حجب الغليان الشمالي كل التطورات والملفات السياسية الداخلية في غياب المخارج للمآزق المطروحة، من مدينة طرابلس امتدادا الى بوابة عكار الجنوبية ، متقدما على ما عداه بما فيها اعتقال احمد الميقاتي رغم ارتباط السلسلة الممتدة من بداية الدخول اللبناني على خط النزاع السوري مرورا بملف اللاجئين السوريين وصولا الى الوضع الحالي وما يتفرع عنها من ملفات، لن يكون من السهل احتواء تداعياتها ومآلها. فالمواجهات التي تشهدها المناطق الشمالية تقول مصادر شمالية عززت المخاوف من المخاطر المتعاظمة التي تواجهها البلاد في ظل الاشارات المتزايدة الى عمليات يراد منها نقل المعارك من سوريا الى لبنان ، وسط سباق بين الاتصالات لحصْر المعارك، وبين محاولة «تفكيك هذا اللغم« بما يجنّب طرابلس تداعيات أمنية كبرى تنذر بالتمدُّد الى مناطق شمالية اخرى، وربما ابعد.
في التحليل المنطقي تضيف المصادر يمكن وصف اشتباكات طرابلس بالتمرد المسلح تقوده «جبهة النصرة» و«داعش» وبعض القوى المحلية السلفية، كاشفة مخططا لربط طرابلس بتوترات المنطقة، وتخوفت المصادر، تخوفت من تحول احمد ميقاتي إلى نسخة كربونية عن توقيف الإرهابي عماد جمعة في عرسال، على امل اختلاف الخواتيم، موردة الملاحظات التالية :
-اشتعال الوضع بدا مرتبطاً بتداعيات العملية العسكرية – الامنية التي نفذها الجيش في بلدة عاصون وأوقف خلالها أحمد سليم ميقاتي، اذ انه جاء على خلفية محاولة توقيف مطلوبين من جهة ، ونتيجة رغبة «داعش» في الانتقام ، بعد تسريب شائعات عن ان ميقاتي فارق الحياة تحت التعذيب ،عززها اتصال من مجهول يطلب من ذويه تسلم جثته.
– يتوزع المسلحون على مجموعات إرهابية صغيرة تتنوع ولاءاتها بين «النصرة» و«داعش» وبقايا حقبة المحاور. فبحسب المعلومات يتولى قيادة المجموعات المسلحة كل من : «أبو هريرة» الابن البكر لأحمد سليم ميقاتي على محور الاسواق القديمة، وهو تربطه صلات جيدة بمعظم المجموعات السلفية المقاتلة في المدينة، حضر ليل الجمعة من القلمون تحضيرا لعملية كبيرة تتزامن مع راس السنة الهجرية تحدثت المعلومات عن انها كانت عبارة عن تفجير ثلاث سيارات مفخخة تم العثور عليها في المنية، مجموعة الشيخ حاد حبلص في مثلث المنية – المحمرة – بحنين، اما المجموعات المسلحة الموجودة بأحياء التبانة الداخلية تابعة لشادي مولوي واسامة منصور وأبو هريرة وأبو جبريل وأحمد ميقاتي أبو الهدى.
-سبق اندلاع الاشتباكات دعوة كل من الشيخ خالد حبلص والشيخ طارق الخياط الى العصيان المسلح ضد الجيش اللبناني، وإلقائهم خطباً نارية عقب صلاة الجمعة، تضمّنت تحريضاً على الجيش واتهامه بأنه ينفّذ الخطة الامنية على السُنّة فقط، داعين السُنّة الى ترك الجيش، ناشرين أول تباشير ما أسموه بالثورة، متخذين من كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق سببا للدفاع عن أهل السنة.
– هل تنتقل المعركة الى بيروت في ظل التقارير عن ظهور مسلحين في بعض شوارع بيروت بالتحديد في منطقة الطريق الجديدة شارع عفيف الطيبة ، وشارعي الجزار والسبيل، وعما إذا كانو سيلجأون لأي عمل أمني في المدينة، رغم تأكيد المصادر العسكرية على اتخاذ كل الاحتياطات الميدانية لمنع الخلابا المائمة من تنفيذ اي حطة.
-توفر معلومات لدى الجيش افادت عن عزم المسلحين دخول أحد الجوامع في الزاهرية لإعلان إمارة في طرابلس والطلب من الشباب الالتحاق بهم وتنفيذ هجمات ضد الجيش، فتحرّكت وحدات من الجيش على الفور ضمن خطة محكمة ، وفق سلسلة من الاجراءات اتخذت بعيد عملية عاصون ما حد من فعالية تحرك المسلحين واحبط تحركهم ذلك ان جهوزية الوحدات سمحت لها بالتحرك بسرعة كما حصل في مسالة خطف الجنود الخمسة .يشار الى ان فيادة الجيش عممت مذكرة خدمة طلبت بموجبها من العسكريين عدم مغادرة الثكنات والمواقع بعد خطف جنديين من منزلهما.
