«إعصار داعش» الذي هب من العراق وألغى الحدود مع سورية ووصل الى حدود لبنان ليصيب
برذاذه عرسال، أثار حالة من القلق والترقب في لبنان من وجود مخططات واحتمالات لتمدد
«داعش» وغيره من التنظيمات الى لبنان عبر عرسال وجرودها.
وهناك شعور واعتقاد
بأن عرسال ستشهد جولة ثانية من القتال وأن «عرسال 2» حاصلة لأسباب تتعلق خصوصا
بظروف المسلحين الذين يداهمهم فصل الشتاء وهم في حاجة إلى بقاء خط الإمداد والتواصل
مع عرسال مفتوحا. ولذلك فإن هناك مخاطر من تحول جبهة عرسال من جبهة متحركة الى جبهة
مفتوحة هدفها إشغال الجيش اللبناني والضغط على لبنان وحكومته.. وفي التوقعات:
1 ـ العميد المتقاعد وهبي قاطيشا (مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية) يعتبر أن
الوضع في عرسال لم ينته بعد لناحية اختطاف العسكريين ووجود الجيش في عرسال ومنع
احتمال دخول المسلحين إليها من جديد، إضافة الى وجود النازحين السوريين ولما يشكله
وجود البعض منهم من خطورة على الداخل اللبناني. لذلك الوضع في عرسال لم ينته بعد،
ويجب أن نكون حذرين من هذا الوضع ويجب أن تبقى الحكومة مستنفرة.
وفي ظل المسؤوليات التي تلقى على عاتق الجيش والاتهامات التي توجه ضده لاسيما في
طريقة تعاطيه ميدانيا مع أي حدث أمني طارئ، يرى قاطيشا أنهم يحملون الجيش أكثر من
طاقاته.
الجيش اللبناني قادر إذا كان هناك حكومة وسياسيين لديهم قرار موحد
تجاه هذا البلد. فأهم عنصر في الجيش هو المعنويات وبعدها السلاح ويليه التدريب،
وهذا الأمر غير موجود. فبعض السياسيين يتاجرون بالجيش شمالا ويمينا وهناك أناس
يستدرجونه الى مشاكل، فليحسموا أمرهم قبل أن يعطوا أوامر للجيش.
2 ـ العميد المتقاعد د.أمين حطيط يعتبر أن الوضع في عرسال رهن بالقرار الذي
ستتخذه الجماعات الإرهابية، فإذا قررت متابعة الهجوم فستكون هناك مواجهة وانفجار
جديد.
الآن الوضع في عرسال يشبه الهدنة وليس لما حصل دخل في التصفية أو
النهاية، لأن هناك ملفات مازالت عالقة. والأمر الآخر، وهو صحيح، ان الجيش اللبناني
مغلول اليدين في القرار السياسي للقيام بعملية هجومية لإنقاذ الأسرى أو لوضع الأمور
في نصابها، لكن هذا الأمر غير محكوم بقاعدة ثابتة، فكل شيء قابل للتغير بهذا
الموضوع.
إن «داعش» لم تطو صفحة لبنان والجيش لا يمكنه الانسحاب من الميدان كليا، لذا
سيبقى الفريقان في الميدان واحتمال انفجار الوضع بينهما محتمل في أي لحظة.
ولأن القرار اللبناني متقلب ومتردد لذلك ينعكس هذا التردد على سلوك الجيش
اللبناني. فلو كان لدى الدولة اللبنانية قرار بالمواجهة لما وصلنا الى وصلنا إليه.
لذلك لا أسأل إن كان الجيش اللبناني يقاتل أو لا ولكنني أسأل هل لدى الدولة
اللبنانية قرار بمواجهة الإرهاب أم لا؟
3 ـ أوساط مراقبة وقريبة من أجواء 8 آذار تشير الى تزايد المخاوف الأمنية من
مخططات تمدد «داعش» وغيره من التنظيمات الى لبنان عبر عرسال وجرودها، وذلك لأسباب
تتعلق بحاجة المسلحين الى منافذ وخطوط إمداد تقيهم البرد وانقطاع السبل في تلك
الجرود والمرتفعات، ولم يعد أمامهم سوى عرسال.
