لم تصل العلاقات بين السعودية وايران إلى هذا المستوى من التوتر الذي بلغته اليوم، خلافا لكل التوقعات التي رأت في وصول الرئيس المعتدل حسن روحاني، مدخلاً لتحسُّن قريب في هذه العلاقات، خاصة وأن هذه التوقعات تعززت بالانفراج الذي حدث بين طهران والدول الكبرى، والرغبة الإيرانية، في تحسين العلاقات مع دول الخليج عمومًا، والسعودية على وجه الخصوص، رغم إدراك الاخيرة أن النقاط الخلافية بين الجانبين أكثر بكثير من أن تسمح بهذا التحسن على الأقل في المدى القريب، في انتظار حسم بعض القضايا في المنطقة، ولا سيما الأزمة السورية للتحرك تجاه الطرف الآخر.
وتقول مصادر ديبلوماسية ان رغبة المملكة العربية السعودية تأتي في الانفتاح على ايران ودعم التيار المعتدل الذي يقوده الرئيس حسن روحاني بناء على نصيحة الرئيس باراك اوباما بالذات من جهة وفي العودة العاجلة لسفيرها علي عواض عسيري الى بيروت لمواكبة المستجدات ، والهمس عن تغيير ثنائي مرتقب لكل من السفيرين السعودي والايراني في لبنان، رغم ان كلمة السر بالنسبة لأي خطوة تقاربية، من الوجهة السعودية تبقى بوابتها سوريا ،التي ستحدد الحرب «الطائفية» فيها إلى أي مدى ستذهب علاقات بين الطرفين. فالطرح الإيراني الذي صحب انتخاب حسن روحاني كرئيس لإيران وحديثه عن أولوية الجوار، اشترطت الرياض أن يكون مقروناً بالأفعال، وحتى ترحيب المملكة بالاتفاق النووي الأخير جاء مشروطاً بإخلاص النوايا.
ولفتت المصادر الديبلوماسية الى ان زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الى المملكة اكدت حرص الجانبين على تيسير الاوضاع في لبنان والعمل على ابقائه بعيدا من النار السورية، ثمة تأكيد ان الجولات الثلاث من المحادثات السعودية الايرانية، التي شارك فيها رئيس الاستخبارات الجديد،والتي عقدت احداها في دولة خليجية والأخريين في احدى الدول الافريقية اتسمت بالايجابية وخلصت الى توافق على دفع لبنان وملفاته في اتجاه الحل واعادة تركيز بنيانه المؤسساتي والاداري.
ويؤكد مسار الامور اللبناني اخيرا ، ان ثمة قطبة مخفية او تفاهما اقليميا ودوليا ما في لبنان، ليس على ابقائه بعيدا من تداعيات الحرب السورية فحسب انما وجود حرص على توفير الحل للملفات السياسية والاقتصادية والامنية العالقة منذ سنوات، بحسب ما تهمس المصادر الديبلوماسية، كاشفة عن التقاء ارادات اميركية – سعودية – ايرانية على تسهيل الامور في لبنان ومن بينها اتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده، مشيرة هنا وارتكازا الى التفاهم المذكور الى عدم تبني فريقي الثامن والرابع عشر من اذار حتى الآن اي مرشح او اسم مرشح.
اما زوار المملكة فينقلون حذر مسؤوليها عند الخوض في العلاقة مع ايران ومدى تطورها او مستوى الاتصالات التي وصلت اليها، رغم تأكيدهم وجود تقاطع مصالح «آنية» بين البلدين يمكن البناء عليه مستقبلا، تمثل في الخطوات التي اتخذتها المملكة لجهة حربها على الارهاب وتجفيف منابعه وادراجها «حركة الاخوان المسلمين» على قائمة الجماعات الارهابية المحظورة، ما قرأت فيه ايران رسائل ايجابية صالحة للانطلاق منها.معتبرين ان السياسة الجديدة للمملكة وجدت ترجمتها العملية في كل من سوريا ولبنان والعراق، التي تحسبها طهران ساحات خلفية لها ومناطق نفوذ تستخدم اوراقها في اللعبة الايرانية الاكبر التي تشهدها طاولة المفاوضات الدولية بين الغرب والجمهورية الاسلامية، رغم اعتبار المملكة خطواتها الاخيرة ترجمة للاتفاق القائم مع الولايات المتحدة الاميركية وتجديد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والتي كرست في القمة التي جمعت الرئيس الاميركي باراك اوباما والعاهل السعودي في الرياض منتصف الشهر الماضي بعد سلسلة اجتماعات على مختلف المستويات بين الادارات المختصة في كلا البلدين.
