أدركت قوى الرابع عشر من آذار أن الفريق الآخر لن يلاقيها في منتصف الطريق
بالموافقة على مبادرتها الرئاسية. وفيما كانت تنتظر هذه القوى موقفاً واضحاً من
طرحها، وتحديداً من قبل حزب الله، معوّلة على قبوله بدء البحث عن مرشّح توافقي
بعدما أدركت أن حظوظ مرشّحها سمير جعجع معدومة، أتاها الجواب واضحاً أمس. لم يُعلن
الحزب في بيان له رفض المبادرة، ولا نقل ذلك على لسان أحد نوابه. فضلّ، عوضاً عن
ذلك، نشر صورة تجمع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله برئيس تكتّل التغيير
والإصلاح النائب ميشال عون. هذا الاجتماع يعني أن لا حاجة إلى نقاش في تفاصيل
المبادرة التي رفضها عون فور الإعلان عنها.
وبذلك، يؤكّد الحزب أن «مرشّحه
للرئاسة لا يزال العماد عون، ومن يرد البحث بهذا الملف عليه أن يتحاور معه»، كما
أعلن السيد نصرلله سابقاً. وبالتالي، فإن الثوابت التي تجمعهما لا تُمس. ويأتي
الاجتماع الذي عُقد في حضور الوزير جبران باسيل والمعاون السياسي للسيد نصرالله
حسين الخليل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، وسط قلق متنامٍ من
خطر المجموعات التكفيرية المتزايد، وأحداث عرسال ونتائجها، وتطور ملف المخطوفين
العسكريين في شكل خطير. وقد تم خلاله عرض الأوضاع في لبنان والمنطقة، وخصوصاً
الإرهاب وإسرائيل وخطر الموجة التكفيرية، كما أكد «صحة الرؤية المشتركة السابقة
للأخطار ودقة التقدير لما هو آتٍ».
فهِم تيار المستقبل جيداً مغزى اللقاء. وصلته الرسالة سريعاً، ما دفع كتلته
النيابية أمس إلى تكرار الدعوة الى «الالتزام بانتخاب رئيس جديد للبلاد للانتهاء من
حالة الشغور الرئاسي وفتح المجال أمام اللبنانيين لإعادة تكوين السلطة وتجاوز حال
الانقسام والارتباك والتراجع». وذكرت الكتلة في بيان، بعد اجتماعها الأسبوعي، أنها
«تقدمت مع قوى 14 آذار بمبادرة تتعلّق بانتخابات رئاسة الجمهورية للخروج من المأزق
الراهن». وأسفت «للردود والمواقف السلبية التي ظهرت على لسان بعض الشخصيات والقوى
السياسية. وبدل أن تتم مناقشة مبادرة قوى 14 آذار، إذا بها تسخّف مبادرة من يسعى
إلى انتخاب رئيس للجمهورية». ورأت أن «هذا الأسلوب الاستعلائي لا يُمكن القبول به،
وهو إن دل على شيء فعلى حجم التورم السياسي الذي أصاب تفكير هذه
الأطراف».
وعلقّت مصادر نيابية مستقبلية بارزة على اللقاء بالقول إن «نصرالله
وعون يتحمّلان مسؤولية إيصال لبنان إلى هذا الوضع». ورأت أن «عون لا يزال ينتظر حزب
الله الذي ينتظر بدوره إيران وأحداث المنطقة، ظناً منهما أن نتائجها يمكن أن
تساعدهم في إيصال عون الى بعبدا». ولفتت المصادر إلى أنه «ليس من المنطق أن يدعو
رئيس مجلس النواب الى عقد جلسة انتخاب ويتغيّب عنها نواب الحزب والتيار، بل عليهم
الحضور كما يفعل الرئيس بري ونواب كتلته، أو على الأقل فليقل الحزب إن عون هو
مرشّحه، حتى نضع خطّة للتعاطي معهما». ورأت المصادر أن «نصرالله وعون يتعاملان مع
فريق 14 آذار وكأنه غير موجود».