وضع عرسال عاد الى مرحلة ما قبل 2 أغسطس، والمسلحون يخرجون ويدخلون بنحو منظم،
والتقارير الواردة عن «صدام بينهم وبين أبناء البلد» غير دقيقة، فالأمور تتخذ منحى
جديدا في العلاقة بين الطرفين، لكنها لم تؤثر على الخيارات السياسية لأهالي عرسال.
والسيناريو المفترض يقوم على شقين: الأول، محاولة المجموعات المسلحة السورية
و«جبهة النصرة» وبعض ألوية «الجيش الحر» السيطرة على عرسال لأنها المتنفس الوحيد
أمامهم بعد سيطرة الجيش السوري وحزب الله على كل المواقع حول تلك المنطقة.
فالجرود جعلت من هؤلاء المسلحين طفارا يتنقلون بحرية في الربيع والصيف والخريف،
لكنهم سيموتون تحت الثلوج إذا لم يجدوا منفذا وثغرة وتنفسا. أما الثاني، فليس متصلا
فقط بحاجات المسلحين اللوجستية، فتنظيم «داعش» لديه أجندة خاصة وقد سجلت بعض
المعلومات وفود ألوية تابعة للتنظيم من ريف حمص الى منطقة القلمون على تخوم عرسال
منذ مطلع الشهر الماضي.
وهذه العناصر تعمل على التمدد الى لبنان والقرى
الحدودية البقاعية المتاخمة للحدود مع سورية. وفي المعلومات ايضا احتمال تحرك خلايا
نائمة للتنظيم في مختلف المناطق اللبنانية، بالتزامن والموازاة مع الهجمات المتوقعة
انطلاقا من الحدود لأجل إرباك الجيش والقوى الأمنية وإشغالهما.
4 ـ التقارير والتقديرات «الأمنية» تورد عدة سيناريوهات ومخططات واردة لدى
«داعش» ومنها:
? إمكان فتح جبهة لمقاتلة حزب الله في البقاع الشمالي بقصد إشغاله في معركة
الدفاع عن المنطقة والتوقف عن الزج بالمزيد من المقاتلين في الحرب السورية الدائرة،
وهي تحاكي أسلوبه بالقتال على أرض الخصم لمنعه من القتال على أرضه داخل لبنان.
? افتعال صدامات بعد تفجيرات بسيارات مفخخة ومقاتلين انتحاريين في مناطق لا
يتوقعها أحد سواء حزب الله أو المؤسسات الأمنية والعسكرية اللبنانية، ومن ضمن هذه
السيناريوهات احتلال أو محاولة احتلال قرى وبلدات من لون طائفي معين من أجل أن يكون
ذلك مثل كرة ثلج تفتح أمامه مناطق من دون قتال.
? هذا بالإضافة الى السيناريو السابق بإعادة احتلال بلدة عرسال خاصة مع تزايد
حاجة ما بين 3 و4 آلاف عنصر من المجموعات المسلحة في جرود القلمون وعرسال الى
القيام بتأمين ملاذات آمنة لهم بعيدا عن الجبال الوعرة خاصة مع اقتراب فصل الشتاء،
وهو متعذر عليها في الاتجاه السوري بسبب الحصار الشديد المفروض عليها من قبل جيش
النظام، وليس متاحا لها إلا من خلال المكان الرخو والمقصود هنا عرسال للتمدد من
خلالها باتجاه قرى وبلدات السهل البقاعي الواسع.
? أما الأخطر في هذه السيناريوهات، فيشير الى ما يسمى الخلايا أو المجموعات
النائمة التي ستتحرك في ساعة صفر يحددها «داعش» للتحرك والهجوم من دون الاكتفاء
ببلدة عرسال كمنطلق لهذه الهجمات المفترضة. ولعل الأكثر خطورة في هذا السياق هو ما
يشير إليه بعض التقارير حول عديد هذه الخلايا أو المجموعات النائمة الذي يصل حسب
التقديرات المدعمة ببعض الوقائع الى نحو 3 آلاف عنصر.