توقفت مصادر دبلوماسية في بيروت عند مسألة تنامي ظاهرة سفر الشبان اللبنانيين للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية التكفيرية في سوريا والعراق خصوصا أن هناك تقارير استخباراتية وأمنية عديدة تؤكد على أن ظاهرة سفر الشبان اللبنانيين للقتال الى جانب تنظيم داعش الإرهابي لم تتوقف ولم تتدنى وتيرتها منذ انطلاق الحملة الدولية – الإقليمية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لضرب واستئصال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا العراق. مضيفة بأن هذه الظاهرة المخيفة والمتنامية والمستمرة حتى اشعار آخر تطرح جملة تساؤلات وترسم عدة علامات استفهام حول البيئة الحاضنة التي تتحرك من ضمنها الشبكة التي يتم من خلالها عملية التواصل مع الشباب اللبناني لا سيما شباب الطائفة السنية من أجل غسل أدمغة هؤلاء الشباب وإقناعهم بترك عائلاتهم ليكونوا وقودا في الحرب الإجرامية الوحشية والبربرية التي تخوضها بكل ضراوة التنظيمات المتطرفة التكفيرية والتي تسبب بقتل وجرح وتشريد ملايين الابرياء في سوريا والعراق.
المصادر استغربت تقاعس الدولة اللبنانية بمختلف مكوناتها الرسمية والدينية والإجتماعية والمدنية في التصدي لهذه الظاهرة الغريبة والخطيرة، سيما ان دول كبرى في العالم قد انخرطت في الحرب على داعش بعد أن تنامى في داخلها ظاهرة هجرة شبابها للقتال في صفوف داعش، بحيث أن هذه الدول الكبرى قد وضعت في أولوياتها التصدي لظاهرة سفر شبابها نظرا للمخاطر الجسيمة والعواقب الوخيمة التي قد تلحق بمجتمعاتها وأمنها واستقرارها في حال قرر هؤلاء الشبان العودة إلى ديارهم في أوروبا وأميركا وغيرها من البلدان بعد أن يكون هؤلاء الشباب المغرر بهم قد تشربوا الفكر التكفيري الإرهابي ومارسوا شتى أنواع القتل والفتك في البلدان التي قاتلوا فيها وارتكبوا من خلالها أبشع جرائم الحرب وضد الإنسانية. مضيفة بأن هناك ضرورة للبنان الرسمي والشعبي ان يتنبه إلى ظاهرة سفر الشباب اللبناني للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية سيما أن هذه الظاهرة سوف تحمل معها في المستقبل تحديات وتهديدات كبيرة على أمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي وعيشه الوطني المشترك.
المصادر أشارت الى ان إعطاء الأولوية في لبنان لمسألة تشجيع الحوار الهادف إلى تخفيف الإحتقان السني – الشيعي في الشارع، والهادف أيضا إلى بلورة تسوية توافقية تؤدي إلى انهاء حالة الشغور المتمادية في موقع رئاسة الجمهورية، هو أمر ضروري إلا ان هذا الأمر لا يجوز أن يكون على حساب إعطاء الأولوية القصوى لتجفيف منابع الإرهاب التكفيري الداخلية التي توفر البيئة الحاضنة والمتفاعلة مع البؤر الإرهابية التكفيرية التي تجند شباب لبنان في صفوفها والتي أيضا تتولى تنفيذ المخططات الإرهابية المرسومة من خارج الحدود من أجل استدراج لبنان نحو الفوضى والفتنة ليكون مجددا ساحة صراع مفتوحة لتصفية الحسابات وخوض الحروب العبثية الدولية والإقليمية على حساب أمن واستقرار لبنان المهدد اليوم وأكثر من أي وقت مضى بفعل الخطر التكفيري القادم من وراء الحدود والنابع من داخل بعض المناطق اللبنانية بوجوده الكياني ودوره الحضاري كنموذج للتعدد والتنوغ والعيش المشترك في هذا الشرق.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر بارزة في 8 آذار، بأن هناك مخاوف في صفوف العائلات اللبنانية وخصوصا العائلات اللبنانية السنية في المناطق التي شكلت في الماضي والحاضر بيئة حاضنة ومتفاعلة مع الإرهاب التكفيري وعلى رأس هذه المناطقة تأتي منطقة الشمال التي شهدت منذ اندلاع الأزمة السورية نسبة عالية من التحاق عشرات الشبان اللبنانين بجبهات القتال مع الإرهابيين التكفيريين في سوريا، خصوصا أن هناك قوى سياسية أساسية في البلاد شجعت بقوة في بدايات الأزمة السورية حين كانت تلك القوى تراهن وتدفع بإتجاه تسريع اسقاط النظام السوري، على سفر الشباب للقتال في سوريا سوريا، وهناك نواب ومسؤولون تورطوا في هذه المسألة إلى درجات كبيرة…واليوم وبعد أن تغيرت المواقف لدى تلك القوى السياسية بخصوص مسألة التدخل في سوريا بعد أن تلاشت الأحلام والأمنيات بسرعة سقوط النظام سوري، فإن أحجام تلك القوى عن تشجيع سفر الشبان للقتال في سوريا لم يوقف عملية التجنيد والإستقطاب التي تتولاها اليوم العناصر الإرهابية التابعة في الشمال لتنظيم داعش وجبهة النصرة .