خطوات نال لبنان نصيبه منها، اذ شكلت الخطط الامنية في كل من طرابلس والبقاع اولى الاختبارات العملية للتلاقي الجديد ، الذي اراح حزب الله وجمهوره بالتزامن مع الخطوات التي انجزها الحزب على طول الحدود اللبنانية السورية الشمالية والشرقية، وترجم تقاربا مفاجئا وتنسيقا امنيا غير مسبوق منذ مدة طويلة بين تيار المستقبل وحزب الله، انعكس تعاونا وصف بالبناء جدا بين الاجهزة الامنية اللبنانية المختلفة المتصارعة في العادة فيما بينها.
الا ان المحك الابرز امام حالة الرخاء التي تعيشها الساحة اللبنانية على الصعيد السياسي وان ظاهريا اقله، يبقى ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، التي تحدثت مصادر غربية عن ان الاتصالات التي جرت مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وتناولت موضوع الاستحقاق، افضت الى قناعة بأن طهران فوضت البت بالملف الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دون اقفالها الباب امام انفتاحها على كل مقترح «ايجابي» ممكن ان تمارس «مونتها» على حلفائها من اجل تسهيل تمريره.
فالمشهد السياسي الحالي بحسب المصادر الديبلوماسية يوحي بأن العداء بين الرياض وطهران قابل للإدارة. فالملف السوري،وارتباطا اللبناني،سيلعبان بالتأكيد الدور الأساس في تحديد مستقبل العلاقات الإيرانية-السعودية خلال المرحلة القادمة، ونجاح طهران في تحويل خطاب الاعتدال تجاه الجوار إلى برنامج عمل فعلي يطمئن هذه الدول، ما سيساعدها على تنفيذ برنامجها الاقتصادي الداخلي الذي يعد أولوية خلال هذه المرحلة، في ظل امتلاك إيران والسعودية مقاربة أكثر واقعية لمستقبل العلاقات بين البلدين، مقاربة يجب أن تأخذ بالاعتبار كل المتغيرات والمستجدات الإقليمية والدولية.
يؤكد تقرير دبلوماسي غربي وصل الى بيروت، ان تعيين الفريق اول ركن يوسف بن علي الادريسي رئيس جهاز المخابرات لم يكن مفاجئا، اذ بدا التمهيد لوصوله منذ فترة غير قريبة، وهو ما يظهره سجله العسكري حيث حصل على ثلاث ترقياتٍ في فترةٍ وجيزة جداً، واصفا شخصيته بالغامضة لا يعرف عنها إلاّ القليل ،قلما يظهر في الاعلام، يحظى بثقة الملك عبد الله، مطلع على تفاصيل الملفات لبنانية والسورية والمصرية – سربت معلومات عن اصوله مصرية- هندس استراتيجية الحرب على الارهاب التي تخوضها المملكة ،مقرب من دوائر الاستخبارات الغربية،تربطه علاقات قوية بعدد من قادة اجهزة المخابرات ومنهم اللواء الشهيد وسام الحسن.تابع دروسه العسكرية في الولايات المتحدة، نجح في مد خط تواصل مع الاستخبارات الايرانية عبر رجل اعمال عراقي. زار لبنان اكثر من مرة وشارك في لقاءات موسكو علما انه تولى عمليا ادارة الجهاز منذ اكثر من ستة اشهر.
جس النبض بين الطرفين هو سيد الموقف، وملف العلاقات بينهما مفتوح على كل الاحتمالات،على ضوء تطور العلاقات الغربية مع الجمهورية الاسلامية وقرب امكانية التوصل الى اتفاق نووي نهائي ،حيث تبقى الساحة اللبنانية احدى الساحات الاساسية لشد الحبال القائم بين البلدين الراعيين لمحورين اقليميين دينيين سياسيين وامنيين ساحتهما من المحيط الى الخليج، في منطقة تتداخل فيها العوامل الاقليمية والدولية وتتشابك فيها المصالح وتتغير موازين القوى، ومفتاحها الملف الفلسطيني، من هنا اهمية الاتفاقية الأمنية بين طهران والرياض والتي صاغها من جانب طهران حسن روحاني عام 98، عندما كان أمين المجلس القومي، يمكن أن تكون مدخلاً لإثبات النوايا.
خلط الأوراق في المنطقة وفق معطيات جديدة، وتراجع الدور الإيراني أو تقدمه، سيحددان شكل ومستقبل العلاقات السعودية-الإيرانية. فإما أن نشهد استمرارًا للتنافس على النفوذ والتأثير في القضايا الإقليمية. تنافس، اما يقوم على الاختلاف في معظم المواقف ليستمر الصراع بين القطبين السني والشيعي، أو ياخذ شكلا بعيدًا عن العداوة الصريحة الواضحة، وربما يصب ذلك لصالح تعاون ثنائي يحلحل بعض القضايا.
سي أن أن: تحذير بايدن من النووي الروسي لم يبن على معلومات استخبارية
قال العديد من المسؤولين الأميركيين لشبكة CNN إنّ "تحذير الرئيس جو بايدن ليلة الخميس من أن العالم يواجه أعلى احتمال...