خطبة الجمعة للشيخ ماهر حمود من على منبر مسجد القدس – صيدا:
يتحدثون عن
حوار مرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله، يتحدثون عن حوار ضروري يمكن أن يكون مدخلا
إلى التغيير وإلى حل الأزمات الكبيرة العالقة في لبنان، ويؤكد الجميع أن الحوار
ضروري ولا بد منه للخروج مما نحن فيه… ولنا أن نقول على ضوء التجارب السابقة أن
أي حوار لا يمكن أن يؤدي أغراضه إذا لم يكن المتحاورون مستعدين للتخلي عن الأخطاء
التي ارتكبوها وما لم تكن المصلحة العامة مقدمة عندهم على المصالح الحزبية والفئوية
والشخصية.
على هذا الأساس لا بد من أن نورد ملاحظات أساسية:
أولا: على الصعيد الأمني: لا بد من رفع الغطاء عن المتطرفين الذين يستحلون
الدماء ويعتبرون أن كل شيء مباح بالنسبة إليهم، لان هدفهم “مقدس” وهو هدف إسلامي
منظم، ولا يجوز أن تتكرر الأخطاء الفادحة التي ارتكبت في صيدا وطرابلس وعرسال
وغيرها، حيث اظهر تيار المستقبل مثلا تعاطفا واضحا مع هؤلاء المتطرفين وكان يكتفي
بالقول: شعاراتهم وأهدافهم سليمة ولكننا نخالفهم في الأسلوب، لقد كان هذا الموقف
سببا مباشرا في تفاقم الأزمات المتلاحقة في لبنان… حتى وصل الأمر ببعضهم لتشبيه
سلاح المتطرفين بسلاح المقاومة، بل أنهم يتجرأون ويقولون انه سلاح أهل السنة، فيما
سلاح المقاومة سلاح الشيعة، وهذه شبهة خطيرة ينبغي حدٌ لها، فلا المقاومة
بشعاراتها وأهدافها ونتائجها للشيعة وحدهم ولا سلاح المتطرفين هو سني أو للسنة، بل
هو سلاح الفتنة من الدمار.
ثانيا: هل تمتلك قوى 14 آذار الجرأة الكافية للاعتراف بان تدخل حزب الله في
سوريا أدى إلى حماية لبنان بالفعل من خطر القوى التكفيرية؟ هل هنالك استعداد حقيقي
للتوقف عن التكرار الممجوج الذي يشبه صوت الاسطوانة المشروخة بحيث يبعث الأسف
والملل، لقد توصلت كثير من المسيحيين من قوى 14 آذار وغيرها إلى نتيجة مغايرة: تدخل
حزب الله في سوريا حمى لبنان من القوى التكفيرية، فهل يتوصل الباقون إلى هذه
النتيجة؟.
ثالثا: هل يتضمن الحوار مساواة مرفوضة بين “المرشحْين” المفترضيْن لرئاسة
الجمهورية ميشال عون وسمير جعجع؟ وهل تجوز المقارنة بينهما: هل يمكن المقارنة بين
من يملك أكثرية حقيقية وبين من لا يملك أكثرية؟ هل يمكن المقارنة بين تاريخ الرجلين
بين وطنية الأول وعمالة الثاني؟ هل أصلا يصح بحال من الأحوال اعتبار سمير جعجع
مرشحا حقيقيا للرئاسة وهو يحمل أبشع أوزار الحرب اللبنانية كما لم يحملها احد؟..
إذا أردنا أن نخوض في هذا الحوار فإننا نوجه التهمة إلى عقولنا:
وليس يصح في الافهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
رابعا: هل فريق الرابع عشر من آذار مستعد للتوقف عن تكرار الحديث عن 7 أيار وانه
اعتداء على السنة وانه تحّول لسلاح المقاومة إلى الداخل دون الحديث عن 5 أيار
والقرارات السخيفة التي أدت إلى 7 أيار، وقد اعترف بجزء من ذلك الرئيس السنيورة
مؤخرا، فيما الجريمة الحقيقية كانت في “التعاون” المجرم الذي حصل في عدوان تموز
2006، حين جاءت غوندا ليزا رايس لتبشر بشرق أوسط جديد خاليا من الإرهاب ولم يناقشها
احد ولم يعترض احد والكل هز رأسه موافقا: هل يمكن أن نساوي بين جريمة عدوان 2006
وموقف قوى 14 آذار الملتبس (بالحد الأدنى)، وبين خطأ 7 أيار –على سبيل الافتراض انه
خطأ– الذي لم يتجاوز وقته 24 ساعة؟.. هل يستويان مثلا، لا حول ولا قوة إلا
بالله.
خامسا: هذا لا يعني بالتأكيد أن قوى 8 آذار دون أخطاء، وهذا لا يعني أننا نسكت
عن أخطائهم، ولقد أدنا اعتصام رياض الصلح والأخطاء التي حصلت خلال قصة 7 أيار وأمور
كثيرة، ولكن هنالك فوارق كبرى بين أخطاء في المنهج والإستراتيجية والأهداف
والتحالفات وبين أخطاء في التكتيك والتفاصيل.
سادسا: بعد أربع سنوات إلا قليلا هل يجوز أن يبقى هنالك من يعتبر أن ما يحصل في
سوريا هو ثورة تهدف إلى إزالة الظلم وتحقيق الديمقراطية، ولقد رأينا الموقف الغربي
والإسرائيلي الواضح الذي يدعم المسلحين ورأينا الدمار ورأينا البدائل المطروحة
والتي لا يمكن أن تكون أفضل من النظام الحالي بكل أخطائه وتجاوزاته و (جرائمه)، إن
الإصرار على هذا الخطأ الفادح سيؤدي إلى نتائج خطيرة في الداخل اللبناني، فتحت
عنوان إن ما يحصل في سوريا ثورة تم دعم المسلحين وتحولت بعض المناطق إلى ثكنات
ومناطق تدريب للمسلحين وتم غض النظر عن الكثير من الجرائم والمجرمين.
سابعا: لا بد من فهم طبيعة النظام الإيراني وأولوياته وطريقة تفكيره، فكل
التحليلات تربط ما يحصل في لبنان والمنطقة بالتقارب الإيراني السعودي المفترض،
وبالمفاوضات الدولية حول النووي الإيراني، وهذا صحيح إلى حد ما، ولكن لا يجوز أن
يقول احد أن المقاومة في لبنان أو حزب الله مسخر لخدمة الأهداف الإيرانية وعلى
رأسها (النووي السلمي)، بل العكس يمكن أن يكون صحيحا واقرب إلى التصديق: النووي
الإيراني وكل الطاقات والقدرات السياسية والمالية واللوجستية في إيران مسخرة لخدمة
المقاومة وليس العكس، ذلك لان موضوع فلسطين وحتمية زوال إسرائيل أمر رئيسي في
الذهنية الإيرانية وفي فكر الإمام الخميني والسيد الخامنئي، ومن كان غير مقتنع بذلك
فعليه أن يراجع معلوماته وان يدرس من جديد تاريخ الثورة في إيران.