أثار قرار إلغاء تصاريح قناتي “البغدادية” و”الرافدين” في مصر الكثير من الجدل حول حرية الإعلام وتأثير السياسة عليه.
فيما اعتبرت القناتان المتضررتان هذا القرار قراراً “سياسياً”، سببه موقفهما تجاه سياسة المالكي وحكومته.
وهذا ما أكده حسن حامد رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي الذي كشف “أن السلطات العراقية هي من طلبت وقف بث القناتين”.

حسن حامد
البغداية: القرار سياسي
وفي سياق متصل، أعلنت “قناة البغدادية” أن شركة “نايل سات” أوقفت بث القناة دون صدور أي أمر قضائي، وأبلغتهم الشركة بأنها لا تمتلك أية معلومات عن أسباب إيقاف البث، لكنها اتخذت الإجراء بناء على قرار سياسي من سلطات عليا.
وأكدت القناة، في بيان لها على موقعها الإلكتروني، أنها لن تبحث عن موقع بديل لإعادة بثها بعد قرار وقف بسبب موقفها الرافض لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وذكرت أن دورها الإصلاحي لا يمكن أن ينجز في ظل فوضى الشياطين هذه. وأضاف البيان، أن القناة قررت أن تأخذ استراحة المحارب إلى أجل غير مسمى.
وأكد البيان، أن القناة انتهجت طريقا لتكون عينا للمسؤول في إيضاح الحقائق وكشف الخلل وتسليط الضوء على ما تحتاجه الدولة وشعبها من خدمات وأنظمة ومؤسسات رصينة تحمي حقوقه من خلال محاربة الفساد والطائفية.
وأشارت القناة، إلى أن المنهج الانتقادي الصريح لم يرق للسياسيين، فتحولت لحرب من الحكومة ضدها، والعمل على إغلاقها داخل العراق وملاحقتها خارجه، رغم اكتسابها أمرا من القضاء العراقي بفتح مكاتبها وإسقاط أي دعوى ضدها.
بيان قناة الرافدين
فيما أكدت قناة “الرافدين” التابعة لهيئة علماء المسلمين في العراق، في بيان رسمي أن القناة تم إيقاف بثها من القاهرة عبر السلطات المصرية في إدارة “النايل سات” بدون إخطار القناة بموعد أو سبب الإيقاف.
وقالت القناة في بيان على موقعها الرسمي على الإنترنت: إن الجهات المختصة في مدينة الإنتاج الإعلامي و”النايل سات” قامت بإيقاف بث قناة الرافدين الأربعاء الماضي بصورة مفاجئة دون إعلام مسبق لإدارة القناة ومن غير إبداء الأسباب”.
وأضاف البيان، أن إدارة القناة حاولت استيضاح الأسباب لكنها لم تحصل على جواب رسمي، منددة بقرار إيقاف البث والذي وصفته بالتعسفي.
ودعت إدارة القناة، الجهات المسؤولة في إدارتي مدينة الإنتاج الإعلامي و”النايل سات” إلى العدول عن القرار وإفساح المجال لها في أداء رسالتها الإعلامية في إيصال صوت العراقيين المطالبين بالحرية والعدل والدفاع عن حرية وقيم المجتمع العراقي التي تتعرض لهجمة شرسة من الطامعين بالعراق وأمته العربية.
لا توجد معلومات كاملة عن أسباب الإغلاق
الإعلامي أمين بسيوني رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون ورئيس مجلس إدارة شركة “النايل سات” السابق نفى وجود أي معلومات عن الأسباب الحقيقية بشأن إغلاق القناتين.

أمين بسيوني
وأضاف لـ”العربية.نت”، أن مثل هذه الأسباب يتم إبلاغ القناة التي يتم وقف بثها بها حتى تستطيع تدارك الأمر وإذا لم تلتزم فيتم توجيه إنذار لها وإذا لم تلتزم أيضا فيتم إغلاقها.
وقال: “إن كل فضائية تخالف النظام والآداب العامة، أو تنتهك القيم والأخلاق والعادات الراسخة في المجتمع أو تشجع على إباحية الجنس، أو التطرف الديني أو الطائفي بكل أشكاله أو تحرض ضد طائفة معينة من الناس أو تشجع التمييز بينهم على أساس العرق أو الدين تكون مهددة بالإغلاق فور أن يُقدم بلاغ رسمي يطعن في شرعية وجودها”.
القنوات العراقية تقوم بدور قنوات مصر الدينية
الكاتب الصحافي نبيل شرف الدين أكد أن قرار إغلاق الفضائيات العراقية على “النايل سات” يشبه إلى حد كبير قرار إغلاق القنوات الدينية في مصر عقب ثورة 30 يونيو، فقد دأبت على عدم الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية في المواد الإذاعية وبعدم الالتزام بميثاق الشرف للعمل الإعلامي في الإذاعة المسموعة والمرئية وأخلاقيات الرسالة الإذاعية، وإهدار الالتزام بالقوانين المنظمة للبث الإذاعي والتليفزيوني، وانتهاك ضوابط العمل، وميثاق الشرف التي أقرها مجلس إدارة المنطقة الإعلامية الحرة.

