تستعد الحكومة العراقية لإقرار نظامها الداخلي، بعد أربع سنوات من العمل من دون هذا النظام، فيما تتواصل التحضيرات لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية يحضره معارضون سنة وزعماء عشائر. وتعيش بغداد وكربلاء وطأة إجراءات أمنية غير مسبوقة في يوم عاشوراء، تحسباً لهجمات يشنها مسلحو «داعش» على التجمعات الشيعية، بعد تبنيه هجمات أول من أمس.
وفيما أعدم «داعش» 36 شخصاً من أبناء عشيرة البونمر أمس، يواصل زعماء عشائر وسياسيون من صلاح الدين والموصل اجتماعاتهم مع الحكومة ومسؤولين في السفارة الأميركية للبحث في آليات تحرير المناطق التي وقعت تحت سيطرة التنظيم.
وقال مصدر سياسي مطلع لـ «الحياة»، إن «الولايات المتحدة ودولاً عربية مهمة تدعم مؤتمر المصالحة الوطنية، وساهمت في إقناع معارضين للعملية السياسية بالمشاركة فيه، على إن تليه اجتماعات تعمل على تنفيذ مطالب تسلمتها الحكومة أخيراً من شخصيات سياسية وعشائرية بارزة».
وأشار إلى أن «الحكومة تدرس تنفيذ قانون العفو العام، فيما أكملت هيئة المساءلة والعدالة تعديلات قانون الهيئة المتعلق بمنع أعضاء حزب البعث السابقين من تسلم مناصب عليا وسيتم رفع الاقتراحات إلى البرلمان خلال أيام».
وأوضح أن «التعديلات تضمنت استثناء أعضاء الشعب في الحزب من منع تسلم مناصب حكومية عليا، ووقف قرار مصادرة أموال وعقارات أعضاء الحزب الكبار، وتحويل قضية تطبيق القانون على مجلس القضاء الأعلى».
وأكد كامل المحمدي، أحد شيوخ عشائر الأنبار لـ «الحياة» أمس، أن «مسؤولين في الحكومة بحثوا مع عدد من الشيوخ وفصائل مسلحة في المشاركة في مؤتمر للمصالحة يعقد في بغداد». وأضاف أن «شيوخ عشائر بارزين وشخصيات معارضة للعملية السياسية ومناوئين لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي كانوا حضروا مؤتمر عمان الذي عقد في تموز (يوليو) الماضي، سيشاركون في مؤتمر بغداد».
الى ذلك، يجري أعضاء مجالس محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين اجتماعات منذ يومين مع مسؤولين في الحكومة ومسؤولين أميركيين في بغداد للبحث في أوضاع مدنهم التي يسيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على أجزاء واسعة منها.
وأفاد عضو في مجلس محافظة الأنبار «الحياة» أمس، بأن «المجلس شرح للسفير الأميركي ستيوارت جونز خلال اجتماع عقد مساء أمس، المأساة التي تعيشها المحافظة أمنياً واقتصادياً»، ولفت إلى أن الوفد طلب دعما عسكرياً دولياً وعربياً أكبر من الدعم الحالي، «وسنجدد طرح مطلبنا بنشر قوات برية لمنع انتكاسة جديدة في الأنبار».
من جهة أخرى، أعلن محافظ نينوى أثيل النجيفي في بيان أمس، أن لقاءه رئيس الوزراء حيدر العبادي كان «مثمراً في ما يتعلق بوضع الموصل». وقال الناطق باسم رئيس الحكومة رافد الجبوري لـ «الحياة»، إن «اللجنة الوزارية التي كانت مكلفة إعداد النظام الداخلي لمجلس الوزراء أنهت التعديلات». وأشار إلى أن «جلسة الأربعاء ستشهد التصويت على النظام، وهذه خطوة أساسية في عملية إصلاح هيكلية الدولة وفق رؤية رئيس الوزراء لبناء الدولة».
أمنياً، قال الشيخ نعيم الكعود، وهو أحد كبار زعماء العشائر، إن «داعش أعدم أمس 36 شخصاً من عشيرة البونمر، بينهم أربع نساء وثلاثة أطفال». وأكد وجود «أكثر من ألف شخص (من أبناء العشيرة) لا نعرف عنهم أي شيء حالياً»، متخوفاً من أن يلقوا المصير نفسه «لأن التنظيم أصدر فتوى بإعدام الطفل الرضيع من عشيرة البونمر».
إلى ذلك، أفادت وكالة «فرانس برس» أن قوات الأمن اتخذت إجراءات غير مسبوقة استعداداً لإحياء مئات آلاف الشيعة اليوم ذكرى عاشوراء، لا سيما في بغداد وكربلاء، تحسباً لهجمات قد ينفذها «داعش». وفي تحد لهذه الإجراءات، تبنى تنظيم «الدولة الإسلامية» تفجيرين بسيارتين مفخختين في بغداد الأحد، أديا الى قتل 18 شخصاً على الأقل، واستهدف أحدهما خيمة عزاء للشيعة.
وأغلقت قوات الأمن طرقاً في بغداد، وحلقت مروحيات بشكل مكثف في سمائها أمس. وقال قائد العمليات في الفرات الأوسط الفريق الركن عثمان الغانمي، إن «أكثر من 26 ألف عنصر من قوات الأمن منتشرون داخل كربلاء وعلى الطرق المؤدية إليها».