مع ان المشهد الداخلي يبدو مقبلاً على مزيد من “التصحّر” السياسي ينذر بتعميم عدوى تعطيل المؤسسات تدريجاً بما يضع الحكومة هي أيضاً امام هذا الخطر، فان ذلك لم يحرك ساكناً بعد لدى القوى السياسية لتدارك الاسوأ الزاحف مع الاخطار الامنية عبر الحدود الجنوبية والشرقية سواء بسواء. وقد ارتسمت في هذا السياق صورة شديدة القتامة تشكل ظاهرة اطلاق الصواريخ من الجنوب وجهها الاول فيما تشكل معارك ضارية تجري عبر الحدود الشرقية المتداخلة بين سوريا ولبنان منذ أيام وجهها الآخر.
ولم يكن ينقص لبنان وسط هذا الحصار الحدودي الخطر سوى تحذير أممي لعله الاشد تعبيراً عن خطورة ما آلت اليه أوضاعه اذ جاء على لسان أحد اكبر المسؤولين في الامم المتحدة في لبنان وهو روس ماونتن منسق الامم المتحدة المقيم للشؤون الانسانية اذ قال إن لبنان يواجه خطر التفتت كدولة القي على عاتقها عبء 1?1 مليون لاجئ سوري. وجاء كلام ماونتن في مؤتمر صحافي عقده امس في جنيف حيث نقلت عنه وكالة “رويترز” ان الزعماء السياسيين والدينيين في لبنان من السنة والشيعة غطوا حتى الآن التوترات المتنامية لكن الدول المانحة لم تف بالتعهدات لتقديم الاغاثة. وقال: “لم يعد الامر مجرد مسألة طوارئ انسانية بل كما وصفه الرئيس السابق (ميشال سليمان) ازمة تتعلق بوجود لبنان وبامن البلاد واستقرارها”. وذكر بان هناك ما يربو على 1?12 مليون لاجئ سوري مسجلين في لبنان أي ما يعادل ربع سكانه وأضاف: “نخشى ان يتصاعد التوتر بشكل اكبر والا يؤدي الى تفاعلات سورية – لبنانية فحسب بل ان يثير ويا للاسف شبح المشكلات بين اللبنانيين وبين الطوائف”. واعتبر ان العنصر المهم الآخر هو ما اذا كانت حكومة بيروت يمكنها الحفاظ على التوازن بين الخليط السياسي والطائفي في لبنان والمضي قدما نحو الانتخابات الرئاسية والنيابية. واضاف ان تدخل “حزب الله” في سوريا “يثير جدلاً كبيراً بكل وضوح على الصعيد الداخلي وهذا يمثل بعدا آخر لهشاشة الساحة السياسية”.
الجنوب
في غضون ذلك، علمت “النهار” ان تحذيرات خارجية وصلت الى الحكومة تشدد على ضرورة ضبط الوضع في جنوب لبنان في ضوء تكرار حوادث اطلاق الصواريخ. وفيما قالت مصادر ديبلوماسية إنها تتفهم ان لا الحكومة اللبنانية ولا “حزب الله” يعلمان سلفاً بهذه الحوادث، لكن تكرارها يشير الى ان قوى الامر الواقع لا بد ان تكون مطلعة على ما يدور في تلك المنطقة. ويذكر ان دفعة ثالثة من الصواريخ المجهولة اطلقت فجر امس من سهل المعلية جنوب صور. ثم تجدّد اطلاق الصواريخ ليل امس من سهل القليلة في صور حيث اطلق صاروخان في اتجاه الجليل في شمال اسرائيل وردت المدفعية الاسرائيلية بقصف منطقة القليلة.
جرود عرسال – القلمون
في المقابل، شهدت السلسلة الشرقية الحدودية لجبال لبنان تصعيداً للاشتباكات العنيفة بين “حزب الله” ومسلحين سوريين منتشرين على طول السلسلة. وأفادت و”كالة الصحافة الفرنسية” ان 16 مقاتلاً من الحزب ومقاتلين من المعارضة السورية المسلحة بينها “جبهة النصرة” قتلوا خلال 36 ساعة كما أفاد “المرصد السوري لحقوق الانسان” الذي يتخذ لندن مقراً له أمس. وتركزت المعارك بين عرسال ومرتفعات منطقة القلمون. وأوضح المرصد ان سبعة من “حزب الله” قتلوا وأن 31 آخرين جرحوا، فيما قتل تسعة مقاتلين من “جبهة النصرة” وكتائب اسلامية واصيب 23 آخرون بجروح ونقلوا الى مستشفى ميداني في عرسال. ونسبت الوكالة الى مقاتل في “حزب الله” اصيب في المعركة ان ثمانية مقاتلين من رفاقه في الحزب قتلوا في المعركة، بينما سقط العشرات بين قتلى وجرحى في صفوف الفريق الآخر. وأفاد مراسل “النهار” في بعلبك ليلاً أن القيادي في “جبهة النصرة” أحمد عمر يقظان (سجل المزرعة) قضى أمس خلال الاشتباكات التي حصلت. وكان يقظان نقل الى مستشفى الرحمة في عرسال مع مجموعة من القتلى والجرحى لكن اسمه كتم وهو زوج المواطنة جمانة حميد من بلدة عرسال والتي أوقفت وهي في سيارة مفخخة آتية من عرسال.
النهار