ما لم يغادر «تيار المستقبل» موقع المعاداة لـ «حزب الله» وتقديم نفسه رأس حربة لاستهداف سلاحه، من خلال حملات المطالبة بنزعه، وربط الاستقرار الداخلي في لبنان، بسحب مقاتليه من سوريا، فان ورشة الحوار القائمة بين الطرفين، لن تنجز الا بعض الشكليات والدخول في مرحلة هدنة قد يطيح بها اي تطور ميداني في الداخل السوري، وبانتظار الوصول الى مرحلة البت بانتخاب رئيس جمهورية، وهو ملف يسلم الفريقان على انه ذات ابعاد اقليمية ودولية، فان الحوار لن يحصد الانجازات التي تكفل الاستقرار السياسي والامني.
هذا ما تراه اوساط سياسية متابعة محسوبة على فريق الثامن من آذار، التي تعتبر ان «تيار المستقبل» خطى خطوات جدية في الحوار مع خصمه السياسي «اللدود» «حزب الله»، وهي خطوات دفعت بالحزب الى التعامل مع هذه الخطوات بمسؤولية وطنية، ابعدت الطرفان عن «ألتشاطر على بعض»، وسط قناعة تسود في اوساط الفريقين، انه بمجرد ان يساهم الحوار في تنفيس الاحتقان المذهبي بين الساحتين السنية والشيعية، فان من شأن ذلك ان يريح الساحة اللبنانية المليئة بالملفات السياسية والامنية الشائكة، لن يكون اخطرها ملف القوى الارهابية المتمركزة في جرود عرسال وتعقد ملف العسكريين اللبنانيين التي تختطفهم «داعش» و«النصرة».
وتلفت الاوساط، الى ان الجدية التي اتسم بها حوار «المستقبل» ـ «حزب الله»، كبح جماح «المتطرفين» من حلفاء الطرفين، ووضعهم امام المسؤولية التي تستدعيها مخاطر المرحلة، على الرغم من الاشارة التي اطلقها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه يوم الجمعة الماضي، وقوله من ان هناك من لا يريد الاطراف السياسية ان تتحاور، فيما الايجابية التي غلبت على خطاب نصرالله بشأن الحوار مع «المستقبل»، اوحت بان هناك رضى على اجواء الحوار، سيما وان «حزب الله»، ومنذ اندلاع الحرب على سوريا، اتجه في سياساته وسلوكياته السياسية الى تفكيك الالغام السياسية في الداخل اللبناني، وبخاصة مع «المستقبل» الذي يشكل الطرف الاكثر تمثيلا في الشارع السني، مع علمه ان جهات تدور في فلك «المستقبل» ما تزال تنظر الى القوى الارهابية المتمركزة في الجرود العرسالية، على انها «المخلّص» من العبء الذي يشكله «حزب الله»، بنظرها، والحد من «تهديداته»، بحيث تراهن هذه القوى على تأثير هذه القوى على تنامي دور الحزب الذي تجاوز حدود لبنان، فيما كانت رؤية «المستقبل» تجاه القوى الارهابية واضحة ومتشابهة مع «حزب الله»، على الاقل من الهجوم الارهابي الذي تعرضت له صحيفة «شارلي ايبدو» الكاريكاتورية، حيث اوعز الرئيس سعد الحريري الى المشرفين على صحيفة التيار الالتحاق بحملة Je suis Charlie، تنديدا بالهجوم «الاسلامي» على صحيفة فرنسية، وفي الانفجار الذي استهدف مدنيين في جبل محسن.
ولا تستبعد الاوساط، ان تلجأ القوى الارهابية الى ترجمة تهديداتها ضد قوى وهيئات سياسية لبنانية، بعيدة عن فلك «حزب الله»، ومن بينها «تيار المستقبل»، بعمل ارهابي، عقابا على مواقفه التي برزت في الآونة الاخيرة، تجاه المنظمات الارهابية، وبخطوته الحوارية تجاه «حزب الله»، وتقول..ربما ينتظرون المسار الذي سيرسمه الحوار «غير المرغوب فيه»، وعقابا على ما فُسّر على انه رفعٌ للغطاء السياسي الذي حظيت به القوى الارهابية في المرحلة السابقة، من خلال اصوات نيابية ووزارية قدمت «غزلا» سياسيا لها، في وقت رفع فيه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط «تهمة» الارهاب عن «جبهة النصرة»، وكاد يصفها بـ «حركة تحرر وطني»(!)، استجابة لمراهنته على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد خلال اشهر قليلة، وهو رهان يبتعد شيئا فشيئا عن حقيقة الميدان السوري، وهي النظرة نفسها التي يراها «المستقبل»، وان من دون مجاهرة.
لكن الاوساط، تطرح تساؤلات حول «حوار الممكن»، وما سيخرج به، وهل سيكون حوار فك نزاع ؟، تجميد ملفات ساخنة ؟، تجاوز القطوعات الامنية المستندة الى اشتعال الصراع السني ـ الشيعي على مستوى المنطقة ؟، ام محاولة لتهدئة الداخل اللبناني.. في ظل سخونة في علاقات الراعيين الاقليميين للطرفين، السعودية وايران؟، ام هو حوار يمكن ان يُعوّل عليه في اعادة بناء الثقة المفقودة التي من شأنها ان تؤدي الى اراحة الاوضاع الداخلية والتأسيس للتفاهم على رئيس جمهورية؟، ووفق اي شروط ؟، وما هو حجم التنازلات المطلوبة في الرهان على نجاح الحوار؟، وهل باستطاعة الطرفين ان يتجاوزا المستحيل، فـ «يتحرّرا» كليا من شبكة التحالفات والعلاقات، في الداخل والخارج؟، وهي علاقات وصلت في المستوى الاقليمي الى حد الوصاية.
الاوساط نفسها تُخفف من وطأة التساؤلات الصعبة بالقول، ان السعودية راعية «تيار المستقبل» سياسيا ومذهبيا، لن تجد حرجا في حوار «حليفه» اللبناني مع «حزب الله» ممثل ايران في لبنان وسوريا (!)، طالما انها تتعامل مع واقع تجاوز واقع الحوار مع «حزب الله»، فالجماعة الاسلامية في لبنان، وما تشكله من فرع لبناني لجماعة «الاخوان المسلمين»، لم ترم السعودية الحُرم السياسي عليها، وسمحت لـ «تيار المستقبل» بمواصلة علاقاته التحالفية معها، منذ الاطاحة بنظام «الاخوان» وحكم مرسي في مصر، على الرغم من «ألفتوى» السياسية التي صدرت عن السعودية، بحق تنظيم «الاخوان المسلمين» وادراجها على «لائحة الارهاب»، بحيث اجاز السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري لـ «المستقبل» الاستمرار في العلاقة مع «الجماعة الاسلامية»، مراعاة لمصلحة التيار في ذلك، للاستفادة من تحالفه مع الجماعة في الاستحقاقات الانتخابية وبعض الملفات السياسية، خاصة وان العلاقة بين الجماعة و«حزب الله» ما تزال متعثرة وهي اشبه بـ «ألقطيعة» بين الطرفين، على خلفية الموقف من الاحداث في سوريا، والتحاق الجماعة بسياسات «الاخوان المسلمين» في ساحات ما سُمي «الربيع العربي».
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...