كيف يمكن للداعين ليلا ونهارا الى «العبور الى الدولة» أن يطلقوا مقايضة لفك أسر العسكريين في الجيش وقوى الأمن مقابل إطلاق سراح موقوفين في سجن روميه؟
هذه المقايضة كان يمكن أن تفضي منذ اليوم الأول الى إطلاق سراح مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا.. وهذا هو الأرشيف الأمني الرسمي اللبناني شاهد على مطالب الخاطفين في الحالتين، لكن الجواب، في المطرحين، كان واحداً برفض سلوك منطق اللادولة، حتى أن «حزب الله» والرئيس نبيه بري فضّلا في قضية أعزاز أن يستشهد الزوار على أية مقاربة من هذا النوع.. كما أن العماد ميشال عون ومرجعيات مسيحية أثنت على رفض قيادة الأمن العام اللبناني المقايضة في قضية الراهبات إلى درجة القول «فليكنّ شهيدات كما كان السيد المسيح الشهيد الأول فداء الإنسانية جمعاء».
من هنا، لا يختلف لبنانيان على ضرورة تسريع المحاكمات في سجن روميه وكل سجون لبنان، من أجل وضع حد لهذه القنبلة التي يمكن أن تنفجر في كل لحظة، لا بل ثمة أسئلة بديهية موجهة إلى وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى: ألم يكن جوهر رفع رواتب القضاة وتعويضاتهم (الكرة التي أدت الى تدحرج سلسلة الرتب والرواتب)، وضخ دم جديد في الجسم القضائي هدفه إصلاح القضاء وتسريع المحاكمات، فماذا كانت النهاية وأين الإصلاح وأين المحاكمات وهل زادت الملفات المتراكمة أصلا أم تناقصت؟
وللقضاء كلام آخر وموعد آخر، لكن المقايضة بين العسكريين والموقوفين، قد تكون رصاصة الرحمة على حكومة تمام سلام، في زمن إقليمي ولبناني انتقالي يصعب في سياقه توفير البدائل. من هنا، كانت دعوة الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط و«حزب الله» والعماد ميشال عون إلى التريث قبل الإقدام على خطوة تحتاج إلى قرار سياسي قبل الحديث عن مندرجاتها وتعرجاتها القانونية.
هذه الدعوة للتريث موجهة بالدرجة الأولى إلى رئيس الحكومة تمام سلام، حماية له ولدوره الوطني الجامع ولحكومته التي تبدو كمن يسير في حقل ألغام، فكل ملف العسكريين، حسب هذا الفريق السياسي أو ذاك، لا يملك كل تفاصيله أحد سوى رئيس الحكومة الذي تسلّم شروط الخاطفين وقرر التكتم عليها، وبينها لوائح بأسماء موقوفين ذكرت بعض وسائل الإعلام، ليل أمس، أن بينهم اسمي عماد جمعة وجمانة حميد.
وبحسب أوساط وزارية بارزة، فإن رئيس الحكومة «سيطرح ملف العسكريين وشروط الخاطفين في مستهل جلسة مجلس الوزراء المخصصة اليوم لمناقشة قضايا المالية العامة، على قاعدة أنه ليس بمقدور جهة سياسية واحدة أن تتحمل وحدها مسؤولية تحمل تبعات أي نوع من أنواع المقايضة، وبالتالي يجب توافر الغطاء الوطني الإجماعي سلباً أو إيجاباً، بحيث يكون الجميع شريكاً في القرار وتحمّل التبعات والمسؤوليات».
واللافت للانتباه أن العشرات من سجناء روميه تواصلوا في الساعات الثماني والأربعين مع مرجعياتهم، وبينها وزراء ونواب ورجال دين، وكانوا يحصلون على تطمينات بقرب حريتهم، في خطوة وصفها وزير سيادي «بأنها حفلة جنون»!
وقالت مصادر واسعة الاطلاع إن رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد رسم سقفاً لا عودة عنه خلال الاجتماع الأمني ـ القضائي في السرايا ليل أمس الأول، بتأكيده أن القضاء مقيد بقوانين وأصول لا يمكن معها الدخول في أية مقايضة، طارحاً الإشكاليات والآليات التي تعترض ملف المحكومين وأولئك الذين ما زالوا قيد المحاكمة وكذلك ممن لم تبدأ محاكمتهم.. فضلاً عن الاعتبارات السياسية من إجماع مجلس الوزراء الى التشريع في مجلس النواب (العفو) الى توقيع رئيس الجمهورية!
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...