مع عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، عادت وساطة المقرّبين للاسراع بإنعقاد لقاء يجمعه مع الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، لكن تبدو هذه الوساطة صعبة وتحوي جهوداً كبيرة بحسب مصادرها، لان مهمة جمع أوصال الساحة الاسلامية ليست على نار حامية اليوم، فالشرخ السياسي كبير بين الاطراف السياسية المعنية اي تيار «المستقبل وحزب الله»، فلا مستقبل للمصالحة بناء على المعطيات الراهنة، لذا تبدو أجواء المصالحة غائبة عن الشارع السنّي – الشيعي الذي يشهد انقسامات سياسية تتزايد قبل كل استحقاق.
فالعلاقة بين التيار والحزب على حدّ قول مصادر في 14 اذار شهدت سلسلة مراحل صعبة ابرزها: الصراع بين الفريقين بسبب الدور الذي أداه حزب الله في اخراج الحريري من رئاسة الحكومة، والاتهامات التي وُجهّت في المقابل الى كوادر من الحزب باغتيال الرئيس رفيق الحريري، ما اوصل الحالة السياسية بينهما الى مرحلة من التأزم يصعب حلّها، لتستقر اليوم على خلاف عميق بسبب مشاركة حزب الله في الازمة السورية الى جانب الرئيس بشار الاسد، ما اوصل العلاقة الى قطيعة، عملَ بعض الوسطاء على حلحلتها لكنها كانت تبوء دائماً بالفشل.
لكن ومع عودة الحريري الى لبنان بعد غياب لأكثر من ثلاث سنوات تشير المصادر نفسها الى ان النائب وليد جنبلاط عمل منذ لحظة وصوله على إعادة المحاولة لضبط الوضع السياسي المتأزم بين الفريقين، وإعادة الاجواء الايجابية وإن بصعوبة بين الحريري ونصر الله، في ظل معلومات بأن مهمته لاقت صعوبة، لذا ينتظر حلحلة الوضع الاقليمي امنياً ومن ثم سياسياً لبلورة المرحلة الضبابية اللبنانية المرتبطة بالتطورات التي تجري في المنطقة، املاً تحقيق هذا التواصل على يده بين الحريري نصر الله كي يطبّق شعاره اي الوسطية الحيادية التي تجمع ولا تفرّق…
وسط هذه الاجواء المتباعدة، تشير مصادر تيار «المستقبل» بأن الاتفاق على خطة عمل مشتركة لإزالة ألاجواء الملبّدة بين الفريقين أمر مستبعد حالياً، لان الشرخ كبير وهناك صعوبة في إلتحامه، والهوّة بينهما آخذة في الاتساع لان العوائق عديدة ابرزها: «الخروج من سوريا اولاً»، وتسليم السلاح غير الشرعي الذي أوجد اسلحة اخرى غير شرعية كرّد على ما يقوم به حزب الله، إضافة الى ضرورة إفساح المجال أمام الجيش لضبط الحدود مع سوريا، «لذا لا ننتظر تحقيق شيء من هذا» تضيف مصادر «المستقبل»، مشددة على ضرورة ان يعود حزب الله الى سياسة النأي بالنفس سواء في سوريا أو في العراق، ومن ثمّ الذهاب الى تفاهم حول مسألة السلاح غير الشرعي، لان السياسة الخاطئة للحزب أوصلت لبنان الى الهلاك، وبالتالي إستدرجت الإرهاب والتطرّف اليه، وختمت بالاشارة الى عدم وجود أي حاجة حالياً للقاء نصرالله.
وعلى خط حزب الله، فلا يزال رأيه خافتاً بخصوص عودة الرئيس الحريري الى لبنان والهبة السعودية المقدمة للجيش اللبناني في اطار الاسلحة الحديثة، فيما برز موقف يتيم لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي اشار الى إمكانية حدوث ايجابية في العلاقة مع تيار «المستقبل»، لكن مصادر مقربة من الحزب اكدت بدورها بأن الانفتاح موجود في اتجاه كل الاطراف السياسية في لبنان، ولا «فيتو» على احد لان الحوار مطلوب في هذه الظروف، اما بشأن اللقاء مع الحريري فهو بحاجة الى إزالة بعض العوائق، وبالتالي فالمرحلة تتطلب تبلوراً في عدد كبير من القضايا السائدة اليوم على الساحة السياسية.
صونيا رزق