قال الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال عظة اليوم الأحد أن: ما يعكر تجليات رحمة الله ويعرقلها هو، بكل أسف، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة لدولة إسرائيل والامر بنقل السفارة الأميركية إليها.إنه بذلك يخالف قرارات الشرعية الدولية، ويتحدى الإرادة الدولية والإقليمية، ويوجه صفعة للفلسطينيين والمسيحيين المشرقيين والمسلمين وكل العرب؛ ويهدم جسور السلام بين إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية، ويشعل نار الانتفاضة الجديدة ويحول أورشليم “مدينة السلام” إلى مدينة حرب، وبذلك اعتداء على قدسيتها وعلى الله. فمن الواجب العودة نهائيا عن هذا القرار الهدام واعتباره كأنه لم يكن”.
وتابع: “كان قداسة البابا فرنسيس في المقابلة العامة صباح الأربعاء الماضي، قبل إعلان الرئيس الأميركي قراره، قد دعا إلى “الحكمة والتعقل من أجل تجنب إضافة عناصر توترات جديدة في مشهد عالمي مضطرب أصلا، ومطبوع بالعديد من النزاعات القاسية”. وذكر قداسته بأن “القدس مدينة فريدة ومقدسة بالنسبة لليهود والمسيحيين والمسلمين الذين يكرمون فيها الأماكن المقدسة لدياناتهم، وتمتلك دعوة خاصة للسلام” (الأربعاء 6 كانون الأول 2017).
وقال: “يجدر التذكير، في ضوء كلمات البابا فرنسيس، أن موقف الكنيسة الكاثوليكية، المعلن بفم البابوات، هو منذ سنة 1948، بدءا مع المكرم البابا بيوس الثاني عشر، أن تنعم القدس بنظام عالمي قانوني خاص ومضمون، يؤمن حماية الأماكن المقدسة الخاصة بالديانات التوحيدية الثلاث، والوصول إليها والمحافظة على عادات هذه الديانات وتقاليدها الموروثة من الماضي، معتبرا ذلك وسيلة ملائمة لتجنب إراقة دماء تلطخ المدينة المقدسة” (راجع رسالته العامة الصادرة في 24 ت1 1948: In multiplicibus). وكانت منظمة الأمم المتحدة قد اتخذت قبل سنة وتحديدا في 29 ت2 1947 القرار 181بجعل القدس “جسما منفصلا”، على أن يمتد على عشرة كيلومترات حوالي القدس“.
(Edmond Farhat: Gerusalemme nei documenti pontifici, pp.229-231).
أضاف: “يجدر التذكير أيضا بأن “الحكومة الإسرائيلية نفسها اعترفت بنظام دولي خاص لمدينة القدس في مذكرة بتاريخ 28 أيار 1950، أُرسلت إلى رئيس مجلس وصاية منظمة الأمم المتحدة، على أن يمتد هذا النظام على المدينة المصونة وحواليها على مساحة ثلاثة وأربعة كيلومترات مربعة، تؤمن فيها مشاركة الديانات التوحيدية الثلاث. وأكدت الحكومة الاسرائيلية يومهااستعدادها للمساهمة في خلق هذا النظام الدولي” (المذكرة، الفقرة 18، راجع Edmond Farhat ص 231).
نعم، لا يمكن التنكر للتاريخ. فالتنكر للتاريخ هو هدم وتزوير”.
وتابع: “إن آخر موقف للكرسي الرسولي عبر عنه القديس البابا يوحنا بولس الثاني، بعد لقائه بالرئيس الأميركي Jimmy Carter في 21 حزيران 1980، في عرض عن موقف الفاتيكان بشأن مسألة القدس والأماكن المقدسة قدمه الكرسي الرسولي إلى مجلس الأمن بست نقاط خلاصتُها: ضمانة خصوصية القدس كإرث مقدس مشترك للديانات التوحيدية الثلاث، وحماية الحرية الدينية فيها بكل وجوهها وحقوق مختلف الجماعات، وتأمين استمرارية ونمو النشاط الديني والتربوي والاجتماعي لكل جماعة، وتحقيق المساواة في التعاطي مع الديانات الثلاث بضمانة قانونية مناسبة بحيث لا تخضع لإرادة فئة واحدة (جريدة الأوسرفاتوري رومانو 30 حزيران 1980؛ إدمون فرحات، المرجع المذكور، ص358). هذا هو باب السلام في مدينة السلام اورشليم”.