كشفت معلومات صحفية أنّ مفاوضات تُجرى في الوقت الراهن لشراء نحو 100 ميغاوات إضافية من شركة “كارادينيز” التركية بهدف خفض العجز في الطاقة المنتجة نتيجة الاعطال المتكررة، علماً أنّ مؤسسة الكهرباء تنوء بعجز مالي بعد أربعين يوماً من اعتصام المياومين المفتوح وعدم قدرتها على إصدار الفواتير أو تحصيل الجباية. فالمعلومات المتوافرة في هذا المجال تحدثت عن شح مالي للمؤسسة خلال هذا الشهر، وبينما تحتاج إلى نحو 220 مليار ليرة شهرياً لسداد معاشات وشراء فيول وإنجاز أعمال صيانة لا يتوافر في خزينتها سوى مبلغ 73 مليار ليرة. ما يعني أنَّ المؤسسة تسير نحو الإفلاس حتى نهاية الشهر الجاري.
واشارت هذه المصادر الى انه من أصل 2600 ميغاوات، لا يحصل المواطن سوى على 1500 ميغاوات من المؤسسة، فيما يشتري نحو 1100 ميغاوات من المولدات الخاصة بضعفي الفاتورة الرسمية التي تبلغ نحو ملياري دولار سنوياً. وفعلياً، فإن الـ1500 ميغاوات “الرسمية” تنتِج منها المعامل “المهترئة” 1200 ميغاوات، فيما تشتري الدولة نحو 300 ميغاوات من الباخرتين التركيتين “فاطمة غول” و”أورهان باي” الراسيتين قبالة معملي الزوق والجية (“فاطمة غول” تنتج نحو 188 ميغاوات فيما “أورهان باي” تنتج نحو 117 ميغاوات).
فمعمل الزهراني ليس في الخدمة فعلياً مع خروج كامل طاقته بفعل تكرار الأعطال على المحوّل 220/66 كيلوفولت. ورغم المحاولات الحثيثة لانقاذ هذه الحال، إلا أنّ مصادر معنية أكدت أنّ المعامل المهترئة ستتهاوى قريباً بشكل تدريجي، مستندةً إلى وقائع يومية أبرزها:
– معمل الزهراني ينتج نحو 425 ميغاوات إلا أنّه يعاني اليوم بسبب عطل المحول.
– معمل دير عمار ينتج نحو 425 ميغاوات، إلا أنهّ يعاني مشكلات في الدارة المختلطة.
– معمل الجية الآن ينتج ما بين 80 ميغاوات الى 100 ميغاوات.
– معمل الزوق ينتج الآن ما بين 180 الى 230 ميغاوات.
– معمل الحريشة ينتج 30 ميغاوات.
– معملا صور وبعلبك خارج الخدمة بسبب التكاليف العالية للتشغيل بدون دارة مختلطة.
– الليطاني صفر انتاج.
ولفتت هذه المصادر إلى أنَّ التكاليف لشراء المحروقات باتت تستنفد المبلغ المرصود لموازنة الكهرباء، والمقدر بـ3 مليارات ليرة. وهذا ما ينذر بأزمة جدية ومن نوع آخر على مستوى المحروقات خلال الفصل الأخير من العام الجاري (تشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول).
وأوضحت المصادر أنّ المؤسسة تفكِّر جدياً برفع التعرفة أقله من 9 سنتات الى نحو 14 سنتاً، بما يخوّلها إضافة نحو 300 مليون دولار إلى المداخيل المّحصَّلة من التعرفة والتي تقدر بـ600 مليون دولار سنوياً (قرار يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء). إذ إنّ سعر الكيلووات ساعة ما زال محدداً استناداً إلى سعر برميل النفط في العام 1994 والذي كان محدداً في حينه بـ15 دولاراً فيما يتجاوز اليوم المئة دولار، الأمر الذي اضطر الدولة إلى تحمُّل أعباء إضافية عبر تغطية تكاليف المحروقات.
وتبلغ التكلفة الفعلية لمعامل الانتاج اليوم نحو 22،15 سنتاً لكل كيلووات ساعة (من دون احتساب تكاليف النقل والتوزيع والهدر الفني على الشبكة)، فيما سعر المبيع هو 8،97 سنتات لكل كيلووات ساعة أي بعجزٍ يبلغ نحو 13،18 سنتاً في كل كيلووات ساعة. وبالتالي فإن أيَّ انتاج إضافي للطاقة يعني عجزاً إضافياً.
وفي هذا الإطار، قالت المصادر أنّ مؤسسة كهرباء لبنان تبحث جدياً في شراء نحو 100 ميغاوات من شركة “كاردانيز” التركية، خصوصاً وأنَّ تكلفة الانتاج كيلووات ساعة هي أقل من كل تكاليف المعامل الموجودة في لبنان. فتكاليف انتاج الكيلوات ساعة في معملي صور وبعلبك تبلغ نحو 37 سنتاً، ونحو 23 سنتاً في الجية، وفي الزوق 19 سنتاً، وفي دير عمار والزهراني نحو 18 سنتاً. أما الكيلووات ساعة من مولدات الكهرباء الخاصة فهو 45 سنتاً أي نحو 5 أضعاف أسعار الدولة. في حين أن تكلفة هذا الانتاج تبلغ في كل من الباخرتين نحو 14 سنتاً.
وبموجب العقد مع “كارادينيز”، فإن الحد الأدنى لانتاج الباخرتين هو 270 ميغاوات، إلا أنه بامكانهما عرض المزيد من الانتاج والوصول الى نحو 400 ميغاوات فيما لو طلبت الدولة ذلك.
وأكدت معلومات أنّ “كارادنيز” ستضيف مجموعتي توليد على متن “أورهان باي” لانتاج مئة ميغاوات، في غضون شهرين، وهما فعلياً أوفر من حيث التكلفة، بفارق 9 سنتات عن كيلووات ساعة منتج في معمل الجية. ما يعني حسابياً القدرة على تحقيق وفر يعادل نحو 90 مليون دولار، من دون احتساب تكاليف التأهيل والصيانة والتشغيل التي ترفع المبلغ الى نحو مئة مليون دولار سنوياً، حيث بالامكان وقف معمل الجية مقابل رفع الانتاج في “أورهان باي”. وتستهلك “أورهان باي” نحو 630 طناً من “الفيول أويل” يومياً فيما تستهلك “فاطمة غول” نحو ألف طن يومياً.
المستقبل