعنية نجاحها الكبير في الايقاع بعدد كبير من الشبكات والرؤوس الارهابية، مسددة الضربات والاهداف في شباك الارهاب، معززة المظلة الدولية الحامية للاستقرار الامني الداخلي، بعمل دؤوب كفيل بسد اي ثقوب قد تلحق بها.وما تسليم الجندي الفار عمر خالد شمطية نفسه إلى مخابرات الشمال، بعدما كان قد أعلن انشقاقه في وقت سابق، الا دليل جديد على انهيار تكتيكات الجماعات الارهابية المراهنة على شق الجيش، لتبدأ مسيرة عودة الضالين.
تبين خريطة انتشار الخلايا الارهابية، بحسب الامنيين المتابعين لملفاتها، انفلاشها على رقعة واسعة من الاراضي اللبنانية، وان بدت للوهلة الاولى محصورة في مناطق من مذهب ديني معين، وجدت فيها ملاذا يبعد عنها الشبهات، حيث يؤكد مصدر امني مطلع انه مع كل اكتشاف لمخطط احداها كان يتبين انها تعمل بالتنسيق مع اخرى في منطقة بعيدة جغرافيا، حيث عمد المخططون الى اعتماد استراتيجية الضربات المزدوجة بهدف تشتيت الجهود الامنية والعسكرية، مبديا اعتقاده بأن ما حصل منذ ايام في طرابلس كان للالهاء عن المخطط الاساسي والاخطر الذي كان يجري التحضير له جنوبا، في ظل التقارير الموجودة لدى المعنيين والتي تقاطعت مع معلومات وفرتها جهات خارجية، عن ان ما يصطلح على تسميته «بعرسال 2» لن يكون الا «صيدا 1»، في محاولة لاعادة عقارب الساعة الى العام 1975، نظرا لحساسية اي مواجهة في عاصمة الجنوب.
فمن اعترافات احمد ميقاتي، مرورا بداتا الاتصالات وصولا الى «صيد الصدفة» في صيدا الذي اسقط خلاياها، خيط واحد ربط الجميع قاد في نهايته الى احمد الاسير المتخفي داخل مخيم الحلوة على حدّ قول المصدر الامني وعينه على صيدا ليستعيد امارته التي خسرها من بوابة عين الحلوة وبالتحالف مع كتائب عبد الله عزام – سرايا زياد الجراح الناشطة على خطي «داعش» و«جبهة النصرة»، حيث لا يوفر الناطق باسمها الشيخ سراج الدين زريقات، ابن المخيم نفسه، فرصة والا ويطل من خلالها، امتدادا الى ملف الاسرى العسكريين.
غير ان الشيخ الاسير الذي يبدو واقعا بين كماشة الاجهزة الامنية اللبنانية من جهة، والفلسطينية من جهة اخرى، والتي حدت كثيرا من حركته، ما زال تواجده في عين الحلوة خاضعا لتوازنات وتسويات اقليمية، انهت ذات يوم ظاهرة عبرا لتخرج من رحمها خلايا نائمة بالعشرات، لها اهداف محددة بدقة، ما يوحي بحسب المصدر بان دور الشيخ الاسير لم ينته بعد وان الدعم والغطاء الاقليمي الذي كان يحظى به ما زال موجودا، بل انه يؤمن الاموال اللازمة للجهات التي تحميه في عين الحلوة، وهو ما تبينه الحوالات المالية.
في هذا الاطار تؤكد مصادر امنية، يبين استعراض الواقع الامني لمدينة صيدا خطورة اي تدهور هناك، اذ ان معالجته تتطلب عديدا وعدة من الجيش يفوق ما استخدمه في معركة طرابلس ومحيطها باضعاف، والتي شارك فيها لواء مشاة وفوج تدخل فضلا عن فوج مغاوير البحر وفوج المغاوير. فصيدا بوابة الجنوب لا تزال حالة التعاطف فيها مع الشيخ احمد الاسير قائمة ولو بنسبة ضئيلة ولكنها كافية لتشكيل خلايا مسلحة تحاول في وقت معين تفجير الوضع.
