لا يمكن ان تبقى الاوضاع في العراق على حالها اذ لم يطرأ تغيير فعلي على الساحة السياسية لتحسين الامور فبدلا من المالكي جاء العبيدي وبدلا من تقوية النفوذ العربي تعزز النفوذ الايراني وبدلا من ان تخفف ايران وطأتها على الاجهزة الاستخبارية العراقية احكمت سيطرتها عليها وبدلا من اخماد نار الفتنة في المجتمع العراقي ازداد الحقد في قلوب السنة.
لم يعد العراق بلدا واحدا موحدا بل بات اجزاء تسيطر عليه جماعات متطرفة مدعومة من تركيا ودول عربية سابقا حيث لا تعرف هذه الجماعات التعددية ولا التنوع ولا الديموقراطية واجزاء تحت سيطرة الجيش العراقي لكنها دائما مخروقة بتفجيرات وبانتحاريين.
منذ عام 2003 والعراق يتخبط في ازمات دموية احيانا وسياسية وطائفية احيانا اخرى فلا الشعب العراقي عرف الهدوء منذ غزو الولايات المتحدة وتمدد النفوذ الايراني فيه في مرحلة لاحقة ولا الدول العربية شهدت استقرارا.
فبعد النكبة التي اصابت العرب عند خسارة جزء كبير من الاراضي الفلسطينية لمصلحة الاحتلال الاسرائيلي الى جانب حروب قام بها قادة عرب لم تأتِ بالثمار المطلوبة، سقط العراق في ايدي الاميركيين واضعف جيشه ليتسمله لاحقا الايرانيون ولتتعمق الفجوة بين الـسنة والشيعة ويذوب العراق في حرب مذهبية تنبثق منها منظمات ارهابية خطرة لا تعترف بالحدود وتسعى الى احداث تغيير في خريطة المنطقة.
ألم يرَ الجميع من رؤساء دول عربية ومن شعب عربي ان سقوط العراق كان الخطيئة المميتة في حق العروبة وفي حق امن دولنا وفي حق سيادتنا؟ الم يقتنع الجميع من رؤساء اجهزة امنية في الدول العربية ومن مسؤولين امنيين عاديين ان خراب العراق وصلت شظاياه الى كل الدول المحيطة به؟ الم يقتنع الجميع من قادة جيوش عربية ومن عسكريين عاديين ان اضعاف الجيش العراقي اضعف قوة الدول العربية وسيادتها؟
ان العراق يظل اهمية استراتيجية للعرب ولايران ولتركيا وللمنطقة بأسرها لان هذا البلد رغم الخراب والدمار والقتل الذي اصابه يبقى حجر اساس في اي حل يطرح للتوصل الى امن واستقرار في المنطقة. والحال انه ليس صحيحا ان امن المنطقة يمر من خلال الجمهورية الاسلامية – الايرانية لانه رغم تواجد ايران القوي في العراق لم يمنع ذلك ظهور «داعش» وبسط سيطرته على الموصـل ومنـاطق شرقية وشرقية شمالية في العراق. «داعش» استباح اراضي عراقية ولم تستطع ايران كبحه او تحجيمه او انهاء هذا التمرد لا بل توسع هذا التنظيم الارهابي في بلاد الرافدين.
والان كيف صار حال العراق؟ بات بلدا متقطع الاوصال وشعبا مقسماً الى فئات تتصارع فيما بينها حتى الموت. بيد ان الحالة مستعصية في العراق اذ لا تستطيع اي دولة اقليمية رغم قوتها ان تقوم منفردة باخماد النيران اذا كانت سبل معالجة العراقنة والمتبعة حالياً سارية المفعول.
الامن في المنطقة يبدأ في العراق من خلال تعزيز دور العرب فيه وتطبيق العدالة والمساواة بين ابناء هذا البلد فلم يعد خافيا على احد ان العراق يمكن ان يكون الجنة في آن والجحيم في آن آخر.
نور نعمة