بعد شهرين على بدء هجومه على كوباني السورية بات تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” يخوض حرب استنزاف مكلفة في المدينة التي كانت حتى قبل وقت قصير مهددة بالسقوط، في ظل مقاومة شرسة من المقاتلين الأكراد المدعومين بغارات الائتلاف الدولي وقوات مساندة فعالة.
ويقول الخبير الفرنسي في الشؤون الإسلامية رومان كاييه لوكالة الصحافة الفرنسية “تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على أكثر من نصف المدينة لكنه لم يعد يحرز تقدما. قبل أسابيع، كل شيء كان يؤشر إلى سقوط وشيك لكوباني، ومن الواضح اليوم أنها لن تسقط”.
في 29 تشرين الأول/أكتوبر، عبر المنسق الأميركي لحملة الائتلاف العربي الدولي ضد التنظيمات الجهادية الجنرال المتقاعد جون آلن عن قناعته بأن “كوباني ليست على وشك السقوط في أيدي داعش“، وذلك بعد وصول قوات البشمركة العراقية إلى المدينة لدعم المقاتلين الأكراد.
مخاوف من سقوط كوباني
وبدا منذ ذلك الوقت أن المعركة تشهد نقطة تحول، وذلك بعد أيام على تعبير مسؤولين أميركيين، وعلى رأسهم الرئيس باراك أوباما، عن “قلقهم الشديد” على كوباني بينما كان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يؤكد أن “كوباني على وشك السقوط”.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل في معركة كوباني 609 عناصر من داعش و363 عنصرا من “وحدات حماية الشعب” الكردية، و24 مدنيا.
وفوجىء التنظيم الجهادي الذي كان يرى المدن والجبهات (في سورية والعراق) تفرغ حتى قبل وصوله نتيجة الرعب الذي يثيره وقوة ترسانته من الأسلحة والذخائر، بمقاومة كوباني الشرسة.
ويقول مدير المرصد رامي عبد الرحمن “نفذ التنظيم 23 عملية انتحارية في مدينة تتراوح مساحتها بين ستة وسبعة كيلومترات ولم يتمكن من الاستيلاء عليها. ماذا يمكنه أن يفعل بعد؟”.
ويضيف “الواقع أن التنظيم لم يعد يحشد قوات بالكثافة نفسها (…) ولم يعد يركز على المدينة التي تحولت المعركة فيها بالنسبة إليه إلى حرب استنزاف”.
ويوضح “لم تتغير الخريطة على الأرض كثيرا منذ دخول قوات البشمركة العراقية إلى كوباني” في 31 تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن المعارك العنيفة تركت مكانا لـ”اشتباكات متقطعة لا سيما في وسط المدينة وجنوبها، بينما الدور الأساسي حاليا هو لعمل القناصة”.
وأشار إلى أن “قناصة الدولة الإسلامية ينتشرون على كل الأبنية في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم وعلى خطوط التماس”.
ويرى الشامي الموجود في كوباني في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية أن “الطيران ووصول القوات والسلاح الذي دخل المدينة كان لها دور كبير في وقف تمدد داعش“، مضيفا أن التنظيم “شن هجمات عدة على البوابة الحدودية مع تركيا، ولو تمكن من الإمساك بها، لكانت انتهت معركة كوباني لمصلحته بنسبة 80 في المائة”.
وساعدت قوات البشمركة الكردية العراقية القوات في كوباني في السيطرة على بعض القرى حول المدينة لكن خطوط السيطرة فيها مازالت كما هي.
وأصبحت البلدة اختبارا لقدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على وقف تقدم مقاتلي داعش. وهي من المناطق القليلة في سورية التي يمكن تنسيق الضربات الجوية فيها مع العمليات التي تقوم بها قوات برية بفاعلية.