ولفتت الى أن المخاوف الجدية الموجودة لدى عشرات العائلات تتنامى إيزاء ما يجري من عمليات ممنهجة لإستدراج شباب لبنان للسفر بهدف القتال في صفوف داعش في سوريا والعراق خصوصا أن تلك العائلات اللبنانية تجد بأن القوى السياسية التي شجعت في الماضي على سفر الشباب هي اليوم متقاعسة ولا تقوم بدورها المطلوب لتوضع حد لعمليات تجنيد الشبان، كما أن تلك العائلات لم تلمس إيزاء ما يجري سوى أن دور كبار المسؤولين في الدولة اللبنانية شبه غائب في التصدي لهذه الظاهرة المخيفة التي تتولى إدارتها خلايا الإرهاب النائمة التي تستخدم شتى وسائل الترهيب والترغيب من أجل تجنيد الشبان وتسهيل انتقالهم الى جبهات القتال في سوريا والعراق حيث أن هناك العشرات من هؤلاء الشبان قد قتلوا خلال المعارك الضارية التي يخوضها تنظيم داعش في أكثر من منطقة سورية وعراقية،خصوصا أيضاً أن زج الشباب اللبناني في هذه الجبهات يتم بعد اخضاعهم لتدريبات عسكرية سريعة لا تكسبهم الخبرات والاصول العسكرية والقتالية اللازمة لخوض أهوال تلك المعارك العسكرية القاسية التي يخوضها تنظيم داعش على سبيل المثال في منطقة عين العرب «كوباني» في سوريا أو في منطقة الأنبار في العراق.
المصادر اشارت الى أن الجهود العظيمة الذي تبذل من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية على صعيد التصدي لهذه الظاهرة من خلال ملاحقة خلايا الإرهابية وتشديد المراقبة على المعابر الحدودية للحد من عمليات سفر وانتقال الشبان اللبنانيين،هي مسألة مهمة وضرورية وهناك انجازات حققتها الأجهزة الأمنية اللبنانية على هذا الصعيد من خلال تمكنها من إعادة عشرات الشبان ومنعهم من السفر سواء عبر الحدود أو عبر المطار حيث يسافر هؤلاء إلى تركيا ومنها يتم نقلهم عبر الأراضي التركية نحو سوريا والعراق ، إلا أن الإجراءات الأمنية على أهميتها تبقى غير كافية لوضع حد لهذه الظاهرة واستئصالها من جذورها والدليل على ذلك استمرار تكرار الإعلانات شبه الأسبوعية عن مقتل أحد الشبان اللبنانيين في المناطق الملتهبة في سوريا. وبحسب المصادر إن تعطيل سفر الشبان اللبنانيين الذين يشتبه بامكانية التحاقهم بالتنظيمات المتطرفة لا يمكن أن يحصل بشكل كامل وشامل من دون حراك نوعي للمرجعيات السياسية والدينية في الطائفة السنية الكريمة لبث التوعية في صفوف الشبان المضللين من قبل القوى الظلامية التي تستخدم اسم الإسلام والتعصب والتطرف سبيلا للتغلغل داخل الأحياء والبلدات السنية من أجل توفير البيئة الحاضنة التي تمكن تلك القوى من ممارسة أعمالهم المشبوهة في اغراء وأقناع عشرات الشبان بترك عائلاتهم والإلتحاق بصفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...