أن التمديد لمجلس النواب واستمرار الحكومة السلامية في إدارة دفة الحكم في لبنان من دون رئيس جمهورية لا يعني أبدا بأن لبنان الدولة والمؤسسات قد أصبح بمنأى عن الفراغ القاتل الذي قد يتمدد بإتجاه السلطة التنفيذية أي الحكومة الحالية في أي لحظة، ولا يعني أبدا بأن الضمانات الدولية في أبقاء الأوضاع على حالها في وطن الأرز هي كافية لمنع حصول انتكاسات من شأنها أن تخربط الوضع اللبناني الهش سياسيا وأمنيا وجره نحو منزلقات خطيرة. هذا ما قالته مصادر دبلوماسية غربية في بيروت لـ الديار. حيث اشارت الى ان خطوة التمديد لمجلس النواب لا يمكن أن تشكل وحدها ضمانة كافية لمنع حصول تدهور أو انتكاسة في الداخل اللبناني سيما ان الحكومة الحالية بتناقضات مكوناتها الذين تختلف ارتباطاتهم وأجنداتهم المحلية والخارجية يجعل تماسكها هشا ضغيفا أمام الازمات المتتالية، ما يعني بان هذه الحكومة فيها ما يكفي من التشققات التي قد تسبب بتفجير الحكومة السلامية وأسقاطها في أي لحظة تتناسب مع مصالح هذا الفريق أو ذاك، وفي هذه الحالة سيكون الوضع في لبنان أكثر خطورة تعقيدا بسبب عدم وجود انتظام لعمل المؤسسات الدستورية في ظل غياب رئيس الجمهورية الذي يعتبر وجوده ودوره أمرا أساسيا في تركيبة النظام اللبناني، لذلك هناك ضرورة ملحة لإطلاق حوار جدي بين جميع الأطراف للخروج من مربع المزايدة إلى مربع أخذ المبادرة التي تقود نحو انجاز الإستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن.
المصادر أكدت بأن الغطاء الدولي الذي توفر لخـطوة التمديد للمجلس النيابي لولاية ثانية لم يأتِ ابدا في سياق التسليم باستمرار حالة الفراغ الخـطيرة الحاصلة في موقع رئاسة الجمهورية الى آجــال مفـتوحة ، بل على العكس من ذلك فأن جزءاً أساسـيا من حيـثيات توفير الغطاء الدولي وحتى الإقليمي للتمديد غير الشعبي وغير المتجانس من القيم الديمقراطـية هو ابــقاء أمكانـية انجاز الإستحقاق الرئاسي في أسـرع وقت ممـكن قائمة ومتوافرة بوجود مجلس نواب شرعي قادر عندما تحين الفرصة المناسبة على انتـخاب الرئيس الجديد للبنان. مشيرة بأن السبب الرئيسي الذي دفع المجتمع الدولي باتجاه تغطية التمديد للمجلس النيابي يكمن في أن القوى الدولية والإقليمية المعنية بالملف اللبناني كانت حريصة بعدم الدخول في مغامرة غير محسوبة العواقب على امن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي، لهذا فقد أتى التمديد لمجلس النواب ضمن سياق الحفاظ على التوازنات السياسية الداخلية نظر لدقة المرحلة التي يمر بها لبنان ومحيطه وجواره كون هذه المرحلة بحساسياتها الإقليمية لا تحتمل خوض معارك انتخابية طاحنة لقلب موازين القوى المحلية في الداخل اللبناني الذي تتقاطع بشأنه المواقف الدولية والإقليمية حول ضرورة تحييده قدر الإمكان عن حمم البراكين المشتعلة والمدمرة في المنطقة عموما وفي سوريا خصوصا.
المصادر لفتت الى ان هناك جهداً دولياً يبذل لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، وهذا الجهد نابع من قلق المجتمع الدولي من استمرار حالة الفراغ في سدة الرئاسة بلبنان في ظل هشاشة الأوضاع الراهنة وخطورتها، وهذا القلق الدولي قد جرى التعبير عنه بوضوح من خلال دعوة مجلس الأمن الدولي مجلس النواب اللبناني إلى العمل بشكل يتم معه تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن.وقد أتت هذه الدعوة المعبرة في بيان تبناه أعضاء مجلس الأمن الـ15 بالإجماع بمبادرة من فرنسا، حيث أكد المجلس «الأهمية بالنسبة لجميع الأطراف اللبنانية في الحفاظ على الوحدة الوطنية واحترام سياسة النأي بالنفس» حيال النزاع السوري.كما أعرب أعضاء المجلس عن «قلقهم من تمديد الفراغ الرئاسي»، وأشاروا إلى «ضرورة فتح الطريق أمام تعيين رئيس بدون تأخير إضافي».