وسط ذلك جاء القبض على خلية مسلحة مؤلفة من سبعة اشخاص مزودة باسلحة خفيفة ومتوسطة وتنسق مع «فتح الاسلام» و«جند الشام» في مخيم عين الحلوة، اظهر التحقيق مع افرادها ان المخطط للمدينة، كان يقضي بتفجير الوضع الامني هناك تضيف المصادر، تخفيفا للضغط الذي كان يتعرض له المتطرفون في طرابلس ومحيطها، من خلال خروج مجموعات مرتبطة بالفكر القاعدي من اتباع بلال بدر من عين الحلوة للاعتداء على الجيش في محيط المخيم، وكانت البوادر الاولى اطلاق قنبلة على نقطة الجيش في الفيلات، الا ان الجيش تمكن من احباط المخطط الذي كان سينفذ في وقت واحد لاشغال صيدا بتوتير امني وزج مخيم عين الحلوة في معركة مع الجوار اللبناني، وتمكن من القضاء عليه، مسقطا تكتيك المسلحين باعتبار ان اي توتر في صيدا يستلزم تحريك قوات كبيرة من الجيش باتجاهها باعتبار ان اي تفجير امني وبرأي المصادر:
– ستدخل على خطه التنظيمات المتطرفة الموجودة بشكل اساسي في مخيم عين الحلوة مما يعني زج هذا المخيم في المعركة. الامر الذي لم يتحقق نتيجة الضغوط التي مورست علة الجماعات الاصولية داخل المخيم واقتناع الاخيرة بعدم جدوى فتح المعركة مع الجيش.
– سيعني قطع الطريق باتجاه الجنوب حيث يقيم حوالى نصف مليون شيعي موالون بمعظمهم لحزب الله وامل حيث لا طريق لهم للعبور سوى من صيدا بالاضـافـة الى وجود تجمعات شيعية على تخوم صيدا وعين الحـلوة ابرزها حارة صيدا. وبحسب المتابعين لعل ذلك كان السبب الاساس في تسريع الحسم مع حالة الاسير لعدم قدرة حزب الله على تحمل قطع الطريق علـيه.
– بالاضافة الى التجمعات الشيعية هناك تجمعات مسيحية على تخوم المدينة وفي شرق صيدا، التي سبق وشهدت عملية تهجير واسعة في الثمانينات.
– سيؤدي الى قطع الطريق على القوات الدولية والجيش اللبناني باتجاه جنوب الليطاني حيث يطبق القرار 1701، رغم اقرار القوات الدولية بوجود خطة طوارئ تعتمد خطوط امداد عبر اسرائيل ومرفأ الناقورة فضلا عن مهبط طائراتها في الناقورة.
– قد يؤدي الى ضرب الوضع الداخلي للمدينة التي تتنوع فيها القوى من سرايا المقاومة الى التنظيم الشعبي الناصري الى الجماعة الاسلامية التي بدأت حملة تسلح لافتة وتيار المستقبل.
وتشير المصادر الامنية الى ان الوضع الامني في صيدا تحت المجهر والمراقبة الدقيقة وان كل الجهود تبذل لمنع اي توتر هناك على خط التعاون مع فعاليات المدينة التي دعمت القوى الامنية وفي مقدمها الجيش لوأد اي فتنة وكشف اي مخطط امني يستهدف المدينة من جهة، وعلى خط القوى الفلسطينية وفي مقدمتها القوى الاسلامية، من جهة ثانية، التي اجمعت على ان امن مخيم عين الحلوة من امن مدينة صيدا ولبنان، مؤكدة النأي بالنفس عن التجاذبات اللبنانية اضافة الى تحريم استهداف الجيش اللبناني ومنع ان يكون المخيم منطلقا لاي عمل امني.
في علم التحليل الامني، جعل تفكيك الخلايا في الشمال وقطع خطوط التواصل بين مخيمات النزوح في عرسال والجرود، من مخيم عين الحلوة المكان الوحيد تقريبا الذي يمكن أن يستخدم لأغراض ارهابية ونقطة الانطلاق لانتحاريين، مع تجمع قادة الارهابيين وغرف عملياتهم فيه، والذي يظهر ان الشيخ احمد الاسير مرشح للعب دور اساسي في المرحلة المقبلة.
فهل ينجح في مهمته ؟
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...