بعد حوالى 13 سنة على انطلاق الحرب العالمية الأميركية على الإرهاب أي بعد أحداث 11 أيلول 2001 المشؤومة فإن هذا الإرهاب قد نمى وتوسع وتجذر اكثر على مساحة كل هذا العالم ما يعني بأن السياسات والإستراتيجيات والخطط الأميركية الكبرى والتي صرف فيها مليارات الدولارات في هذه الحرب الشعواء كانت مشبعة بالأخطاء الأميركية الكبيرة والفادحة المميتة في أكثر من مكان وهذا ما سمح بأن يبقى تهديد الإرهاب قائما ومستمرا للأمن والسلم الدوليين حتى اشعار آخر. هذا ما قالته أوساط دبلوماسية في بيروت، التي أكدت ان هذه الأخطاء الكبيرة والفادحة والمميتة تتكرر اليوم وبشكل مفضوح في هذا التحالف الدولي الذي أطلقته الولايات المتحدة في استراتيجيتها ورؤيتها في منطقة الشرق الأوسط لمحاربة تنظيم «داعش» على أرض العراق وسوريا… وأبرز هذه الأخطاء يمكن الإستدلال عليها من خلال القرار الأميركي المغلوط الذي قضى وعن سوء فهم لحقيقة المنطقة وموازينها الدقيقة بإستبعاد إيران وروسيا عن المشاركة في الحرب ضد «داعش» مع العلم بأن روسيا وإيران هما ضد الإرهاب ومتضررتان وتعانيان منه كما بقية دول العالم…
بالتالي هناك احتمالات كبيرة أن تؤدي هذه الحملة الدولية الجديدة بقيادة أميركا على الإرهاب مع ما يعتريها من انقسامات إلى مزيد من القتل والدمار وسفك الدماء على حدّ قول الاوساط، في العديد من دول المنطقة من دون أن تتحقق النتيجة المرجوة وهو القضاء على تنظيم «داعش» أو ربما أن الحرب على «داعش» بهذا الشكل والأسلوب على طريقة «الكاوبوي الأميركي» قد تؤدي إلى تفريخ تنظيمات ارهابية تكفيرية أشد دموية من داعش، وذلك على غرار حرب أميركا على التنظيم التي لم تؤدِ إلى القضاء نهائيا على تنظيمم «القاعدة» إلا أنها ساهمت بولادة «داعش» و«جبهة النصرة» ومثيلاتها من التنظيمات الأصولية الإرهابية التكفيرية الأشد إجراما وبربرية ووحشية من تنظيم «القاعدة» نفسه.
الأوساط الدبلوماسية أشارت الى ان الأحداث الكبيرة التي تحدث في المنطقة وبخاصة في الجوار المباشر أي سوريا والعراق سيكون لها تأثير كبير على لبنان وذلك نظرا للترابط العميق الجغرافي والسياسي والطبيعي بين لبنان وهذه الدول ما يعني بأن الساحة اللبنانية ستكون متأثرة على كل المستويات بهذه الحملة الدولية بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة «داعش» سيما أن لبنان وسوريا والعراق وبقية دول المنطقة هي في قلب تلك الحملة الدولية التي هناك من يبشر في كواليسها بأنها ستقود نحو رسم خريطة سياسية جديدة في المنطقة، وحتى هذه اللحظة هناك قوى إقليمية أساسية منها مشارك في هذه الحملة وبعضها الآخر غير مشار لا تعرف على أي واقع سترسو في نهاية هذه الحملة الدولية الغامضة بأهدافها غير المعلنة. مضيفة بأن المنطقة تمر بأوقات عصيبة وفترات مشابهة لحرب الخليج الأولى والثاني وللغزو الأميركي على العراق في الـ 2003 حيث أن تصرف الولايات المتحدة آالعسكري آنذاك في كل تلك المراحل وعلى الرغم من اختلاف ظروف كل منها الميدانية والسياسية والعسكرية قد ترافقت مع وعود ورسم أهداف وردية لشعوب ودول المنطقة إلا أن النتيجة كانت مغايرة بالنسبة للولايات المتحدة التي فشلت فشلاً ذريعا سياساتها في كل المنطقة وبالنسبة لشعوب ودول المنقطة فإن معاناتها ومأساتها وويلاتها قد زادت بعد كل تلك الحروب المدمرة.
