رئيس “مقبول من الجميع” بين برّي والراعي
غداة الجلسة الاولى التي عقدها مجلس النواب الاربعاء الماضي لانتخاب رئيس للجمهورية، لم يخترق الغموض الذي شاب المشهد الانتخابي عقب النتائج التي أفضت اليها الجلسة سوى الزيارة المفاجئة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لرئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة والتي اكتسبت بعدا دافعا بقوة نحو فتح آفاق جديدة في الاستحقاق الرئاسي.
واذ بدا واضحا ان سقف الترشح للانتخابات الرئاسية لا يزال عالقا عند امتناع فريق 8 آذار عن ترشيح اي شخصية في انتظار حسم العماد ميشال عون موقفه من الترشح، فيما يستمر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، المرشح الرسمي الوحيد لقوى 14 آذار حتى اشعار آخر، والنائب هنري حلو مرشح “جبهة النضال الوطني”، استرعى الموقف الذي أطلقه البطريرك الراعي من عين التينة انتباه المراقبين والاوساط السياسية من حيث تلميحه الى رئيس “مقبول من الجميع” الامر الذي اكتسب دلالة بارزة على مضمون اللقاء الذي عقده مع بري وسط تصاعد المخاوف من امكان تطيير النصاب تكرارا في جلسة الاربعاء المقبل.
وعلمت “النهار” ان الاتصالات التي أجريت في الساعات 24 الاخيرة بلورت المعطيات الآتية:
– مشاورات بين الرئيس بري و”حزب الله” مع العماد عون من اجل الوقوف على رأيه في شأن الترشح لرئاسة الجمهورية، فكان ان استمهل عون الجانبين بضعة أيام ليجري مشاورات مع الرئيس سعد الحريري من أجل معرفة موقفه من تأييده اياه مرشحاً وفاقياً في الوصول الى الرئاسة الاولى وعليه ينتظر بري و”حزب الله” ما ستنتهي اليه هذه المشاورات.
– قوى 14 آذار لا تزال تعتبر جعجع مرشحها في الجلسة النيابية المقبلة في 30 نيسان الجاري وسط معلومات مفادها ان موقف الحريري من تأييد عون، استناداً الى اوساط متابعة لن يكون ايجابيا لاستحالة الاستدارة 180 درجة في هذا المجال. وفي الوقت نفسه، من المحتمل ان ينتقل الحريري الى روما للقاء البطريرك الراعي الموجود حاليا هناك للتشاور وإياه في الملف الرئاسي ولكن لم يتقرر بعد أمر هذا اللقاء.
– وسط حركة مشاورات واسعة النطاق جرت أمس، من المتوقع ان يشهد اليوم حركة مماثلة من الممكن ان تسفر عن عقد اجتماعات مباشرة بين فريقي 8 و14 آذار بغية انشاء”غرفة مغلقة” لاستنباط امكان التوافق على مرشح واحد. وفي الوقت نفسه أبدت مراجع ديبلوماسية عدة تشاؤمها على خلفية ما انتهت اليه جلسة الاقتراع الاولى.
– علم ان الرئيس بري في صدد الدعوة الى جلسة اقتراع اخرى بعد جلسة 30 نيسان، على ان يكون موعدها 7 أيار المقبل، ثم يدعو الى جلسات اخرى مع تقصير المدة الفاصلة بين كل جلستين كي ينجز الاستحقاق الرئاسي، وسط توقعات ان يتصاعد الضغط الدولي المساعد لانجاز الاستحقاق بعد الجلسة المقبلة اذا لم تحرز تقدما.
وقال الرئيس بري امام زواره مساء ان زيارة البطريرك وكلامه “يشكلان نافذة على الاستحقاق وخصوصا عندما طالب برئيس مقبول من الاطراف وهذا موقف جديد يساعد القوى على الوصول الى رئيس توافقي يحظى بقبول اللبنانيين”.
وعلم ان بري والراعي عرضا نتائج جلسة الاربعاء الماضي وأبدى البطريرك ارتياحه الى اكتمال النصاب في الدورة الاولى متمنيا لو استمرت الجلسة في دورات عدة في اليوم نفسه. فأجاب بري: “كان يمكنني تحقيق ذلك لكن النصاب فقد وحتى لو أجرينا دورات انتخابية في الجلسة نفسها لكانت النتائج بقيت على غرار الارقام في الدورة الاولى”.
وأكد للراعي ان “أحدا ليس قادرا على الحصول على 65 صوتا”. وسئل بري لماذا حدد موعدا قريبا للجلسة التالية الاربعاء المقبل، فأجاب: “انا أرى ان الموعد بعيد وسأستمر في تحديد المواعيد وفي حال لم يكتمل النصاب الاربعاء المقبل بعد نصف ساعة سأحدد موعدا آخر”.
واضاف: “انا أريد مرشحين… فَرْجوني المرشحين المعلنين عندها فعلا يتحرك الاستحقاق”. واذ اعتبر ان كل الاطراف أظهروا إحجامهم في الجلسة الاولى “ولا أحد قادر على إحداث اختراق”، استغرب بري “ان الصحف كانت امس كلها تقريبا سوداوية بدءا بـ”النهار” والواقع عكس ذلك. أجرينا الدورة الاولى ولا نزال ضمن المهلة الدستورية، والجلسة المقبلة ليست فقط جلسة مرشحين بل جلسة رئيس ولكن يقتضي ذلك مرشحين وحضور 86 نائبا. يجب التفكير الآن في مرحلة انتخاب رئيس جمهورية لبنان وحين تكون عندي معطيات جدية لانتخاب رئيس أدعو الى الجلسة في اليوم نفسه ولا أنتظر اليوم التالي”.
وعلمت “النهار” ان كتلة بري أعطت الاربعاء صوتا أو صوتين للمرشح هنري حلو.