مع مطلع العام 2015 حصل تطوّر غير مسبوق في تاريخ العلاقات اللبنانية – السورية تمثّل في فرض لبنان تحت عنوان «معايير جديدة لتنظيم دخول السوريين إلى لبنان والإقامة فيه» سمات دخول على السوريين، وهذا الإجراء الذي بدأ سريانه في الخامس من الجاري، تم التعاطي معه على انه في سياق استكمال السياسة التي كان باشرها لبنان لتقييد دخول السوريين اليه، بعد ان وصل عددهم منذ العام 2011 نحو مليون ونصف المليون نسمة.
اذا وبعد فرض هذه التأشيرة على السوريين، إتخذ القرار نسبة كبيرة من الجدل بين مؤيد ومعارض، فيما اتى الرفض المطلق من دمشق وعلى لسان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، الذي إعتبر « بأن القرار غير المقبول على الاطلاق، مؤكدا استعداد سوريا الدائم للتعاون مع لبنان لمعالجة أزمة النازحين، لكن القرار المذكور يناقض الاتفاقات الموّقعة بين البلدين، وأي تغيير فيها يتطلّب حواراً بين الدولتين، مشيراً الى ان بلاده لم تتبلّغ بالقرار رسمياً ولم يناقشه معها أحد، وفي حال أغلقت سوريا الحدود أمام الشاحنات سيتضرّر لبنان أكثر مما تتضرّر سوريا».
إنطلاقاً من هنا برزت مخاوف عدة من تفاعل مسألة هذا الاجراء، خصوصاً في حال أقدمت الحكومة السورية على الرد عبر إقفال الحدود، وسُجّل على خط السياسة اللبنانية عدم وجود إجماع كما في أي مسألة، وبرز في طليعة المعارضين رئيس مجلس النواب نبيه بري، فضلاً عن رفض وزراء 8 آذار الذين اشاروا الى وجود اتفاقيات ثنائية بين لبنان وسوريا تنظم علاقة الشعبين ويجب احترامها، في ظل تحضيرهم لخطوات ضاغطة بهدف تعديل قرار التأشيرة وإتخاذ الاجراء المناسب مع الحكومة السورية بحسب ما اوضحت مصادرهم.
اما على الخط المناقض أي خط قوى 14 آذار، فتؤكد مصادرها لـ «الديار» الرفض المطلق لتلك الاتفاقيات التي مرّ عليها الزمن، ولم تعد تنفع منذ خروج الجيش السوري من لبنان في نيسـان 2005، لان جذور الـقربى والتـاريخ لا تعني التضحية بكل شيء، مؤكدين سعـيهم لإلغاء معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق مع سوريـا، لان التاريخ والجغرافيا لا يفرضان على الجار تحـمّل أعباء جاره، فلبنان وصـل الى هذا المستـوى جراء تحـمّله تداعيات الازمة السورية منذ اكثر من ثلاث سنوات.
كما اشاروا الى رفضهم لإستمرار «المجلس الاعلى اللبناني- السوري»، وهو من الناحية العملية المفترضة يضع السياسة العامة للتنسيق والتعاون بين الدولتين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ويشرف على تنفيذها، كما يعتمد الخطط والقرارات التي تتخذها هيئة المتابعة والتنسيق ولجان الشؤون الخارجية والاقتصادية والاجتماعية والدفاع والامن او اية لجنة تنشأ في ما بعد، اذ تعتبر قرارات المجلس الاعلى إلزامية ونافذة المفعول في اطار النظم الدستورية في كل من البلدين.
«لكن لم يُطبّق شيء من هذا، تتابع مصادر 14 آذارلان هذه الشعارات بقيت حبراً على ورق اذ لم يشهد اللبنانيون اياً من هذه الخدمات على مدى سنوات، لذا كان ولا يزال هذا المجلس مصدر اشكال سيـاسي على السـاحـة اللبنانية»، سائلة: «عـن جدوى عمل هذا المجلس بعد قيام التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين؟، وبالتالي فإن استمراره يتناقض مع الاعتراف المتبادل بسيـادة كل دولة، ولماذا لا ُيعمل على شطب تـلك المرحـلة المريرة في العلاقات اللبنانية – السورية، والمضيّ بالعـلاقة المقبـولة اليوم نوعاً ما بين الدولتـين؟».
وشددّت المصادر المذكورة على ضرورة إلغاء مرحلة التبعية، وإنطلاقاً من هنا بات على المسؤولين اللبنانيين ان يطالبوا بإلغاء هذه الاتفاقيات لان صيغتها قد انتهت، ولبنان اليوم لم يعد كما في الماضي، مشددة على ضرورة حصر مهمة العلاقات بين لبنان وسوريا بمؤسسات الدولة فقط، والمطلوب من اللبنانيين والسوريين ان يتعظوا من الماضي، بمعنى أن يأخذوا جميع العبر والتطلّع نحو تجربة جديدة فيها علاقات صحيحة قائمة على الاحترام المتبادل.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...