وفي السياق نفسه، قالت مصادر سياسية وسطية بأن بقاء روسيا وإيران بما لهما من قوة حضور وتأثير بالغ في كل أرجاء منطقة الشرق الأوسط خارج إطار الحملة الدولة التي تقودها الولايات المتحدة لضرب واستئصال تنظيم «داعش» الإرهابي، فهذا يعني بأن الأزمات السياسية والأمنية والعسكرية ضمن كباش صراع القوى الكبرى سيبقى مستمرا وهذا الأمر سيشكل نقطة ضعف أساسية لفشل الحملة الأميركية الجديدة في المنطقة، كما إن هذا الأمر يعني بأن الأزمات المستعرة على أكثر من ساحة إقليمية ستبقى مستمرة ومن ضمن هذه الساحات سيكون لبنان في خضم عدم إيجاد المناخ الدولي والإقليمي المناسب والمؤاتي للخروج من حالة المراوحة والإنتظار القاتلة المتمثلة بعدم القدرة على انجاز الإستحقاق الرئاسي كخطوة أساسية بإتجاه انتظام عمل مؤسسات الدولة وباتجاه تعزيز وحدة الجبهة الداخلية في مواجهة الإرهاب سيما أن هذه الجبهة ستكون سلفا مصابة بتشققات الخلافات الدولية والإقليمية بحيث أن القوى السياسية الموزعة تحالفاتها الخارجية بين حليف للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وغيرهما من دول هذا المحور من جهة، وبين حليف لإيران وروسيا وغيرهما من دول هذا المحور من جهة أخرى، ستكون مواقفها متضاربة ومتواجهة في القرارات والتوجهات السياسية اللبنانية المرتبطة في الحرب الدولية التي تقودها الولايات المتحدة على داعش من دون إيران وروسيا . وبطبيعة الحال، هذا الأمر سينعكس خللا وأرباكاً على أداء الحكومة اللبنانية التي هي حكومة ربط نزاع للخلافات العالقة بين قوى الإنقسام التقليدية في البلد أي فريقيّ 14 و8 آذار والتي يحتاج حلها إلى توافق ليس لبنانيا وحسب بل ايضاً الى توافق إقليمي- دولي، وطالما أن مثل هذا التوافق سيكون غائبا في المرحلة القادمة فهذا الأمر يعني بأن الأوضاع في لبنان ستزداد هشاشة وتعقيدا.. بحيث أن أوضاع البلد بأحسن أحوالها ستبقى ضمن حالة المراوحة الهشة، وبأسوأ أحوالها ستكون هذه الأوضاع متأثرة بخلافات القوى الكبرى في المنطقة، وفي هذه الحالة ستكون العواقب وخيمة على أمن لبنان واستقراره وعلى صيرورة عمل وانتظام المؤسسات العامة في الدولة اللبنانية وهذا أمر بطبيعة الحال سينعكس يتداعياته السلبية على دور عمل الجيش وسائر القوى الأمنية التي تخوض أشرس الحروب وأخطرها مع الإرهاب التكفيري ليس في عرسال وحسب بل على مساحة كل أرجاء الوطن.
المصادر أشارت الى ان أولوية المجتمع الدولي بالنسبة للبنان هي للحفاظ على أمنه واستقراره ومنع انزلاقه نحو منزلقات الفوضى والفتنة السنية ـ الشيعية التي وقوعها يضر بمصالح جميع القوى الكبرى في المنطقة المنشغلة والغارقة بتحديات الإرهاب التكفيري وتهديداتها الخطيرة على الامن واستقرار ومصالح تلك الدول الكبرى في المنطقة. مضيفة بأن الأولوية الثانية على أجندة اهتمام المجتمع الدولي بلبنان يكمن في الخطر الداهم اليوم و هو هذه الحالة الارهابية التي تضرب الساحة اللبنانية والتي تشكل بلدة عرسال وجرودها ومحيطها إحدى أبرز نقاطها الساخنة إلا أنها ليست الوحيدة التي تشكل مصدر خطر على لبنان وأمنه واستقراره، سيما أن التقارير الأمنية والإستخباراتية تشير بوضوح إلى أن هناك سلسلة معطيات تؤكد بأن هناك بؤر خطيرة للإرهاب التكفيري في أكثر من منطقة في لبنان وهذه البؤر لا أحد يعلم متى تتحرك في الظرف والوقت الذي يتناسب مع أهداف وتوجهات التنظيمات الإرهابية التي من المحتمل الكبير أن توسع عملياتها الأرهابية بإتجاه الدول المجاروة لسوريا والعراق مركز ثقل الحملة الدولية على الإرهاب، وذلك ضمن سياق محاولة تلك التنــظيمات تخفيف الضغـوط العســكرية عليها في سوريا والعراق وفي سياق محاولة امساكها بمزيد من أوراق القوة، وبطبيعة الحال فإن لبنان يبقى ضمن دائرة الدول التي يمكن لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية أن يسعى جاهدا بأن يوسع نشاط ارهابه بإتحاهها في ذروة الحملة الدولية بنجاحاتها وإخفاقاتها المتوقعة في آن معا..!
عبد السلام: دول العدوان تتحمل مسؤولية إفشال الهدنة باليمن وتفاقم المعاناة
كشف رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام، اليوم الإثنين، عن آخر مستجدات الهدنة أثناء التواصل مع الاتحاد الأوروبي للشؤون...