يكثر الكلام عن الاستحقاق الرئاسي في الداخل اللبناني والخارج هذه الايام الى حد تغييبه القضايا الوطنية الاخرى الملحة، كقانون الانتخابات الذي بدأت لجنة التواصل النيابي الخاصة به تتبخر، وملفات النفايات والفساد الغذائي، فيما بقي ملف العسكريين المخطوفين طافيا على السطح، شاهدا على حالة الارباك السياسي والحكومي العام في لبنان تحت ضغط الحرب الاممية المشتعلة في سورية. الرئاسة في صلب الحراك السياسي، الداخلي والخارجي، هي في محادثات رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع الذي يواصل زيارة يقوم بها الى المملكة العربية السعودية منذ مطلع الاسبوع الى جانب قضايا لبنانية اخرى تناولها مع المسؤولين السعوديين او مع الرئيس سعد الحريري، وقد وصفها ـ اي المحادثات ـ بالاستثنائية.
وخلال لقائه الرئيس سعد الحريري، اكد د.جعجع على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، ووضعا معا خطة لمواجهة التطورات المفاجئة على هذا الصدد. وفي حديث لصحيفة «الرياض» السعودية، قال د.جعجع ان هناك فريقا مسيحيا يريد الرئاسة لنفسه فقط هذه المرة، لذلك لم يشأ ان يذهب الى معركة انتخابية فعلية، وبالتالي قاطع الجلسات وقاطع معه حزب الله.
واضاف ان تعطيل الانتخابات الرئاسية مكن ايران من المفاوضة باثمان اكثر.
وذكرت صحيفة «النهار» البيروتية ان السعودية وجهت الدعوة الى الصديق اللبناني الماروني الكبير قبل استقبالها الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو الذي هو الآن بصدد القيام بجولة جديدة تشمل ايران والسعودية والفاتيكان.
وبالمناسبة، يصل الى بيروت اليوم رئيس الحكومة الفرنسية السابق لهذه الغاية.
الحكومة البريطانية قررت اللحاق بفرنسا على هذا الصعيد عبر حث اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يقود البلاد في مواجهة التحديات الكثيرة التي تعترضه، مؤكدة الدعم المستمر لأمن لبنان واستقراره وازدهاره.
وزير شؤون الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية توباياس إلوود ابلغ ذلك الى رئيس الحكومة تمام سلام وعبر له عن تقدير بلاده لاستجابة لبنان لازمة اللاجئين السوريين، لافتا الى ان المساعدات البريطانية في هذا المجال وفي مجال دعم الجيش اللبناني بلغت 237 مليون دولار.وزار الوزير البريطاني بكركي امس، حيث التقى البطريرك بشارة الراعي وعرض معه المستجدات.
وقال انه تحدث الى الرئيسين بري وسلام عن التحديات التي يواجهها لبنان وابرزها عدد اللاجئين السوريين، لافتا الى ان المجتمع الدولي يشكر لبنان على ما يتحمله مع وجود اكثر من مليون لاجئ. الانتخابات الرئاسية ستكون في صدارة اطباق الحوار بين المستقبل وحزب الله الذي بات عيدية ما بين العيدين بحسب الرئيس نبيه بري وبرعايته ومشاركته ايضا.
ونقل عن بري ان الحوار سيضم عن «المستقبل» نادر الحريري وعن حزب الله حسين الخليل، اما جدول الاعمال فلن يشمل المحكمة الدولية الخاصة او اعمال المقاومة، انما سيشمل قانون الانتخاب والانتخابات الرئاسية من دون الخوض في الاسماء والاستقرار الامني والجيش وقضايا سياسية واجتماعية.
وفي اطار التحضير لهذا الحوار، غادر بيروت مساء الاربعاء الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر والنائبان السابقان غطاس خوري وباسم السبع ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري الى الرياض للتشاور مع رئيس تيار المستقبل في اوضاع الحوار المفترض انطلاقه بين العيدين، اي عيد الميلاد وعيد رأس السنة.
وقد غادر المشنوق امس ليتسنى له المشاركة في اجتماع مجلس الوزراء.
