الحوار المرتقب بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» يأتي على خلفية المثل المعروف «مكره اخاك لا بطل»، لا سيما ان الاحتقان السني – الشيعي بلغ اعلى سقف منذ اندلاع الاقتتال في سوريا وتداعياته على الساحة المحلية البالغة الهشاشة. واذا كانت الاوساط المواكبة لحركة الطرفين ترى ان الحوار بينهما لن يجترح المعجزات لجهة الحلول، الا انه يبرد الصفيح الساخن نسبيا لحين انضاج الحلول في المطابخ الدولية. لكن السؤال المطروح انه اذا كان فريقا الحوار سيناقشان ملفات رئاسة الجمهورية ومسألة ملء الشغور وقانون الانتخاب العتيد، وتجنب الخوض في الملفات الخلافية من سلاح المقاومة وصولا الى قتال حزب الله في سوريا، فاين المسيحيون في المعادلة، لا سيما ان موضوع الرئاسة شأن اساسي في كينونتهم؟ ولماذا باتوا ملحقا في الامور التي يجب ان تحصر بهم على غرار العرف المتبع لدى السنة والشيعة في مسألة رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب ولماذا لا ينسحب الامر على المسيحيين كما الاكثريتين المذكورتين؟
اوساط مسيحية تجيب ان وضع المسيحيين يتلخص بالمثل المعروف «على نفسها جنت براقش» واذا كان «لبنان غورو» كما يسميه النائب وليد جنبلاط هو صناعة مارونية بامتياز فان الموارنة كونهم رأس حربة الساحة المسيحية لم يتعلموا درسا واحدا من تاريخهم الحافل بالدمار والدموع، فهم لجأوا الى لبنان هربا من الاضطهاد الذي واجههم على مر العصور حيث لم يرحمهم احد من الغزاة الذين تعاقبوا على الارض اللبنانية، ولكن الموارنة بفعل تناحرهم اضاعوا البلد واضاعوا معظم مكوناته، فلا غرابة ان يطلق عليهم جنبلاط في احدى زياراته صفة «الجنس العاطل».
وتضيف الاوساط ان الموارنة لم يتعلموا من تجاربهم منذ احداث 1860 ابان الفتنة الدرزية – المارونية وان صراع «شيوخ الشباب» آنذاك وهم يوسف بك كرم وطانيوس شاهين وابو سمرا غانم ويوسف الشنتيري حول من يكون القائد، ادى الى احراق بعبدا واجتياح زحلة وربما «القائد» لعنة تلاحقهم، فهم اشبه ما يكونون كالعرب في توصيف ابن خلدون لهم في كتابه المقدمة بقوله «لم يدخل العرب ارضا الا وسبقهم اليها الدمار لانهم لم يقاتلوا كما تقاتلوا». ولعل اللافت ان التاريخ غالبا ما يتكرر على الرقعة المارونية، ففتنة 1860 انتجت نظام المتصرفية وكانت السلطنة العثمانية تعين حاكما مسيحيا تركيا لجبل لبنان على قاعدة ان الموارنة لا يتفقون على حاكم منهم، وهذا ما تجلى في حروب العبث اللبنانية في سبيعنات وثمانينات القرن الماضي، حيث سقط شهداء للموارنة في صراع احزابهم اكثر مما سقط لهم على حدود التماس، واذا كان الراحل بشير الجميل قد وحد البندقية المسيحية بالقوة بجمعه كافة المقاتلين تحت راية «القوات اللبنانية» الا انه مع رحيله عاد الموارنة الى سابق عهدهم في الاقتتال الداخلي من انتفاضات «القوات» على «الكتائب اللبنانية» وصولا الى الصدام الكبير بين العماد ميشال عون و«القوات» في حروب الالغاء التي احرقت ما يسمى آنذاك المنطقة الشرقية، وفي النهاية انتجت اتفاق «الطائف» الذي جرم صلاحيات الكرسي الاولى وحولها الى موقع بروتوكولي كون صلاحيات الوزير في وزارته اهم بكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية.
وتشير الاوساط المسيحية الى انه من الغرابة بمكان ان ينتقل صراع الديوك الموارنة حول رئاسة الجمهورية ليكون الملف الاكثر سخونة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» لا سيما ان «التيار الازرق» تبنى ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع للرئاسة الاولى في وقت دعم «حزب الله» عون كمرشح للرئاسة، فهل يؤدي حوار «الزرق» و«الحزب» الى التوصل الى «رئيس توافقي» ام ان عدوى «القائد» ستنتقل الى المتحاورين ليتساوى الجميع في الخلافات، ويسقط الهيكل على من فيه؟
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...