تحت عنوان استخدام الارهاب لابتزاز «المهمة الغامضة» للائتلاف الدولي لمكافحة «داعش»، يتحرك تيار المستقبل وقوى14آذار لملاقاة الحلفاء الاقليميين لرسم معطيات جديدة على الساحة اللبنانية. هذه اجابة مختصرة لمن يسأل عن سر هذا التزامن بين هجمات المجموعات التكفيرية على الحدود وفي الداخل مع ارتفاع حدة الخطاب السياسي ضد حزب الله. فما هي الاهداف المضمرة؟ ولماذا يمكن تصنيفها «بالمغامرة»؟
اوساط ديبوماسية في بيروت تحاول شرح الموقف بالقول، ان انقرة تخوض «مغامرة غير محسوبة» عبر الاستفادة من الحرب على الارهاب للتخلص من عبء القضية الكردية، وما يحصل في الداخل التركي على خلفية المواجهات في عين عرب لا يحتاج الى الكثير من الشرح. في المقابل تعمل الرياض على خط مواز لاضعاف الاوراق الايرانية في المنطقة مستخدمة ما لديها من اوراق لابتزاز واشنطن في العراق وسوريا ولبنان وكذلك اليمن. فالمملكة العربية السعودية ما تزال «متحفظة» ازاء التعاون في العراق بعد ان فهمت متاخرة ان «ازاحة» المالكي لم يكن «كرمى لعيونها» . وفي سوريا لا تريد الرياض اي تعاون جاد الا بعد الحصول على ضمانات جدية بان تكون الخطوة التالية الاطاحة بالنظام السوري. وفي اليمن تستخدم اليوم ورقة «القاعدة» في مواجهة انصار الله لتخريب ما تراه انجازات ايرانية في «حديقتها الخلفية». طبعا لا يبدو ان لبنان خارج هذا البازار وتخوض المملكة عبر حلفائها «مغامرة» جديدة وما يحصل الان مرحلة «استطلاع بالنيران» لتغيير موازين القوى غير المتكافئة. ولكن كيف؟
الواضح من مجريات هذه الخطة، ان ثمة محاولة لاظهار عجز الجيش وحزب الله بحسب الاوساط، عن حماية الساحة اللبنانية من مخاطر الارهاب، ومن المفيد التذكير هنا بوجود تقاطع قطري- سعودي تقف حدوده عند الملفين اللبناني والسوري، فرغم الخلاف حول ملفات كبيرة في المنطقة وفي مقدمتها «الاخوان المسلمون»، توصل الجانبيين الى تحييد ملف الحرب الدائرة في سوريا وتداعياته اللبنانية عن هذا الخلاف، ولا يزال التنسيق الاستخباراتي بين الجانبين مستمرا على هذه «الجبهة». والترجمة الميدانية لهذا التعاون تحصل اليوم في جرود القلمون وعرسال مع توحيد جهود «الجيش الحر» «وجبهة النصرة» التي تستخدم «ورقة» ضغط على حزب الله والجيش اللبناني، سواء في ملف العسكريين المخـطوفين او عبر الهجمات العسكرية المتتالية في تلك المنطقة.
هذا «التناغم» العسكري تلاقيه في الداخل اللبناني تضيف الاوساط «جوقة» تعمل على ترجمة هذه الضغوط الى وقائع ضاغطة تهدف الى وضع حزب الله بين «فكي كماشة» الاستنزاف العسكري على الحدود والاستهداف السياسي بعناوين طائفية ومذهبية في الساحة الداخلية، في المقابل يواصل هؤلاء «تكبيل» الجيش اللبناني لمنعه من الحسم الامني والعسكري مع ابقاء البؤر الامنية المحمية سياسيا لتشتيت قدراته العسكرية وادخاله في مرحلة من الاستنزاف التي ستفضي في نهاية المطاف الى نتيجة مفادها انه عاجز عن القيام بواجباته في مكافحة الارهاب. ولكن كيف يمكن ان تتماشى هذه النظرية مع الاندفاعة السعودية لتسليح الجيش؟
اوساط سياسية رفيعة في 8 آذار لا ترى وجودا لهذا التناقض الا عند بعض «السذج» الذين يصدقون ان ثمة جمعية خيرية اسمها المملكة العربية السعودية تقدم عطايا مجانية دون مقابل. فهل ثمة من يصدق ان الهم السعودي ينحصر في قيام جيش لبناني قوي لحماية دولة لبنانية قوية دون اي مقابل؟ من يظن ذلك عليه ان يجيب عن سؤال جوهري يتعلق بالتوقف المريب لمشروع استخراج الغاز من البحر اللبناني؟ فهل لدى هؤلاء اجابة عن اسباب وضع هذا المشروع في «الدرج»؟ ولمصلحة من ابقاء لبنان على راس قائمة «الشحادين» الدوليين في العالم؟ ولمصلحة من بقاء لبنان في حالة عوز «للمكرمات» التي اصبح معها شعار «شكرا» جزءا من «النشيد الوطني»؟ وهل من يصدق ان «الهبة» العسكرية للجيش اللبناني لا تهدف الا الى الاستثمار فيه لاضعاف حزب الله في وقت لاحق؟ وهل ثمة من لديه اجابات واضحة عن اسباب التعقيدات التي حالت حتى اليوم دون صرف المليارات السعودية الاربعة؟ وهل انتبه اصحاب «النيات الحسنة» الى توقيت «هرولة» الرئيس سعد الحريري الى باريس لاطلاق عجلة تلك المساعدات؟ الم يلحظ هؤلاء ان هذا التحرك ما كان ليحصل لولا الاعلان عن «الهبة» العسكرية الايرانية للجيش اللبناني؟ نعم دخلت طهران على الخط كي توقف عملية الابتزاز المفضوحة للمؤسسة العسكرية، واذا ما تحركت فعلا عجلة المساعدات العسكرية الفرنسية للجيش، فالواجب الوطني والاخلاقي يحتم على المسؤولين اللبنانيين القول «شكرا» ايران. اذا ما هي «خارطة» الطريق لدى خصوم حزب الله في الداخل؟
ما لا تقوله قيادات تيار المستقبل علنا يتولى التسويق له رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع تضيف الاوساط في 8 آذار، فالمهمة الموكلة اليه الان هي انضاج الفكرة من معراب ثم تتدحرج لتصبح مطلباجامعا لقوى 14آذار «والتيار الازرق»، عندما يتحقق الانهيار الامني في البلاد، فبعد وأد المشروع المستدام لهذه القوى بالحاق الحدود الشرقية بالقرار 1701 ونشر قوات دولية هناك لتتولى منع حزب الله من «التدخل» في سوريا، وليس حماية الحدود اللبنانية، ثمة عمل دؤوب اليوم لابتكار بديل لاتمام هذه المهمة عبر طرح مسألة ربط غرفة عمليات الجيش اللبناني بغرفة العمليات العسكرية للائتلاف الدولي المناهض «لداعش»، وهذا المطلب الذي بدأ «الحكيم» بتسويقه ليس معزولا عن «اجندة» عمل مطلوبة اقليميا من قوى 14آذار، واليوم ثمة توزيع للادوار وقد انطلقت عمليات «جس النبض» من مختلفات المتورطين بهذا السيناريو الجديد الذي يهدف اولا واخيرا الى محاصرة حزب الله والتضييق عليه في محاولة لاخراجه من «المعادلة» السورية لاضعافه على الساحة الداخلية.
وتلفت تلك الاوساط، الى وجوب الحذر من امكانية توظيف مخاوف قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي اكثر من تصريحاته في الايام القليلة الماضية حول مخاطر المجموعات التكفيرية وقوله انها تسعى للحصول على منفذ بحري لبناني، في خدمة هذا المشروع الجديد لالحاق لبنان بقيادة التحالف العسكرية، فمسارعة اوساط ديبلوماسية غربية للقول انها لن تسمح بحصول ذلك، يحمل الكثير من «الخبث» المضمر في ترجمة هذه الغيرة على استقرار الساحة اللبنانية، واذا كان قائد الجيش تقصد اطلاق تصريحاته بنية طيبة قبل ذهابه الى واشنطن لتعجيل فتح المخازن الغربية امام الجيش للحصول على العتاد الضروري ليتمكن من خوض مواجهة شاملة وفاعلة، فان ثمة قلق من استغلال هذه المخاوف في استراتيجية» الابتزاز» بالارهاب لادخال لبنان «عنوة» تحت «مظلة» الائتلاف الدولي وبشروط تعجل الانهيار الداخلي.
هذا الانهيار سيكون حتميا لان الطرف الآخر لن يسمح بتغيير قواعد اللعبة، وليس خافيا على احد تقول الاوساط ان حزب الله اختار التقدم الى الامام بدل الانكفاء، ورسائله السياسية والميدانية تصاعدت في كل الاتجاهات، وهو بدأ بعملية مزارع شبعا لتحييد اسرائيل عن هذه «المغامرة»، وابلاغ من يعنيهم الامر ان «اللعب» باستقرار الساحة اللبنانية قد يشعل المنطقة ولن تكون تداعياته محدودة في «الزمان والمكان». وكما كانت ايران حاسمة برسائلها لتركيا، ومعها الائتلاف الدولي بانها لن تقف مكتوفة اليدين ازاء اي تعديلات في مهمة التحالف على الحدود مع سوريا، فان المقاومة في لبنان لن تسمح ايضا باي تعديلات في المهمات على الحدود اللبنانية السورية. اذا ليس «الصقيع» وحده ما يحرك «التكفيريين» في الجرود، وليس مجرد صدفة ان تكر «سبحة» «المنشقين» عن الجيش مع ارتفاع حدة الهجمات في الشمال، ولن تكون «المفاجآت» الامنية والعسكرية على الارض بمعزل عن هذا «الكباش» المستجد، تيار المستقبل دخل في «مغامرة» غير محسوبة، ويبقى مصدر الاطمئنان الوحيد ان كل رهاناته السابقة قد باءت بالفشل…
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...