تنظر العديد من الجماعات الدينية بترقب وحذر، وتتابع بدقة ما يحصل على مستوى الأقليات في الشرق في كل من العراق وسوريا ودول الحراك.
وتختلف استعدادات كل مجموعة باختلاف المنهج الفكري والسياسي، وفي السياق، لا تشذ طائفة المسلمين الموحدين الدروز عن القاعدة، إذ تنظر بقلق بالغ إلى المد السريع للفكر التكفيري في المنطقة.
رغم ذلك، تنفي مصادر روحية عليا في الطائفة أية استعدادات عسكرية لمواجهة الخطر التكفيري، ورفضت المصادر الحديث عن تسلح في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن الموحدين يقفون صفا واحدا، إلى جانب الدولة اللبنانية، وقواتها المسلحة الشرعية، ومذكرة بأن مناقشة موضوع التسلح لدى الحالة الدرزية فقط ظلم، لأن «إشكالية التسليح والتسلح مرافقة للعقل اللبناني، لا الدرزي فقط، ومرتبطة بذهنية أبناء الجبال الذين يحتاجون الأسلحة النارية لمكافحة الآفات والحيوانات المفترسة، فلم يخل بيت لبناني جبلي، مسلم أو مسيحي، إلا ما ندر، من «قطعة سلاح».
وشددت المصادر على أن لا قرار رسميا لدى الموحدين بالتسلح أو بالتدريب، لأن الكل قد ذاق مرارة التسلح والميليشيات، وشاهد البلد يتدمر مرارا، وبالتالي، فليس مستعدا لتكرار هذه التجربة المريرة. بل إن هناك قراراً على أعلى المستويات بالدعم اللامحدود للجيش اللبناني، والقوى الأمنية الشرعية، التي تشكل صمام الأمان للجميع. والوقوف إلى جانبها إلى النهاية.
وعلقت المصادر على خفوت الحديث في الموضوع الجدلي الذي سبق وأعلنه النائب وليد جنبلاط، ودعا فيه إلى المجاهرة بأداء المفترضات، مشيرة إلى أن شيئا لم يتغير، لأن «إسلام الموحدين هو لله رب العالمين، وبالتالي فالموحدين ليسوا مضطرين أن يزعموا الإسلام لإرضاء احد، لأنهم مسلمون لله، على مذهب الإحسان، ويبتغون في صومهم وصلاتهم وزكاتهم وحجهم وولايتهم مرضاة الخالق جل وعز.
وشرحت بأن الموحدين يكرهون الشهرتين، «شهرة اللباس وشهرة العبادة»، مردفة بالقول: «من يريد أن يتبين حالنا، فليرانا في صداقنا ومواريثنا وحلالنا وحرامنا وصلاة جنازتنا، هل هو «استتار بالمألوف» أن يكون حلالنا حلال جميع المسلمين، وحرامنا حرام جميع المسلمين؟ هل هي تقية ألا تسير جنازة إلا والتهليل أمامها لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا إله إلا الله، دائم باق وجه الله؟ هل هي مداراة أننا لا نأكل الميتة ولا الخنزير، ولا يشرب شيوخنا الخمر ولا يتعاطون التدخين ولا الميسر ولا الربا؟
وحول عدم اعتراف بعض الجماعات التكفيرية بإسلام الموحدين، تقول المصادر عينها إن ممارسات بعض هذه الفرق الوحشية، التي ليست من الدين في شيء، والتي لا نراها إلا تفخيخا لدين الله، واستدراجا للطعن على الرسول الكريم، تعاني هي نفسها من عقدة الإعتراف، خاصة وأن العديد من المفتين، واهل العلم والحل والربط، قد أعلن صراحة ضلالها، وخروجها عن الشريعة المحمدية، حتى أكثر الناس تشددا في اتباع السلف الصالح.
