قالت مصادر سورية لـ«الراي» إنه لا يمكن استبعاد امكان التنسيق الأمني بين تل أبيب وواشنطن تجاه الغارات الأخيرة التي شنتها طائرات إسرائيلية قرب دمشق، وهي محاولة لجس رد فعل الجيش السوري عليها، وهي جاءت بعيد زيارة «ناجحة» لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم مع وفد رفيع المستوى إلى موسكو، وأعلن خلالها المعلم التزام موسكو بتنفيذ عقود الأسلحة التي وقعتها مع سورية، الأمر الذي فسر على أنه يعني صفقة صواريخ «إس 300» المضادة للطائرات والصواريخ الاستراتيجية.
والغارتان الإسرائيليتان بذلك تمثلان رسائل لموسكو ودمشق بأن إسرائيل غير راضية عن اتمام صفقات سلاح جديدة بين الدولتين وأن ما عجزت عنه تل أبيب بالوسائل الديبلوماسية لثني الكرملين من تزويد دمشق بهذه الصواريخ التي ستقلب موازين القوى في الشرق الأوسط، ستعمل على احباطها بالقوة العسكرية ولو كلفها ذلك تصعيد خطير للتوتر في الشرق الأوسط، وسط قناعتها أن دمشق غير قادرة حاليا على فتح جبهة قتال مع إسرائيل بعد سنوات طويلة من انهاك جيشها من قبل المعارضة المسلحة، وبعد أن نجحت هذه المعارضة في تدمير ثكنات ومراكز انذار مبكر كانت تحيط بدمشق إن في غوطتيها الشرقية والغربية أو في هضبة الجولان والشريط المحاذي لفلسطين المحتلة مثل مركز تل الحارة الاستراتيجي الذي سيطرت عليه المعارضة قبل أقل من شهرين.
وبحسب المختصين فإن الغارتين تهدفان إلى اختبار مدى نجاعة الدفاعات الجوية السورية، أو ما تبقى منها، أو ما يمكن أن يكون قد وصل حديثا سواء من روسيا أو إيران، عبر استهداف أهداف حساسة تجبر الجيش السوري على استخدام دفاعاته وبالتالي الكشف عن هذه التقنية وعن مراكز الدفاعات الجوية السورية الحديثة على اعتبار أن مثل هذه الغارات تكون متابعة بدقة عبر الأقمار الصناعية سواء الإسرائيلية أو الأميركية.
وترى المصادر أنه ورغم الانهاك الشديد للجيش السوري وقواه ودفاعاته الجوية من قبل مسلحي المعارضة و«داعش» و«جبهة النصرة»، فإن إسرائيل والولايات المتحدة وحتى تركيا، ما زالت تحسب حساب ما يمكن أن يخفيه الجيش السوري من مفاجآت في المواجهات الموسعة، وفي حال اندلاع حرب على مستوى المنطقة. وبحسب ذات المصادر فإن تل أبيب لا يمكن أن تستبعد الفخ الذي سقطت به في حرب رمضان العام 1973 حينما تفاجأت بصواريخ «سام 6» الروسية الصنع التي استطاعت أن تقضي على معظم سلاح الطيران الإسرائيلي المتفوق حينها.
لكن ماذا يعني استمرار قيام إسرائيل بأكثر من عدوان على أهداف منتقاة بمحيط دمشق وفي الجولان دون رد فعل سوري عسكري مباشر؟ ترى المصادر أن ذلك وإن كان يشير إلى احتمال عدم قدرة الدفاعات الجوية على اكتشاف هذه الغارات قبل انجازها وخصوصا أنه يُستخدم لتنفيذها أعقد تقنيات الحرب الإلكترونية من التشويش والتعمية الرادارية، فإنه لا يعني بالتأكيد عدم توفر التقنية المضادة عند دمشق، والتي ربما تعمل وفق مبدأ ضبط النفس إلى أكبر قدر ممكن لتفاجئ أعداءها الخارجيين حين ساعة الصفر، لا أن تسمح لهم برصد مراكز مثل هذه الأسلحة المتطورة لتصبح لاحقا هدفا للمجموعات المسلحة المعارضة التي نجحت إلى حد كبير في تحييد قسم مهم من الدفاعات الجوية السورية بل وحتى المطارات العسكرية.