لا تزال المعارضة العسكرية تترقب نتائج ضربات التحالف الدولي العسكرية ضد «داعش» و«النصرة»، في الأيام المقبلة، وإن كانت لا ترى فيها حتى الآن إلا أنها تصب في صالح النظام السوري. ويشدد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة على أهمية تقديم الدعم اللازم لتتولى ميدانيا مهمة المعارك على الأرض وملء الفراغ، مؤكدا في الوقت عينه ضرورة أن تشمل الضربات إرهاب النظام وحلفاءه وليس فقط «داعش».
وقد يختصر عنوان جريدة «الوطن» السورية الرئيس، أوّل من أمس، والذي جاء فيه «واشنطن وحلفاؤها في خندق واحد مع الجيش السوري لمكافحة الإرهاب»، هذا الواقع إذا لم تسارع دول التحالف باتخاذ خطوات تنفيذية لجهة القرارات التي سبق أن اتخذتها، وفق ما يرى معارضون سياسيون وعسكريون على حدّ سواء. وهو ما يشير إليه عضو المجلس الأعلى للقيادة العسكرية في الجيش الحر، رامي الدالاتي، قائلا «حتى الآن النظام مرتاح أكثر من المعارضة. ضربات التحالف تخفّف عنه العبء، فيما تطال الضربات مواقع تابعة لفصائل تابعة للجيش الحر».
كذلك، ندد العقيد السوري المنشق رياض الأسعد، أحد أبرز قادة الجيش السوري الحر، بالغارات التي تتعرض لها التنظيمات المسلحة على الأراضي السورية، قائلا إنها تصب في صالح النظام. ورأى أن القوات الحكومية ستستفيد منها لاستعادة ما فقدته من الأراضي، مضيفا «الضربات التي لا توجه للنظام أولا هي ضد الثورة السورية، وضد الشعب السوري».
ومن جهته، أشار مصدر في الائتلاف، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن غياب التنسيق مع المعارضة سيؤدي إلى حالة من الفوضى في المناطق التي يسيطر عليها «داعش»، عند إخلاء مواقعه، موضحا «كذلك قد تكون النتيجة لصالح النظام ويعود هو ويتسلّم زمام الأمور إذا لم يقدّم الدعم اللازم للجيش الحر للتحرك ميدانيا».
ويبدو واضحا من خلال التصريحات والواقع العسكري على الأرض أن هناك حالة من الإرباك يعاني منها الجيش الحر بشكل خاص والمعارضة العسكرية بشكل عام «بعدما وجدنا أنفسنا بعيدين كل البعد عن الضربات العسكرية والتكتيكية التي يقوم بها التحالف الدولي»، وفق ما يقول الدالاتي، كاشفا في الوقت عينه أنّ اجتماعا سيعقد يوم غد في تركيا، يجمع ممثلين للكونغرس الأميركي وآخرين من «الجيش الحر»، للبحث في الخطوات القادمة في ما يتعلّق بالقرارات التي سبق أن اتخذها التحالف لجهة التدريب والتسليح.
مع العلم بأنّ التحالف، وعلى رأسه أميركا، كان قد أعلن أنّه سيقدّم الدعم للمعارضة المعتدلة. وأمس، أعلنت الرئاسة الفرنسية، في بيان لها، أنّ فرنسا «ستكثف دعمها» للمعارضة المعتدلة في سوريا وستعزز الأمن «في كل الأماكن العامة ووسائل النقل» لمواجهة التهديد الجهادي.
وما يثير مخاوف المعارضين هو أن ضربات التحالف بدأت تطال فصائل على صلة عسكرية مع الجيش الحر وبعضها منضو تحت مظلّة المجلس العسكري، مثل «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» اللذين ضربت مواقع لهما في اليوم الأول لبدء الضربات، في ريف حلب الغربي، وفق ما يشير الدالاتي، وأسفر ذلك عن مقتل مدنيين ومقاتلين. وفي موازاة ذلك، يؤكد دالاتي أن إقالة رئيس هيئة الأركان عبد الإله البشير، واستبدال ممثلي المجلس في الائتلاف بآخرين، يأتي في إطار إعادة ترتيب البيت العسكري، رافضا وضع الأمر في خانة التأثير السلبي على وضع المعارضة والجيش الحر. واعتبر أنّ ما حصل هو عملية إصلاحية في المجلس العسكري الذي يضم فصائل عدة، أهمّها «جبهة ثوار سوريا» و«حركة حزم» و«جيش المجاهدين» و«أجناد الشام» و«جبهة حق»، وغيرها. مع العلم بأنّ «حركة حزم» و«ثوار سوريا» من أبرز الفصائل التي تؤكّد معلومات عدة أنها صنفت ضمن التنظيمات المعتدلة في سوريا، ويتم التنسيق معها من قبل التحالف الدولي ضد الإرهاب لدعمها عسكريا وماديا.
وقد أقال المجلس العسكري، أول من أمس، رئيس هيئة الأركان العميد عبد الإله البشير، لـ«ضعف أدائه وتجاوز الصلاحيات الممنوحة له»، و3 من أعضائه هم العقيد قاسم سعد الدين، والعقيد عرفات الحمود، وفرج الحمود، لـ«تجاوزهم النظام الداخلي للمجلس وإشاعة بيانات كاذبة»، كما أعلن في بيان له. وكان رئيس الائتلاف السوري المعارض هادي البحرة قد طالب في الأمم المتحدة بمزيد من الأسلحة والدعم الجوي لتمكينه من محاربة تنظيم داعش وقوات النظام السوري في آن. وأعرب البحرة خلال اجتماع وزاري في الأمم المتحدة، لجميع الدول التي تدعم المعارضة السورية التي تعتبرها معتدلة، عن ارتياحه «لانضمام العالم إلى معركتنا ضد الإرهاب». كذلك طالب البحرة بـ«تسريع المساعدة» العسكرية لمقاتلي المعارضة السورية، داعيا «الأسرة الدولية، أشقاءنا وشقيقاتنا، إلى مساندة الجيش (السوري) الحر بواسطة الدعم الجوي».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما تعهد في 10 سبتمبر (أيلول) بزيادة المساعدة العسكرية للمعارضة السورية. وأقر الكونغرس، في 18 من الشهر نفسه، خطة تقضي بتجهيز وتدريب مقاتلي المعارضة حتى يتمكنوا من التصدي لتنظيم داعش ونظام الرئيس بشار الأسد.
وفي نيويورك، أكد دبلوماسيون أميركيون أن البنتاغون يعمل على تأمين هذه التجهيزات والتدريبات لا سيما بفضل تعاون السعودية، محذرين من أن الأمر قد يستغرق أشهرا.
في هذه الأثناء، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا عن التزامات جديدة بتقديم مساعدة عسكرية غير قاتلة بقيمة 115 مليون دولار. وفي هذا الصدد، أعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن تقديم 75 مليون دولار إضافية، فيما أعلن نظيره الأميركي جون كيري عن 40 مليون دولار، لا سيما على شكل أجهزة اتصال وآليات.