نبيل شرف الدين
وقال: إن هذه القنوات من المؤكد أنها بثت أحداثا غير صحيحة، ونشرت بيانات ومعلومات كاذبة عمدا مما يضر بالأمن القومي العربي”، مضيفا، أن مدينة الإنتاج الإعلامي لا تقرر من تلقاء نفسها وقف بث الفضائيات بل لابد أن يكون لديها من الأسباب القانونية والمهنية ما يجعلها تتخذ مثل هذا القرار دون خشية من الطعن عليه أمام القضاء.
وتابع، أن القانون المصري ينظم مثل هذه الأمور حتى لا تتعرض الفضائيات لتعنت إدارة “النايل سات”، ومنح الحق لهذه الشركات في الطعن على قرارات الإغلاق أمام القضاء، ولو ارتأى القضاء أن قرار الإغلاق يشوبه المخالفة والبطلان أو استند لأسس وأسباب وهمية أو غير مقنعه فعلى الفور يصدر قرارا بعودة بثها.
لابد من أدلة مادية على المخالفات

حسن عماد مكاوي
الدكتور حسن عماد مكاوي عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة يؤكد أن شروط التعاقد بين الفضائيات ومدينة الإنتاج الإعلامي هي الفيصل في قرار إغلاق أو وقف البث من عدمه، فلو خالفت القناة شروط التعاقد المنصوص عليها فعليها الالتزام بوقف قرار البث مع مراعاة أن تكون الأسباب مقنعة وبأدلة مادية أو فيديوهات توضح حقيقة المخالفات أو مواد مسجلة ومتلفزة للبرامج المثيرة للفتنة أو الطائفية أو التي تروج للعنف والقتل، أما إذا لم تقدم مدينة الإنتاج الإعلامي أو “النايل سات” أدلة مادية على مخالفات القناة واكتفت بعبارات عامة فضفاضة هلامية فيحق للقناة الطعن عليها أمام القضاء وفقا للقانون.
يذكر أن صفاء الدين ربيع رئيس هيئة الإعلام والاتصالات العراقية قد أعلن في مؤتمر صحافي عقد الأربعاء الماضي، بمبنى الهيئة وسط بغداد، أن السلطات المصرية أبلغتهم بأنها قررت إغلاق فضائيتي البغدادية والرافدين العراقيتين اللتين تبثان برامجهما من القاهرة، مشيرًا إلى أنها نفذت القرار اعتبارا من الخميس الماضي.
وكانت هيئة الاتصالات والإعلام العراقية أوقفت نشاط فضائية البغدادية وإغلاق مكتبها في بغداد، لعدم التزامها بمعايير المهنية للخطاب الإعلامي.
إغلاق كل من يعارض المالكي
كانت قناة أخرى تبث من الأردن قد أوقفت وتمّ اعتقال طاقمها من الإداريين والمحررين بتهمة التحريض على الإرهاب، وأكدت “منظمة مراسلون بلا حدود” في بيان لها، أن “السلطات الأردنية أغلقت قناة “العباسية” التلفزيونية الفضائية العراقية المعارضة لرئيس الوزراء نوري المالكي، وأوقفت جميع العاملين فيها من إداريين وصحافيين”.
يذكر أنه تم تأسيس قناة “البغدادية في عام 2005 من قبل رجل الأعمال عون الخشلوك المقيم في اليونان.
ومرت القناة التي تتخذ من مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة مقرًا لها، بعدة محطات أبرزها العمل ضد النهج الطائفي لحكومة نوري المالكي من خلال إنتاج عدد من البرامج ومنها “برنامج استوديو التاسعة” الذي يقدمه أنور الحمداني.
أما قناة “الرافدين” فتتخذ من القاهرة مقرًا لها، وتعتبر الوسيلة الإعلامية الناطقة باسم حارث الضاري رئيس “هيئة علماء المسلمين”، المقيم بالأردن، ومثنى الضاري المقيم بمصر.