مصادر عسكرية اعتبرت أن الجيش غير معني بأيّ مساومات من أيّ نوع، وأنه لا خيار أمام المسلحين سوى تسليم أنفسهم وأسلحتهم وخيار المؤسسة العسكرية هو القضاء عليهم مهما بلغت التضحيات، وممنوع تحويل طرابلس إلى مرتع لمناصري تنظمي داعش وجبهة النصرة، فالاسلوب المستخدم في استهداف المؤسسة يشبه الى حد كبير ما كان يجري في العراق ، ما اوجب التعامل مع تلك المجموعات بشكل سريع قبل ان تتمكن من فرض امر واقع يستحيل التعامل معه ، خصوصا ان المفاوضات لن تصل الى اي نتيجة واستمرت الاعتداءات من قبل مجموعات معروفة بالاسماء ، في محاولة لاضعاف معنويات العسكريين وتوجيه رسائل مباشرة اليهم بضرورة عدم الوقوف في وجههم ، بعد فشل محاولات شق الجيش، موضحة ان أهداف المسلحين من وراء التفجير الأخير، تندرج ضمن اشغال الجيش وتشتيت قواه واستنزاف طاقاته، في محاولة لتخفيف الضغط عن المسلحين في جرود عرسال وفرض أمر واقع ميداني في الشمال يبدأ في طرابلس ويمتد إلى عكار، مختبرين ردة فعل المؤسسة العسكرية ميدانيا، والحكومة سياسيا، عبر استنفار العصبية المذهبية واستثارة الحساسيات الطائفية، وتصوير طرابلس مدينة محاصرة ومستهدفة، موجهين الرسائل إلى المرجعيات السياسية والروحية وإلى أبناء المدينة والشمال، بأن قرار طرابلس هو في يد المجموعات المسلحة. وتختم المصادر بان لدى الاجهوة المعنية معلومات خطيرة للغاية حول المجموعات الارهابية وخطط عملها واستهدافاتها ، وانه لم يتم الكشف عن هذه المعلومات حرصا على عدم بث الذعر والرعب ، خصوصا ان القوى الامنية والعسكرية تعمل بشكل حثيث على منع تنغيذ هذه الخطط ، محققة حتى الان نجاحات مهمة ونوعية.
لأول مرة حرب طرابلس بلا جبل محسن. فمعركة اليوم تقول المصادر الشمالية، ليست بأدوات الأمس ولا بزعماء محاور القتال. بمعزل عن اسم الفاعل أو الفاعلين، الثابت ان ما يهيأ لطرابلس وعكار وسواهما خطر وخطر جدا، وانه إذا نجح يمكن أن يهدد ليس الأمن الوطني، بل الكيان بأسره ويضع مستقبل الوطن على المحك.
فالبلد يعيش تفجيرات متنقلة. إذ لماذا اشتعلت في طرابلس وعكار ؟ ومن أوصل الأمور إلى حافة الهاوية تقريبا، قبل أن يعيد الجيش التحكم فيها من جديد؟ هل انقلب شادي المولوي على الاتفاق الذي اخرجه من مسجد عبدالله بن مسعود، ليطيح بالخطة بخطة امنية اقر وزير الداخلية بظلم تنفيذها من البقاع الى الشمال؟ هل تجاوزتْ عاصمة الشمال اللبناني طرابلس «قطوعاً» هو الأخطر منذ تطبيق الخطة الامنية فيها ؟ام الحساسيات المذهبية والحسابات السياسية الداخلية والاقليمية مرشّحة لمزيد من الاختبارات «بالنار»؟ والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه: ما هي أفق الجولة الأخيرة؟ هل هي معركة محدودة في الزمان والمكان، أم هي بداية لتطورات يتخوف ان تكون قد بدأت في الشمال بعدما انحسرت في البقاع؟
في انتظار جواب القوى السياسية، الذي لن يأتي على الارجح، الوطن في قاعة الانتظار. تؤكد المصادر، فالمخطوفون العسكريون ينتظرون الوسطاء الذين لم يشعلوا كل محركات وساطاتهم بعد. والحكومة رهينة تجاذبات أطرافها ومناكفاتهم. ورئاسة الجمهورية معلقة إلى ما بعد التمديد لمجلس النواب. والتمديد لمجلس النواب ينتظر الاخراج المطلوب، وهو على ما يبدو سيكون اخراج اللحظة الأخيرة بحيث يصبح التمديد السيىء أفضل من الخيار الاسوأ: أي تمدد الفراغ إلى البرلمان.
لماذا يهدّد الروس العالم بالسّلاح النووي؟
كان الخطاب الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاحتفال بضمّ الأقاليم الأربعة إلى روسيا بمنزلة استكمال للخطاب السابق الذي...