بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى التي انتهت بانتصار «الحلفاء» على «دول المحور»، تم توقيع معاهدة «سايكس ـ بيكو» التي عقدت بينهما سنة 1916 ورسمت حدود المنطقة العربية وتم تحديد حدود الدول العربية وعددها ومنحت وعد بلفور الشهير للصهاينة كما خضعت المنطقة العربية للاستعمار المباشر البريطاني، والفرنسي، والايطالي، واقتطعت لواء الاسكندرونة أثناء الحرب العالمية الثانية ليمنح لتركيا لكي تنحاز للحلفاء ضد ألمانيا النازية وحاول الاستعمار الفرنسي ترسيخ النزعة الانفصالية داخل سوريا في حلب ودمشق وجبال العلويين.
والآن، احد الاوساط المتابعة للتطورات في الشرق الاوسط، يقول: ها نحن نشهد هذه الأيام سقوطاً لتقسيم «سايكس ـ بيكو»، ولا نعلم كيف ستكون طبيعة الدول في المنطقة العربية بعد اجتياحات «داعش» مناطق واسعة من العراق وسوريا تحت شعار الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. لقد أثار توسع «داعش» الخوف والرعب في دول المنطقة حيث أنها تمر في ظروف صعبة بعد انطلاق ما يسمى «الربيع العربي» إن هذا التنظيم المتسلح بالشعار الديني والسلاح وآلاف المقاتلين من كل بقاع العالم والكيانات التي إقامتها الدول المستعمرة على عجل وإرادتها أن تكون ضعيفة حتى يستمر نفوذ الاستعمار فيها ويهيمن على قرارها تواجه اليوم خطر الانهيار والتفكك لأنها فشلت في إيجاد نظام وحدوي بينها يتيح مجالا للحريات وحكمت بأنظمة يسود فيها إما حكم الفرد، أو حكم العسكر.
وتتابع الاوساط، إنّ اجتياح «داعش» لمناطق واسعة من العراق وسوريا لم يتم فجأة بل بتواطؤ من القوى الاستعمارية ودول الجوار مثل تركيا. حتى وان كان غير معلن لا يعقل أن تجتاح «داعش» دولتين كانت الآمال العربية في قوتهما لتحرير فلسطين ذات يوم من الاحتلال الصهيوني. إنّ «داعش» اجتاحت اقوى دولتين عربيتين والدول المتبقية اقل قوة منها وأنظمتها أقل صلابة من النظام العراقي والسوري إنّ الرعب الآن يسود أرجاء لبنان والأردن والسعودية وأيضا الكويت بل قد يمتد الخوف ليصل إيران، إنّ «داعش» اليوم تمتلك إيرادات النفط والأسلحة المختلفة التي غنمتها من الجيش العراقي والسوري. ها هي داعش تُعيد رسم خريطة المنطقة من جديد من العراق لسوريا إلى الأردن، ولبنان، والكويت، والسعودية حتى اليمن ترفع شعاراً إسلامياً يمتد بقوة السلاح ويتجنب الاحتكاك مع إسرائيل.
وتقول الاوساط ان الأنظمة العربية تعيش قلقاً على مصيرها وتنتظر تفكيكها وهي غير مؤهلة لبناء جيوش عصرية لها القدرة على مواجهه إسرائيل ولا يوجد مشروع سياسي عربي يحصن الأنظمة القائمة ويساهم في هزيمة جحافل داعش القادمة من كل صوب بل قد يمتد الانهيار لدول المشرق مثل إيران وتركيا. في كلّ الحالات نحن أمام خريطة جديدة ترسم الآن.
في ظل الواقع الجغرافي المصطنع والقومي المبتور، ورغم تغيّر الوجوه وتبدل العهود في عواصمها، ظلّت دول سايكس – بيكو تعاني حالة فقدان مناعة مزمنة تضيف الاوساط في مواجهة تياراتها التحتية المذهبية. وقد تكون هذه المناعة المفقودة السبب الأول في فشل صمود «الربيع العربي» في وجه التيارات الدينية المتطرفة التي صادرته دون كبير عناء.
وتختم الاوساط عينها بالقول : ربما تشكل مجتمعات الشرق الأوسط المتدينة بيئة حاضنة لتترعرع الأحزاب الدينية، مع ذلك تصعب تبرئة الحكام الأوتوقراطيين من فشلهم في ترسيخ مفهوم فصل الدين عن السياسة في دولهم، فبقي شعار «الدين لله والوطن للجميع» مجرد أمنية صعبة التحقيق. من هنا ضرورة تذكير العواصم العربية والغربية القلقة من المد «الداعشي» في البلدان العربية والاجنبية. ايضا أن أي مسعى جدي للقضاء على التنظيمات «الإرهابية» التي سيّست الدين لتتاجر باسمه، يبدأ بالقضاء على مهيئي البيئة الحاضنة لها، أي الأنظمة الأوتوقراطية المتبقية في الشرق الأوسط، سواء تجلببت ديكتاتوريتها ببزة عسكرية أم مدنية.
ولكن تتساءل، الاوساط، ما الأفضل العمل على خلق فضاء سياسي سليم تشارك فيه كل أطياف المجتمع وتياراته العلمانية والقومية والاشتراكية والإسلامية والمسيحية والعمل يدا في يد من أجل بناء وطن تسوده الديموقراطية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية التي طالما نادى بها شباب «الربيع العربي»، والتنمية الشاملة والرقي الحضاري، أم انتظار طوفان «الدواعش» والاقتتال الداخلي الرهيب والطوفان الذي لا يبقي ولا يذر ؟؟
لماذا يهدّد الروس العالم بالسّلاح النووي؟
كان الخطاب الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاحتفال بضمّ الأقاليم الأربعة إلى روسيا بمنزلة استكمال للخطاب السابق الذي...