ماذا لو قُدمت الهبة السعودية للجيش اللبناني من إيران، وقام بتقديمها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي، على غرار الملك عبد الله، وقام بجلبها وطرحها على الطبقة السياسية اللبنانية، السيد حسن نصر الله كونه الأقرب للسياسة الإيرانية، وحضر بشكل سري الى السرايا الحكومي ووصلت رسالة نصية الى الصحفيين بأنّ ضيفًا مهمًا حضر الى السرايا، وجلس بالمجلس الأمني بغير صفة كما فعل الرئيس سعد الحريري؟؟
سؤالٌ يطرح على قوى الرابع عشر من آذار، وعلى كلّ من هلّل ورحّب من نواب ووزراء وأصحاب سيادة وحرية، طبعًا هنا كلمة سيادة وحرية بين مزدوجين.
بالطبع الهبة الإيرانية لن تصل الى لبنان، ليس بخلًا من الجمهورية الإسلامية، بل عهرًا من بعض السياسيين، كما حصل سابقًا مع العرض الإيراني بتقديم مساعدات للبنان للتخلص من أزمة الكهرباء، أو كما صرّح سابقًا الحريص على حل مشاكل الناس الوزير بطرس حرب عندما قال: كيف للبنان قبول هبة إيرانية بمبلغ 40 مليون دولار لإنشاء سد في منطقة بلعة في تنورين بتحويل هذا المبلغ إلى لبنان، متمسكًا سيادته بالشرعية الدولية التي تمنع تعاطي المصارف اللبنانية و”مصرف لبنان” بأي نوع من التحويلات المالية مع إيران، محوّلاً آنذاك المسألة الى تمدد إيراني لمنطقة تنورين، محركاُ مشاعر أهل المنطقة من خلال تذكيرهم بأنّ الشهيد الطيار في الجيش سامر حنا، وهو ابن تنورين، قد “قتل” على يد حزب الله. هذه الهمروجة كلّها بسبب بناء سد!! فكيف إذاً بعرض تسليح الجيش المتهم أصلاً من الفريق الآخر الحريص طبعاً على تسليح الجيش بأحدث التقنيات، وكلمة الحريص أيضًا مرةً أخرى بين مزدوجين. فلنتصور قليلاً لو أنّ هبةً إيرانية قدمت للجيش، ماذا سيحدث؟
فلنبدأ من الثلاثي المرح المرعبي الضاهر وكبارة. مؤتمر صحفي على غرار المؤتمر الأخير المحرّض على الجيش، يتخلل المؤتمر طبعاً تحميل حزب الله ما يحدث في سوريا والمنطقة وليس بعيداً، من شدة الغضب، تحميل الحزب مسؤولية أزمة فيروس ايبولا.
يستكمل المؤتمر بالدعوة لمظاهرات في طرابلس وبيروت وقطع طريق الجنوب، ومناشدة المارد السني بالاستيقاظ في وجه التمدد الشيعي. تستجاب الدعوة سريعًا بعمليات كر وفر مع الجيش اللبناني كما حصل في طرابلس عندما اعتقل الجيش جمعة في عرسال، والهجمات المنظمة على الجيش وجنوده، والدعوة الى انشقاق الشباب السني من الجيش كونه جيش صليبي يأتمر بأوامر إيرانية. هذه اتهامات حصلت فعلاً كون الجيش قرر القضاء على مجموعات إرهابية هاجمت الجيش ودخلت منطقة لبنانية وروّعت أهلها وحاصرت المدنيين. أو فلنكتفِ بقول جعجع بأنّ داعش لم تدخل أية منطقة لبنانية، فحسب ظنه، كما يظهر، أنّ من كان يقاتل هو الجيش الأحمر في عرسال، من يدري فكلّ شيءٍ وارد.
هذا الجيش المؤتمر بأوامر حزب الله، حسب تعبيرهم، قبل أية مساعدة إيرانية كيف سيكون بعدها؟؟ أبسط ما يمكن استنتاجه، هو عدم الاكتراث بأعداد الشهداء من الجيش في معركته مع الإرهاب، فليحارب كل جندي بسلاحٍ فردي ومنظارٍ على بعد كيلومترات وغرفة عمليات وهلكوبتر كفيلة بحماية الحدود حسب النائب سامي الجميل، ولكن إلا الهبة الإيرانية التي ستكون مقدمة للهلال الشيعي والامتداد الفارسي والقضاء على المارد السني. طبعًا قسم كبير من الشباب سيصدق هذه الخرافات وسيمضي في محاربة السلاح الفارسي ومن يقف خلفه، وإذا ظنّ البعض بأنّ هذه الافكار مبالغٌ فيها، أرجعكم بالذاكرة قبل أيام في حادثة إطلاق النار على حافلة الركاب التي تقل عسكريين، وببحثٍ بسيطٍ على الشبكة العنكبوتية يمكنكم الحصول على كمية العمليات المقامة ضد الجيش اللبناني، والأسباب ليست خفية على أحد، وهذا كله طبعًا قبل تدخل حزب الله في سوريا، وحتى قبل أن يفكر السوري في الخروج أصلاً من لبنان.
خلاصة القول، لو أنّ المتحمّسين إعلاميًا لدعم الجيش هم غيارى فعلاً على حماية شبابه لطالبوا بدعمه، حتى من الكواكب الاخرى، فالهبة السعودية المشروطة طبعًا بدأت بتخصيص 15 مليون دولار لعرسال من قبل الحريري، حسبما ذكرت صحيفة اللواء، وبالطبع 15 مليون سيذهب منها قسم الى البلدية ورئيسها علي الحجيري، وكلنا يعلم ماذا يمثل هذا الاسم بالنسبة للمسلحين. أربعة مليارات سعودية مفخخة من أطال الله بعمره، بشكل هبةٍ من الراعي الأول للإرهاب، حيث يزاحم الإرهاب المُصدّر للخارج النفط السعودي.
وختامًا، يبقى السؤال ماذا لو أراد حزب الله النزول لمستوى الطرف الآخر، ورفض الهبة السعودية، والقول في بيانٍ مقتضبٍ لا أهلاً ولا سهلاً بالمكرمة السعودية؟؟ عندها سيُحمل الحزب الكوارث الطبيعية في الكرة الأرضية، وقد يقول حينها خالد الضاهر بأنّ حزب الله هو من أوعز لقابيل بقتل أخيه هابيل. باختصار، المسألة ليست سوى عهر سياسي بكل ما للكلمة من معنى، تصمت مع الدولارات التي تشبع بعض حيتان المال، وليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالحرص على الجيش اللبناني، وشبابه.