المشهد يتكرّر منذ سنوات وتجري « لفلفته» تحت شعار المحافظة على العيش المشترك والوحدة الوطنية، لكن تكرار هذا العمل المشين تقول مصادر مسيحية من تكسير لتماثيل القديسين رموز الديانة المسيحية وحرق الصلبان في مدينة طرابلس الجامعة لعدد من الطوائف، والكتابات «الداعشية» التي ُطليت على عدد من كنائس المدينة الاسبوع الماضي، بحيث إستفاق اهالي عاصمة الشمال ليجدوا شعارات «الدولة الاسلامية قادمة لتكسير الصلبان» على حائط كنيسة السريان في المدينة، وعلى كنائس في القبة والميناء، لتنتقل بعد يوم الى منطقة المنية حيث تكرّرت الشعارات المذكورة على كنيسة مار الياس.
الى ذلك لم تكن هذه الشعارات المرفوضة تضيف المصادر الحدث الوحيد في عاصمة الشمال، اذ سبقها قيام بعض الاصوليين في المدينة بحرق مجموعة صلبان قي بعض الاحياء الطرابلسية، ما شكل إستنكاراً لهذا العمل المشين والمرفوض في هذه الظروف الحساسة والدقيقة، وسط مخاوف من تكرار هذا العمل في مختلف كنائس
لبنان، حيث يختبئ خفافيش الليل ليطلقوا تهديداتهم بخوف ويستعينوا بسواد العتمة التي تطغى على نفوسهم الحاضنة للارهاب والفتن .
وسط كل هذه المخططات الهادفة الى إشعال
لبنان بفتن مستوردة لسيطرة الارهابيين على
لبنان، تؤكد المصادر المسيحية بأن طرفاً ارهابياً يعمل على إفتعال التحدّي في المناطق خصوصاً المختلطة طائفياً بهدف إشعال
الفتنة، فمسلسل الاعتداءات يتكرّر منذ سنوات على الرموز الدينية المسيحية في مختلف المناطق اللبنانية، والنتيجة متابعة امنية وسياسية خجولة جداً، ما ساعد في تنقل هذه الظاهرة الى مناطق اخرى في توقيت يتطلب الوعي من الجميع، بهدف إستباق وقوع إشكالات طائفية وسط عدم تمكّن الأجهزة الأمنية والسياسية حتى اليوم من القبض على اي من الفاعلين، ما يطرح علامات استفهام تضيف المصادر حول المخاطر التي قد تنجم عن عدم إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين الذي سيؤدون بأفعالهم هذه الى زعزعة السلم الاهلي، واذا اردنا تعداد هذه التعديات فلا ننتهي ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تكسير تمثال السيّدة العذراء لثلاث مرات في مزار ضمن منطقة بدارو، التي تضّم ثكنتين عسكريتين للجيش اللبناني إضافة الى وجود المستشفى العسكري، وتكرار حادثة الاعتداء على تمثال للقديسة تريزا في المعلقة – زحلة، وفي بلدة عبيدات – قضاء جبيل، حيث تمّ تكسير ثلاثة تماثيل للسيدة العذراء ومار يوسف والصليب، كما كان لمنطقة كسروان حصتها ايضاً، اذ سبق وشهدت جرود بلداتها الظاهرة عينها، إضافة الى مناطق الدكوانة وعين الرمانة وفرن الشباك والاشرفية والمتن، حتى إستقرت في مناطق البقاع الغربي وراشيا المختلطة طائفياً، فضلاً عن بلدات جنوبية مختلطة والقصة ما زالت تتكرّر، وكان آخرها ما جرى في الامس من اعتداء على كنيسة ما يوسف في بلدة كهف الملول – الضنيه، وسط غياب كلّي لرقابة الأجهزة الأمنية والنتيجة عينها، صمت مريب ولا اي موقف من الزعماء المسيحييّن وحتى الروحييّن، إضافة الى احداث مشابهة تبقى بعيدة عن وسائل الاعلام، اذ تحاول الاجهزة الامنية إخفاءها خوفاً من
الفتنة، لكن الاهالي ينقلونها بسرعة كأخبار يجري تداولها من منطقة الى اخرى.
هذا وتشير المصادر المسيحية لما حدث في جونية منذ حوالى السنتين، اذ قام سلفيّون بإفتراش الارض للصلاة أمام كنيسة مار جرجس في المنطقة المذكورة من دون مراعاة الحرمة الدينية، ما يعني ان هؤلاء عملوا على الوتر الطائفي الحساس الذي يوّتر الساحة اللبنانية، وهدفهم كان إفتعال فتنة في قلب عاصمة كسروان، مذكّرة ايضاً بما جرى منذ فترة من اهانة للرموز المسيحية بعد ان تم تشويه صورة السيّدة العذراء ورسمها على الملابس وبيعها في مناطق مسيحية، ورأت بأنه لم يعد مقبولاً كل ما يجري، فلا اسئلة ولا استنكارات ولا تعليقات او مطالبة بالتصّدي لهذه الظاهرة المسيئة للمسيحيّين والمتنقلة منذ سنوات من دون اي رادع، سائلة ماذا لو طالت هذه الاعتداءات رموزاً دينية لطوائف اخرى؟.
وختمت بتوجيه كلمة لهؤلاء المجرمين «بأن المسيحيين باقون في
لبنان مهما جرى لان لا احد يستطيع تركيعهم، فهم اناس لا تهّزهم الرياح ولا يتأثرون بالعواصف، وبالتالي لن تخيفهم تهديدات «الدواعش» ومناصريها الذين يلعبون دور الطابور الخامس في ظل التباعد السياسي المستشري اليوم بين اللبنانيين، الذين مهّدوا الطريق أمام المجرمين للدخول على خط النزاع والمساهمة في إشعال
الفتنة، ودعت الزعماء المسيحييّن الى إتخاذ موقف صلب تجاه ما يجري وتوحيد كلمتهم ولو لمرة واحدة، مشددة على ضرورة توحيد اللبنانيين عموماً للتصّدي لخطر الدواعش التي لا تفرّق بين دين او مذهب…».
صونيا رزق