في خضم الشغور الرئاسي الطويل واستمرار التهديدات الإرهابية يشهد لبنان حراكا
ديبلوماسيا إقليميا ودوليا لافتا بتزامن مع الحراك المستمر في شأن الأزمات
الإقليمية والملف النووي الإيراني.
فبعد زيارة الموفد الرئاسي الروسي نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط
ميخائيل بوغدانوف، والزيارة التي يقوم بها حاليا مدير قسم الشرق الأوسط في وزارة
الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، تزور مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في
الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني لبنان، ولاحقا يزوره عدد من المسؤولين
الإيرانيين وفي مقدمتهم رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الذي ستكون له
مروحة لقاءات مع عدد من المسؤولين.
ويعكس هذا الحراك الدولي تنامي الاهتمامات الدولية والإقليمية بالاستقرار في
لبنان والعمل ما أمكن على تخفيف تداعيات الحرب السورية عليه، ومن ثم وضع حد لأزمة
الفراغ الرئاسي فيه.
وهو ما ظهر بوضوح في محادثات كل من الموفدين الروسي والفرنسي.
1- بوغدانوف شدد في محادثاته على اهتمام بلاده باستقرار
الأوضاع في لبنان وضرورة التوصل الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي لما للشغور من
انعكاسات سلبية على هذه الأوضاع.
وتحاذر الديبلوماسية الروسية الإيحاء بأن ما طرحه بوغدانوف خلال الزيارة عن
السعي إلى رئيس توافقي للخروج من الشغور، يهدف إلى «شطب المعادلة الحالية وبالتالي
المرشحين المطروحين في الوقت الراهن، أي رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال
عون، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» د. سمير جعجع.
ويقول مصدر ديبلوماسي روسي (بحسب تقارير صحافية): «صحيح أن بوغدانوف طرح مسألة
المرشح التوافقي، لكننا لا نعتقد أن موقفا كهذا، في هذه الظروف اللبنانية يعني وجود
توجه لدينا لمصلحة أحد الطرفين. ولا علاقة للموقف الروسي بمسألة استبعاد مرشح أو
بأن روسيا تريد أن تنحاز لأي من التكتلين الكبيرين، والحديث عن رئيس توافقي». ويعود
حذر الجانب الروسي حيال فكرة البحث عن رئيس توافقي الى أن الجهود الدولية في هذا
الصدد مازالت قائمة ومستمرة لدفع اللبنانيين الى انتخاب رئيس، وبالتالي فإن تفسير
هذا التوجه على أنه استبعاد لمرشح أو مرشحين، سيؤدي بقوى خارجية الى اتهام روسيا
بأنها تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، وبالتالي يزيد من تعقيد الأمور فتطرح قوى
خارجية مرشحا آخر.
2- زيارة الموفد الفرنسي فرنسوا جيرو (الذي كان زار الفاتيكان
يوم الجمعة قبل توجهه الى بيروت، وهو كان زار طهران في 12 نوفمبر الماضي) لتحريك
موضوع الرئاسة في لبنان، تركزت حول ضرورة فصل هذا الملف عن الأوضاع الإقليمية.
وفي هذا الإطار تقول مصادر ديبلوماسية إن التحرك الفرنسي إنما ينطلق من كون
«لبنان ليس في مقدوره أن يبقى منتظرا على رصيف التعقيدات الإقليمية، لاسيما أنه بات
واضحا أن الأزمة السورية طويلة وأن المفاوضات النووية الإيرانية الغربية لاتزال
بعيدة عن تحقيق النتائج المتوخاة منها».
على هذا الأساس، أشارت المصادر الديبلوماسية إلى أن جيرو تناول خلال محادثاته
اللبنانية «إمكان إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية بما يتيح انتخاب رئيس جديد
للجمهورية يتوافق عليه الأفرقاء اللبنانيون، على قاعدة ضرورة التنبه إلى أن استمرار
الشغور الرئاسي لن يضفي على الوضع في لبنان إلا مزيدا من الصعوبة والتعقيد».
وقال مصدر فرنسي مطلع على الاتصالات التي تقوم بها باريس إن زيارة جيرو للبنان
تندرج في إطار الجهود التي تبذلها الديبلوماسية الفرنسية للعمل على جمع كل الذين
يرغبون في أن يكون لبنان نائيا عما يحصل في سورية منذ 2013 عندما سعت فرنسا الى
إنشاء مجموعة دولية لدعم لبنان وتجنيبه تأثير ما يحصل في سورية.
وتوصي باريس حاليا إيران والسعودية بتحييد لبنان عما يجري في سورية والعمل على
تشجيع أصدقائهما للدفع لانتخاب رئيس.
وتوضح باريس أنه ليس هناك أي اتفاق بينها وبين طهران حول الانتخابات الرئاسية
اللبنانية ولا يمكن أن يكون هناك اتفاق فرنسي إيراني حول مرشح رئاسي، ولكن الاتفاق
الوحيد الممكن الوصول إليه مع طهران هو إقناع الجانب الإيراني بأن يخرج لبنان من
المعادلة السورية ـ العراقية والمعادلة السنية ـ الشيعية والموافقة على التحاور حول
الموضوع اللبناني خارج هذه المعادلة لمنع انحراف كالذي حدث مع نوري المالكي في
العراق.
وترى باريس أن هناك استعدادا لدى بعضهم في إيران للتحاور في هذا الإطار، ولو
بحذر، لأن هناك مراكز قرار مختلفة في طهران وليس واضحا تماما إذا كان الجانب الذي
يبدي موافقة على مبدأ التحدث حول لبنان خارج المعادلة السورية ـ العراقية والسنية ـ
الشيعية على اتفاق مع غيره داخل النظام الإيراني. ورأى المصدر أن هناك تقدما في هذا
الموضوع من جانب في إيران ولكن ليس هناك تقدم بالنسبة للانتخابات الرئاسية.
واعتبر المصدر أن الوضع في لبنان كان معطلا كليا ولكنه الآن أقل تعطيلا بقليل
بعد الدعوة الى الحوار من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس تيار
«المستقبل» الرئيس سعد الحريري، والأيام المقبلة ولقاءات جيرو ستظهر إذا كانت هناك
إمكانية للخروج من التعطيل. ولدى باريس قناعة بأنه إذا كان المسعى الى وضع قانون
انتخابي قبل الاتفاق على الرئاسة لن يكون هناك انتخاب
رئيس.
لبنان: الحفاظ على الاستقرار وإمكان تحقيق خرق في الجمود الرئاسي” itemprop=”name headline”>
لبنان, الحفاظ, الاستقرار” itemprop=”keywords”>
لبنان حراكا ديبلوماسيا إقليميا ودوليا لافتا بتزامن مع الحراك المستمر في شأن الأزمات الإقليمية والملف النووي الإيراني.فبعد زيارة ا” itemprop=”description”>