بعد أيام على خوض الجيش اللبناني معارك في عرسال وجرودها ضد المجموعات المسلحة السورية من تنظيمي “داعش” و”جبهة النُصرة”، إتجهت الأنظار إلى المناطق الحدودية مع سوريا شمالاً في جرود الضنية ووادي خالد، حيث يتواجد عدد كبير من النازحين السوريين وحيث يحكى عن “تواجد المقاتلين الاسلاميين الناجين من قلعة الحصن”.
أحد سكان وادي خالد، تحدث رافضاً الكشف عن اسمه، مُشيراً إلى أنَّ “عدداً من المسلحين موجودون في المنطقة، ويتحركون ليلاً من منطقة بني صخر أو منطقة الكنيسة حيث تتداخل الاراضي السورية واللبنانية بعيداً عن أنظار الجيش اللبناني، وعند رصد الجيش السوري تحركاتهم أو رصد أي حركة غير طبيعية على الحدود يقصف باتجاه المنازل”. ولفت إلى أنَّ “الناس يتخوفون من تغلغل مسلحي قلعة الحصن الناجين، بين الأهالي، وهم غير معروفين من قبلهم”.
لكن مصادر أمنية لبنانية رسمية نفت ما يتم تناقله عن لجوء عدد من المسلحين الى جرود منطقتي عكار والضنية قادمين من منطقة الحصن أو من الداخل السوري، مُشيرةً إلى أنّ “هذه المعلومات غير صحيحة وغير واقعية، وأنَّ الدوريات التي تقوم بها القوى الأمنية على الحدود اللبنانية السورية من جهة عكار لم تُسجل عمليات دخول أي مسلح من الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية”.
بدوره، عضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ نبيل رحيم نفى أن “يكون مقاتلو قلعة الحصن يتحركون في المنطقة”، لافتاً إلى أنَّ “قسماً منهم ألقي القبض عليه وقسماً توفي والآخر متوارٍ عن الأنظار أو مُختبئ”.
رئيس بلدية مشتى حمود الحدودية التي تفصلها عن سوريا أراضٍ زراعية، سمير دندشي أكَّد أنَّ “الجيش السوري عندما يرصد أي حركة يطلق النار باتجاه الاراضي اللبنانية، وفي بعض الأحيان يطلق نيرانه باتجاه الاراضي الزراعية”، نافياً في الوقت عينه وجود أي حركة غريبة للمسلحين في البلدة أو في خراجها، فـ”الجيش على الأرض وحرس البلدية كذلك”.
لكن دندشي تحدث عن وجود أكثر من ألفي نازح سوري في البلدة، ولم يُخفِ قلقه من تغلغل بعض المسلحين بينهم على غرار ما حصل في عرسال، لكنه عاد وقال: “اتكالنا على الدولة اللبنانية والجيش اللبناني”.
أحد سكان بلدة شدرا اللبنانية القريبة من منطقة وادي خالد اكَّد أنَّ “أهالي البلدة لم يروا بالعين المجردة أي حركة لمسلحين، لكنّ هناك أخباراً يتم تداولها في هذا الشأن”. وعن طرق التهريب والمعابر غير الشرعية في المنطقة والتي كانت تُستعمل من قبل المسلحين، قال: ” خفّت الحركة عليها وأصبحت شبه معدومة”.
عضو كتلة المستقبل النائب كاظم الخير، تحدث مشيراً الى أنه “كنائب عن منطقة المنية والضنية” يؤكد أن “لا وجود لحركة مسلحين أو متطرفين في المنطقة، ولكن المطلوب من الجيش أن يُحقق بأي إخبارية تأتي ويعطي جواباً عنها، لأنه في السابق تمّ تداول خبر من هذا النوع ونُشر في بعض الصحف ،وكل أسبوعين أو ثلاثة يصدر خبر من هذا النوع ويحقق الجيش، وبالنتجية لا يوجد شيء”.
واعتبر الخير أنَّ “بث الاشاعات بهذه الطريقة المغرضة هو لتخويف الناس ومحاولة لضرب السلم الأهلي بعدما فشل المُخطط الذي كان مرسوماً لعرسال لضرب السلم الأهلي في لبنان”، مُشدداً على أنَّ “المطلوب من الجيش اللبناني أن يتحقق من هذا الموضوع ويصدر بياناً توضيحياً في حال رصد شيئاً من هذا النوع أو لا”.
ورأى الخير في معرض حديثه أنَّ “هناك محاولة لتصوير مناطق معينة على انها تؤوي إرهابيين ومسلحين، وهذه المحاولة فشلت في عرسال وستفشل في المنية والضنية وعكار”.
وختم: “نتخوف من أن يكون هناك سيناريو يُرسم لهذه المناطق ويتحضر في الصحف كما تحضّر سابقاً لعرسال، ولكن الشعب اللبناني أوعى من أن ينجرّ إلى فتن داخلية، وأكبر دليل هو الوعي الذي أحاط الجيش بالدعم الكامل من الشعب اللبناني وكل القوى السياسية وخاصة القوى السنيّة في لبنان وعلى رأسها الرئيس سعد الحريري، بالإضافة الى دعم المملكة العربية السعودية الذي استثمر بالمليار دولار كدعم للجيش اللبناني، لذلك هذا المسار القائم على الاعتدال في الطائفة السنية، إن كان من قيادة الطائفة السنية الممثلة بالرئيس سعد الحريري أو من الشعب الملتف حول الجيش، سيفشل هذه المخططات ويبعد الكأس المرُّة عن لبنان”.
وبالرغم من أنَّ التحركات العسكرية لمسلحي “الحصن” بقيت ضمن “القيل والقال” وتنتظر توضيحاً رسمياً من الدولة اللبنانية، إلَّا أن أبناء المنطقة يعيشون حالة خوفٍ من إعادة سيناريو معارك عرسال في قراهم. وأمام هذا المشهد هل من تطمينٍ رسميٍّ من الدولة وأجهزتها الأمنية لمواطنين لا “ناقة لهم ولا جمل” سوى أنهم يسكنون “خطوط النار”.