على السجاد الأحمر ووقع الموسيقى، وصل الرئيس السوري بشار الأسد ليؤدي اليمين الدستورية رئيساً لسوريا لولاية جديدة من سبع سنوات، وذلك في مراسم بثها التلفزيون السوري مباشرة.
وأمام جلسة لمجلس الشعب عقدت في قصر الشعب الرئاسي، قدِم الأسد إلى القصر الواقع على تلة مشرفة على العاصمة في شمال غرب دمشق في سيارة “بي ام دبليو” سوداء اللون، وعرض ثلة من حرس الشرف، ودخل القصر ليؤدي اليمين أمام نحو ألف مدعو.
مخطط وأثمان
وبعد تأدية اليمين، أشاد الأسد بالانتخابات باعتبارها “إعلان انتماء حقيقي للوطن” و”معركة استفتاء على السيادة”. واعتبرها “رصاصة موجهة إلى الإرهاب، وملايين الرصاصات وجهت عبر صناديق الاقتراع”. وحيا ماهر الحجار وحسان النوري لخوضهما الانتخابات.
وخاطب مواطنيه بأنهم “شعب لا يخشى التحدي بل يهواه”، بينما “كل امبراطوريات السياسة والإعلام والنفط لا تساوي شيئاً أمام موقف وطني صادق”. وأشاد بـ”الشعب السوري الذي لم يقرر الاستسلام” في وجه “حرب قذرة” يتعرض لها تتخطى “الوطن إلى الدفاع عن العديد من الشعوب” في وجه “الغرب الاستعماري الذي لا يزال على حاله” وينفذ “عدواناً خارجياً بأيد محلية”.
ووصف الأسد الثورة السورية بأنها “عدوان” و”مخطط للمنطقة وليس مطالب محقة لشعب مضطهد”، وقد استهدف “الإسلام الصحيح والمسيحية الأصيلة”. وقال إن المخطط بدأ في غزو العراق الذي جلب الإرهاب والتقسيم إلى المنطقة. وتساءل :”أليس ما نراه في العراق اليوم ولبنان وكل الدول التي طالها “الربيع المزيف” دليلاً على ذلك”. وأضاف :”هل كان علينا أن ندفع كل هذه الأثمان ليعرف البعض أنه بقلة وعيه الوطني خلق حاضنة للإرهاب” و”قاطعي الرؤوس وآكلي القلوب”.
“تخليص الرقة” وتحية حزب الله
وتعهد تخليص “الرقة الحبيبة” من “الإرهابيين” في إشارة إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”. ووعد “حلب الصامدة وأهلها الأبطال” بالعودة “آمنة مطمئنة”. وحيا الجيش السوري ومجموعات الدفاع الشعبية و”الأوفياء من أبناء المقاومة اللبنانية”. وقوبل بتصفيق طويل لدى ذكر “حزب الله” و”شهداء محور المقاومة”. وشكر إيران وروسيا والصين.
ورأى الأسد أنه لو كان “الربيع العربي حقيقياً لانطلق من بلدان التخلف العربي وأكثرها ممارسة للقمع والاستبداد والتي كانت وراء كل نكبة أصابت الأمة ووراء انحرافها الديني والأخلاقي والتي كانت سبب نجاح اسرائيل وبقائها في المنطقة. ولا أدل على ذلك من موقفهم الحالي حيال غزة. أين هم مجاهدوهم ولماذا لم يرسلوهم للدفاع عن أهلنا في فلسطين”. وأكد أنه “قريباً سنرى الدول العربية والإقليمية والغربية التي دعمت الإرهاب ستدفع هي الأخرى ثمناً غالياً، وسيفهم الكثيرون منهم متأخرين ربما بعد فوات الأوان”.
ووضع غزو العراق والعدوان الاسرائيلي الحالي على غزة وتقسيم السودان في الإطار نفسه، بينما اقتصر دور جامعة الدول العربية على استدعاء حلف شمال الأطلسي و”تذويب القضية الفلسطينية”. وأضاف أن “الإرهاب في سوريا قادم من 83 دولة”. وانتقد لا مبالاة السوريين حيال ما يجري في غزة، مميزاً “بين المقاومين الحقيقيين هناك والهواة الذين يلبسون قناع المقاومة حسب مصالحهم”، فالأزمات العربية ليست محلية منفصلة عما يجري في فلسطين.
وانتقد الأسد “العنتريات” التي يقوم بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان و”البندريات”، قاصداً بها الانبطاح. وهاجم “الإخوان المسلمين” بشدة، واصفاً إياهم بـ”إخوان الشياطين”. ودعا “من غُرر بهم إلى إلقاء السلاح”. أما “الخونة والعملاء”، فقد “نظفت البلاد نفسها منهم ولا مكان لهم بين السوريين”، وبينهم من خسر مفقوداً ومهجراً وشهيداً.
أي مرحلة جديدة؟
وفي نظر الرئيس السوري بشار الاسد أن الحل السياسي يُبنى على المصالحات وعودة الأمان و”المهجرين”. وأوضح أن المصالحات الداخلية لا تتعارض مع الحوار الوطني حول مستقبل الوطن وشكل الدولة. “أما القوى العميلة فلا نحاورها كسوريين بل كممثلين للدول” التي تمولها.
ورأى الأسد أن استخدام مصطلح “الحرب الأهلية” يعطي “الإرهابيين” ذريعة، بينما أثبت السوريون لحمتهم الوطنية و”الاندماج الكامل”، فـ”الجيش موحد، والمؤسسات موحدة، والناس مع بعضها في السوق والشارع”. وتحدث عن شبه إجماع بين السوريين على الدور الخارجي في الأزمة، وغياب الأخلاق كأساس لقيام الدولة ومحاربة الفساد.
وتطرق الأسد إلى قضايا مثل إصلاح التعليم والإدارة والمؤسسات الدينية ودور الإعلام الاستقصائي ودور المجتمع والأسرة، وهي أمور بدت تنظيرية منفصلة عن واقع البلاد المدمرة. وقد دعا إلى جعل مكافحة الفساد أولوية في المرحلة المقبلة.
وأشار إلى وجوب إعادة إعمار البنى التحتية التي تعرضت لهجمات “الإرهابيين”، خصوصاً أنابيب النفط والغاز. وأكد أن إعادة الإعمار هي عنوان إضافي للمرحلة المقبلة، وستبدأ في كفرسوسة بنهاية العام أو مطلع العام المقبل.
ودعا الأسد إلى “الانطلاق إلى مرحلة جديدة لبناء الوطن والقضاء على الإرهاب واستعادة كل من شذ عن الطريق الصحيح إلى الحاضنة الوطنية”، وإلى “علاقة تفاعلية بين الشعب وقيادته”.