«داعش» المكوّن من جماعة ذباحين ومرتزقة ووحوش بشرية، يتسع نفوذه في المنطقة كلما زاد التطرف عند السنة والشيعة وكلما غاب الاعتدال بين المسلمين بشكل عام. الـ «داعشيون» الذين يذبحون جنودنا الشجعان وينهشون القلوب ويهجرون المسيحيين في الموصل ويعتدون على المسلمين المعتدلين ويدمرون التراث العربي والثقافة المشرقية، قد ظهروا بقوة في الشرق الاوسط واعلنوا دولتهم وحدودها الجغرافية من جراء غياب الاعتدال بين السنة والشيعة ومن جراء احتدام الصراع السني – الشيعي. فابو البكر البغدادي الذي سمى نفسه خليفة المسلمين هو صنيعة الكره الذي ساد في منطقتنا، حيث غلبت الهوية الاسلامية على الهوية العربية وتحوّل للأسف الصراع بين العرب ليكون صراعا داخليا يمزق نسيج المجتمع العربي وليصبح النتافس الشيعي – السني عنوان المرحلة.
والحال ان «داعش» لم يخلق من عدم ولم ينشأ بين ليلة وضحاها وليس فقط صنيعة دولة تموّل الارهاب بل هو حالة هستيرية تعكس المخطط الرامي الى تفتيت المنطقة لان أفراد «داعش» ليسوا من اهل السنة ولا يمتون بصلة الى الدين الاسلامي بل هم حالة ستذبل مع مرور الزمن، اذا ايقن السنة والشيعة ان اياما سوداء بانتظارهم اذا لم يتخلوا عن تطرفهم وعن ولائهم للخارج سواء كانوا من السنة العرب او الشيعة العرب.
وفي ظل المخاطر والتحديات المحدقة بنا في هذه المرحلة، لا بد من اتخاذ مواقف جريئة وشجاعة من زعماء سنة وشيعة وقد ظهر ذلك في العراق حيث تم التخلي عن نوري المالكي الذي امعن في تزكية الحقد السني بعد ان لاحق السنة العراقيين وادخلهم السجون بحجة محاربة الارهاب الى ان وُلد ارهاب حقيقي كاد يدمر العراق بإكمله لولا اتخاذ ايران مقاربة جديدة للملف العراقي ولولا التقارب السعودي – الايراني الذي خفف من وطأة الازمة في العراق ولو بنسبة قليلة. اما في لبنان، فوصل الينا «داعش» في جرود عرسال وما زال يهدد امننا وسيادتنا، بما ان هذا التنظيم خطف جنوداً، لبنانيين ولكن الخطر من ظهور «داعش» في لبنان هو خطابات بعض النواب السنة وبعض الزعماء الذين عززوا نفوذ «داعش» ولو بطريقة غير مباشرة. فعندما يحرّض نواب عكار على الجيش وينكل البعض بجثث جنودنا ويبقى رئيس بلدية عرسال يظهر على المحطات التلفزيونية ولا يحاكم بعد على اعمال وخطابات قام بها جعلت من عرسال بيئة حاضنة للارهاب. فلماذا نلوم «داعش» على خطف جنودنا وهناك لبنانيون يعتدون على الجيش ويعتبرونه عدوا لهم؟ ما نقوله، ان ما يجب فعله في لبنان هو محاكمة نواب وشخصيات لبنانية سواء كانوا من الطائفة السنية أو الشيعية والذين جلبوا لنا «داعش» بتطرفهم وقيامهم بأعمال حقيرة بحق لبنان وبحق جيشه لتظهر شخصيات سنية معتدلة تخفف من حدة الامور، فلا يستطيع ان يردد تيار المستقبل بانه تيار الاعتدال السني وهو ما زال يأوي خالد الضاهر ومعين المرعبي ومحمد كبارة ممثلين له. ومن المنطلق ذاته، يجب على النواب والمسؤولين الشيعة ان يتجهوا الى الاعتدال في خطاباتهم ولا يكونوا في طرابلس مع جهة ضد جهة اخرى.
هكذا يجب ان يتجه الشيعة والسنة الى الاعتدال كي نتغلب على «داعش» واخواته ولنتغلب على التطرف فلا يجب ان نكون سذجاً الى حد ان ننتظر من مجتمع دولي ان ينقذنا من «داعش» وهو الذي غض النظر عن الارهاب الاسرائيلي الذي يشبه «داعش» بايديولجيته التي لا تعرف التعددية ولا تنوعاً ولا احترام الاخر.
نور نعمة