لا جديد حول الاسماء المطروحة، هي الاسماء والمعادلة ذاتها، العماد ميشال عون ود.سمير جعجع مرشحان رئاسيان، يفتقدان الخلفية الوفاقية، ولهذا هما حاضران سياسيا ومستبعدان وفاقيا، والعماد جان قهوجي قائد الجيش ورياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي والوزير السابق جان عبيد والسفير في الفاتيكان جورج خوري، بعضهم يتطلب تعديلا للدستور كونه موظفا، وعليه الاستقالة قبل 6 اشهر على الاقل، والبعض الآخر يتواجه بفيتو سياسي كبير من الرئيس نبيه بري، كما يقول الاعلامي سركيس نعوم في لقاء متلفز عن حالة الحاكم سلامة، حيث يسجل عليه بري انه سلم الاميركيين اسماء 18 رجل اعمال جنوبيا في افريقيا يتعاطون بتبييض الاموال، علما ان رئيس مجلس النواب يرفض تعديل الدستور من اجل تجاوز مهلة الاستقالة للجميع، وفي قناعته ان كل من يقبض مرتبا من الدولة هو موظف في الدولة يتطلب ترشيحه للرئاسة تعديلا للدستور غير المستحب، او الممكن تعديله دائما.
وعلى صعيد ملف العسكريين المخطوفين، بيد ان زوار رئيس الحكومة تمام سلام نقلوا عنه قوله ان ملف العسكريين المخطوفين يدفع ثمن الفوضى في التعامل معه من كل الجهات على حد سواء، لافتا الانتباه الى ان فرنسا حررت مؤخرا احدى الرهائن بصمت وبسرية تامة، وداعيا الى الاقتداء بمثل هذه التجارب.
واشارت صحيفة «السفير» نقل زوار الرئيس تمام سلام عنه القول أنه امام الحاجة الملحة الى مبادرة تعيد ضبط هذا الملف بناء على استراتيجية واضحة، فإن رئيس الحكومة يعتبر ان خارطة الطريق التي تقود الى معالجة هذه الازمة تكمن في الخطوات الملحة الآتية:
? تعهد الخاطفين بوقف اعدام العسكريين لأن المفاوضات لا يمكن ان تحصل تحت حد السكين وفي ظل التهويل والابتزاز.
? ان يحسم الخاطفون مطالبهم بشكل نهائي وواضح.
? توقف كل الاطراف الداخلية عن الكلام في شأن هذا الملف والتدخل فيه، ووضع حد للفلكلور السياسي المتبع في مقاربته، علما ان اللواء عباس ابراهيم يمثل قناة التفاوض المعتمدة رسميا من قبل الحكومة.
? ان تحسم الجهات الخاطفة بشكل جدي ووفق تفويض حقيقي مسألة الوسيط بعد مد وجزر واخذ ورد، والكف عن التفاوض واقتراح العروض عبر وسائل الاعلام، لأن ملفا من هذا النوع لا يعالج بهذه الطريقة.
? استعداد الحكومة للتفاوض حول مبدأ المقايضة، ولكن ليس بالمفرق وانما بالجملة، بحيث يتم التوصل الى صفقة شاملة تطول جميع العسكريين، مع تأكيد الجدية التامة للحكومة ورئيسها في هذا المجال، وكيف لا تكون كذلك عندما يتعلق الامر بأرواح ابنائها العسكريين.
? ان يلوذ اهالي المخطوفين بالهدوء ويخلوا الشارع، ويتركوا للحكومة ان تعالج هذه القضية، حتى يسحبوا من التداول ورقة ضغط تستخدم ضدنا، مع التقدير الكبير لآلام الاهالي وحرصهم المشروع على حماية ابنائهم، لكن تجربة الضغط عبر الشارع لم تؤد الى الافراج عن العسكريين.
? ان تتجنب وسائل الاعلام التسريبات المؤذية والاستغراق في تفاصيل هذه القضية التي يجب وضعها خارج المنافسة الاعلامية المحمومة، مع الاشارة الى ان من يرغب في المساعدة حقا لا يحتاج الى تفويض رسمي من قبلنا، ولا الى مواكبة اعلامية.
في غضون ذلك وتعقيبا على تصريح الشيخ عدنان امامة لـ «الأنباء» حول درس الحكومة السلامية امكانية تحرير العسكريين المخطوفين بعملية عسكرية خاطفة، قالت مصادر معنية لـ «الأنباء» ان مثل هذه الامكانية التي يتحدث عنها الشيخ امامة غير ممكنة بسبب وجود الخاطفين والمخطوفين على الجانب السوري من الحدود، وهذا الامر يتطلب اثمانا سياسية الى جانب الكلفة العسكرية والبشرية.
الى ذلك، سجلت اشتباكات في جرود عرسال بين الجيش والمسلحين السوريين على محور وادي عين عطا.