انخرط «تيار المستقبل» في المعركة ضد الجماعات التكفيرية الارهابية بحسب مصادر مقربة من التيار، ولم يكن في السابق يبرز دوره المباشر بمثل ما يعبر عنه رئيسه سعد الحريري وبعض وزرائه ونوابه ومسؤوليه، اذ كان يتجنب قبل اشهر الحديث مباشرة عن وجود قوى اسلامية اصولية متشددة في «الثورة السورية»، ويوجه الاتهام الى النظام السوري، انه هو من انتجها لتشويه صورة المعارضة المدنية السلمية، وان من يقاتل النظام هو «الجيش السوري الحر» الذي كان التنسيق قائماً بينه وبين «تيار المستقبل» عبر النائب عقاب صقر ولقاءاته مع الناطق الاعلامي باسم هذا الجيش لؤي المقداد في تركيا.
اما لماذا انتقل «تيار المستقبل» الى الهجوم المباشر على الجماعات التكفيرية، تقول المصادر، لان السعودية التي يتأثر بها التيار سياسيا، اصدر ملكها عبدالله بن عبد العزيز، قرارات تصنف هذه الجماعات بأنها ارهابية من «جبهة النصرة» الى «داعش» ومن ينتسب الى تنظيم «القاعدة»، و«الاخوان المسلمين»، كما جرّم القرار الملكي كل مواطن سعودي يقاتل خارج المملكة، او يتعامل مع هذه التنظيمات والحركات الارهابية، كما تقرأ المصادر ذاتها للتحول الذي حصل في خطاب «المستقبل» وعبّر عنه الرئيس الحريري، وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق اوضحهم، عندما وصف عرسال بأنها محتلة من قبل مسلحين، ثم تحدث عن ان الراية التي تحمل عبارات «لا اله الا الله ومحمد رسول الله»، وهي مقدسة عند المسلمين، لا يمكن ان يُذبح تحتها مواطن، او عسكري لبناني، والاسلام منها براء، كما ان لبنان ليس «دولة الاسلام»، بل دولة كل اللبنانيين، حيث رأت المصادر في كلام المشنوق موقفاً متقدماً لـ«تيار المستقبل»، لم يعبّر عنه آخرون مثله، اضافة الى ان الرئيس الحريري تقول المصادر وضع سقفاً سياسياً ممنوع الخروج عنه، وهو حماية الجيش والوقوف وراءه وتأمين الدعم له، وهذا الموقف يتناقض مع ما يعلنه نواب في «كتلة المستقبل» لا سيما في طرابلس وعكار، من موضوع المؤسسة العسكرية، وتحديدا النائبين خالد الضاهر ومعين المرعبي، اللذين ما زال يهاجمان الجيش وقائده العماد جان قهوجي، في وقت يتصل الحريري به ويعلن دعمه للجيش، وقد فعل ذلك بعد كل الاحداث التي كان يتعرض لها من مخيم نهر البارد الى عبرا وعرسال الخ…
وكان اللافت ان الحريري اصدر بياناً هاجم فيه «الائتلاف الوطني السوري» تضيف المصادر المقربة من المستقبل لانه طلب من مجلس الامن الدولي التحقيق بانتهاكات الجيش في عرسال ضد نازحين سوريين، وهو ما رفضه رئيس «تيار المستقبل»، مقدراً وضع الجيش في المنطقة وما يتعرض له، والظروف الصعبة التي يعيشها، وهو موقف لم يكن يحصل في السابق، ربما لان الائتلاف المذكور يعمل في كنف الدولة التركية الحاضنة «للاخوان المسلمين» الذين يشكلون اغلبية فيه، وغير مرغوبين من السعودية التي تمر علاقتها بفتور مع تركيا كما مع قطر الدولتين الداعمتين لجماعة «الاخوان المسلمين».
فصعود النبرة والخطاب في «تيار المستقبل» ضد جماعات اصولية، تم التعبير عنه ايضاً في بيان وزراء ونواب «تيار المستقبل» في طرابلس على حدّ قول المصادر، الذين رفضوا اختطاف المدينة من قبل شخصين لم يتم تسميتهما وهما شادي المولوي واسامة منصور اللذين اقاما مربعاً امنياً في باب التبانة ومنه تنطلق عمليات التخريب وترويع المدينة عبر القاء القنابل واستهداف مراكز الجيش وقتل عناصره ومحاولة خطف جنوده، ثم اغتيال مواطنين كما حصل مع المواطن فواز بزي، تشير المصادر التي ترى انها المرة الاولى التي يصدر بيان بهذا الوضوح فيه بتحميل المسؤولية لمجموعات مسلحة في باب التبانة، بينما كان الوضع في السابق مختلف مع «قادة المحاور» الذين يقبعون في السجن، وكانوا يأتمرون بأوامر مسؤولين بارزين في «المستقبل»، وهو الامر الذي اختلف مع المولوي ومنصور اللذين اعلنا انتماءهما الى «النصرة» و«داعش»، المولودين من تنظيم «القاعدة» الذي ينتسب اليه المولوي واوقف من قبل الامن العام قبل حوالى العامين او اكثر بهذه التهمة، واشتعلت طرابلس ليطلق سراحه ويخرج بسيارة الوزير محمد الصفدي ويستقبله رئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي، ويهنئه «تيار المستقبل» بالسلامة لخروجه من السجن.
لقد دخل «تيار المستقبل» في مواجهة سياسية واعلامية مع الجماعات التكفيرية تؤكد المصادر التي تكفره وتنظر اليه على انه حزب علماني ولا يمثل السنة، وبعيد عن تطبيق «الشريعة الاسلامية». وحليف الطواغيت من انظمة عربية ودول اجنبية كافرة، لذلك هو يخوض حربه الاستباقية ضد هذه الجماعات تقول المصادر، لان من بدأ يخسر في ساحته هو هذا التيار الذي ما زال مسؤولوه يقللون من وجود مجموعات تكفيرية وسلفية، وهم قلة قليلة جدا في داخل الطائفة السنية، ولكن لان يعني ذلك انهم لا يتحسون خطرهم، وهم وفي رأي المصادر يستعجلون تعزيز الجيش بالاسلحة والعتاد لاجتثاث هذه الظاهرة التي يرونها تنمو سريعا في طرابلس مع توفير المال لها وارتباطها بقرار الخليفة ابو بكر البغدادي، او ابو محمد الجولاني، وقد شاهد مسؤولو «المستقبل» كيف اختطفت عرسال واحتلت وصودر قرار اهلها مع وجود اكثر من مئة الف نازح سوري داخلها وعلى تخومها، باتوا هم الاقوى في تقرير مصيرها من خلال بضع مئات من اهلها التحقوا بـ «النصرة» و«داعش». ويعمل الوزير المشنوق على فك ارتباطها بالنازحين من خلال نقل مخيماتهم الى مكان آخر، لان «خزان المستقبل» الشعبي سينضب ليملأه «الداعشيون» ومن يشبهم…
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...