إلى ذلك أكدت مصادر وسطية لـ الديار بأن هناك تحركا لرئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط يهدف لملاقاة الجهود الدولية لإنجاز الإستحقاق الرئاسي في أقرب وقت ممكن، وضمن هذا الإطار هناك جهود مستمرة تبذل من قبل الزعيمين لإطلاق حوار مباشر بين حزب الله وتيار المستقبل سيما أن كلاً من الرئيس بري والنائب جنبلاط على قناعة تامة بأن هذا الحوار هو السبيل الوحيد المتاح لفتح كوة في جدار أزمة الفراغ الرئاسية محليا خصوصا أنهما ايضا على قناعة تامة بأن المناخ الإيجابي التوافقي المحلي حول الملف الرئاسي سيقطع أكثر من 90 بالمئة من الطريق باتجاه انتخاب الرئيس الجديد للبنان سيما أن القوى الدولية والإقليمية المنشغلة بأولويات المنطقة المشتعلة لن تعارض ولن تعرقل اي اتفاق قد ينجز بين اللبنانيين في موضوع الإستحقاق الرئاسي كون مثل هذا الإتفاق يصب في مصلحة القوى الدولية والإقليمية المتفقة فيما بينها ضمنيا على ضرورة ابقاء الساحة اللبنانية بمنأى عن آتون حروب المنطقة سيما ان اشعال الساحة اللبنانية سيزيد الأوضاع العامة في المنطقة تأزما وتعقيدا في حين أن المجتمع الدولي يعمل على تطويق الأحداث الجارية ومنع تمددها بإتجاه ساحات وبلدان أخرى.
المصادر رأت أن الحوار بين الحزب والمستقبل سوف يشكل النواة الأساسية التي تمهد نحو انضمام بقية الفرقاء إلى هذا الحوار في مرحلة لاحقة على قاعدة التوافق ومنطق فتح الأبواب أمام التسوية المطلوبة لإنجاز الإستحقاق الرئاسي الذي لا يمكن بتاتا أن يتم في ظل التشنجات والمزايدات والسقوف العالية بين هذا المرشح وذاك التي في نهاية الأمر لا تؤدي سوى إلى ابقاء الفراغ الرئاسي قائما حتى اشعار آخر،وبالتالي ابقاء البلاد مكشوفة ومشرعة الأبواب امام كل المتربصين شرا بجر الساحة اللبنانية نحو مستنقعات الفوضى والفتنة المذهبية السنية – الشيعية وهذا الإستناج لا يأتي من باب التحليل أو التكهن بل يرتكز على معلومات مستقاة من تقارير استخباراتية وأمنية دقيقة تشير بوضوح بأن الإسرائيلي والتكفيري يعملان بكل قوتهما على مشروع الفتنة المذهبية من خلال إثارة الإحتقانات والعصبيات والتوترات التي تؤدي إلى تفجير الحرب الأهلية القادرة على أكل الاخضر واليابس في لبنان.
ولفتت المصادر عينها الى أن ابقاء حالة الفراغ في سدة الرئاسة هو أمر لا يساعد أبدا على تحصين وحدة اللبنانيين ليكونوا يدا وقلبا واحدا في مواجهة تحديات هذه المرحلة الشديدة الصعوبة من تاريخ لبنان والمنطقة، كما أن هذا الفراغ سوف يبقى عاملا سلبيا يحول دون عودة الأمور إلى طبيعتها على صعيد قيادة الدولة وتحمل مسؤولياتها في حماية لبنان من التحديات والاخطار التي يتعرض لها من قبل الجماعات الارهابية والتكفيرية، في حين أن انتخاب رئيس جديد للبنان سوف يشكل خطوة إيجابية بإتجاه تحصين الساحة المحلية في التفافها حول الجيش اللبناني والقوى الامنية واعطائهم الدعم السياسي والمعنوي والمادي المطلوب في حربهم على الإرهاب سيما أنهم في هذه الحرب يبذلون ويقدمون كل التضحيات الجسام والدماء الغالية ذودا ودفاعا عن لبنان.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...