كما رفضت المصادر في الوقت عينه الهجوم على وليد جنبلاط، مشيرة إلى أن الرجل سياسي مخضرم، تعود الى أن ممارسة الملاكمة تعني الضرب وتلقي الضربات، إلا أن الهجوم على التاريخ الحضاري والموروث الثقافي للطائفة التوحيدية، أو اتهامها بما ليس فيها، أو الطعن في حقيقة إسلامها من منطلق رفض الموقف السياسي لجنبلاط، أو الخلاف الشخصي معه، هو أمر لا يرضاه الموحدون، لأن التأصيل الفكري والفقهي شيء، والخلاف السياسي شيء آخر، مشيرة إلى أن الدور الذي يلعبه جنبلاط والزعماء الدروز منطلق من المسؤولية التاريخية عن وجود لبنان.
وشددت المصادر عينها على أنه، تاريخيا، ترك الشيوخ من الموحدين تدبر السياسة للزعماء، وخاصة وليد جنبلاط، الذي انتابت العلاقة بينه وبين المؤسسة الدينية عدة تقلبات، ومرت في مراحل متعددة، لم تكن كلها سمنا وعسلا، إلا أن الخلاصة أن الفريقان أدركا الحاجة الموضوعية لبعضهما البعض، فـ «البيك» علم أن شيوخ أهل التوحيد لا يشكلون منافسا له، إذ هدفهم رضا خالقهم عز وجل، وليسوا طلاب مراكز أو مناصب، وبالمقابل، يعلم الشيوخ أن جنبلاط ونظرائه «يريحونهم» من عبء الدخول في زواريب السياسة اليومية، والتعاطي الرخيص في مستنقع ووحل السياسة اللبنانية.
رغم ذلك، أردفت المصادر، ففي التحديات المصيرية، تلتقي المؤسسات والشخصيات على الخيارات التاريخية، وتستند القيادة السياسية إلى دعم لامحدود من المشايخ، وقد حصل هذا الأمر غير مرة، من بينها حينما رفض الدروز مع غيرهم من الوحدويين أطاريح الدويلات، وعمل كمال جنبلاط وجمال عبد الناصر على إسقاط المخطط المذكور.
في السياق عينه، تتابع المصادر، الموحدين يرفضون مشاريع الدويلات، لأن مشروع الدروز لم ولن يكون إلا الدولة اللبنانية، لن يكون هناك «جيش لحد» درزي، والدروز لن يكونوا خنجرا في ظهر المقاومة في لبنان، كما لن يكونوا شركاء في اي مشروع يستهدف ضرب أي مكون من مكونات الحالة اللبنانية، مشددة على أن «الدروز لن يعتدوا على أحد، ولن يسمحوا لأي أحد بالإعتداء عليهم».
وقالت المصادر إن الموحدين الدروز في لبنان عرب من حيث القومية، مسلمون من حيث الدين، لبنانيون من حيث المواطنة، مشيرة إلى أن العقد الإجتماعي الدرزي الماروني أسس للبنان الكبير في زمن الأمير فخر الدين المعني الثاني الملقب بالكبير، بالتالي، فلا الدروز ولا الموارنة ولا غيرهم من المكونات، سيرضون أن ينتهي لبنان الصيغة والميثاق.
و«عن الخوف على مستقبل الأقليات عامة، والموحدين خاصة، ختمت المصادر بالقول «ما يجري على غيرنا يجري علينا، لأنه لا يوجد «مسألة درزية» منفصلة عما يجري في هذا العالم العربي، أو عما يجري في لبنان، نسير مع غيرنا من مكونات هذا الشرق، بلا خوف، إنما بترقب، وعزم وتصميم، عزم على البقاء والصمود، وتصميم على بناء الدولة القوية القادرة الراعية للجميع، أما الخوف، فهيهات، ونردد قول القائل، هيهات منا الذلة، ونستذكر الأية القرآنية الكريمة: «إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون».
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...