ترفض موسكو تنفيذ الولايات المتحدة الأميركية ضربات عسكرية متواصلة على تنظيم «داعش» خصوصاً في سوريا كونها تعتبر أنّ القيام بها من دون موافقة مجلس الأمن هو عدوان عليها وخرق واضح للقانون الدولي، الأمر الذي من شأنه عرقلة التحالف الدولي ضدّ الإرهاب. وفي واقع الحال، يقول مصدر ديبلوماسي أنّ الدول التي تعارض شنّ هذه الضربات، مثل روسيا وإيران وسوريا، تخشى أن تتذرّع الولايات المتحدة والدول الغربية الحليفة لها، بحجة القضاء على «داعش» بالقوة، ما يجيز لها مطاردة عناصر هذا التنظيم أينما وُجدوا في العراق وسوريا وربما لبنان، لا سيما في ظلّ إعطاء مجلس الأمن الضوء الأخضر لها، من دون الحاجة الى استصدار قرار منه.
كذلك فإنّ معارضة روسيا وإيران قد تُعرقل يضيف المصدر تنفيذ القرار الأميركي الذي وافقت عليه حتى الآن عدّة دول أوروبية، كما دول عربية وعلى رأسها السعودية، فضلاً عن دول إقليمية مثل تركيا. والولايات المتحدة تحدّثت في بداية الأمر عن محاربة «داعش» في العراق، ولم تأت على ذكر التنظيمات الإرهابية الموجودة في سوريا، كونها لم تكن قد قرّرت بعد ما الذي ستفعله. والمعلوم أنّ السلطات العراقية موافقة على قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما لأنّها تريد التخلّص من تمدّد «داعش» في شمال شرق العراق، كما من إقامة دولته المتطرّفة على أراضيها.
أمّا في ما يتعلّق بسوريا فيختلف الأمر بحسب المصدر الديبلوماسي، لأنّه ما إن أعلن الرئيس أوباما عن شنّ الضربات العسكرية على تنظيمي «داعش» و»جبهة النصرة» في سوريا، حتى سارعت المعارضة السورية الى دعوة الرئيس الأميركي الى ضرب قوّات النظام بالتزامن مع توجيه ضربات عسكرية على مواقع التنظيمات الإسلامية المتطرّفة، مؤكّدة من وجهة نظرها، أنّ تجاهل توجيه ضربة للنظام سيسمح بولادة تنظيمات متطرّفة أخرى على غرار «داعش». الأمر الذي يجده المصدر غير منطقي، إذ لا يجوز ضرب المسلّحين المتطرّفين وقوّات النظام في الوقت نفسه، لأنّ ذلك سيُعتبر عدواناً على سوريا، ولا يهدف الى تخليص دول المنطقة من هيمنة التنظيمات الإرهابية.
واشار المصدر الى أنّ بعض الدول المؤيّدة للضربة على «داعش» في العراق، والمعارضة لضربه في سوريا، تجد أنّ القضاء على التنظيمات المتطرّفة في العراق، قد يُعيد لهذا البلد نوعاً من الهدوء بعد كلّ السنوات الصعبة التي مرّت عليه، كما يُسهّل عودة بعض المهجّرين العراقيين، لا سيما المسيحيين منهم، الى ديارهم. أمّا الضربة العسكرية على مواقع هذه التنظيمات في سوريا، فتؤدّي الى تخليص النظام السوري منها، ما يقوّي الرئيس بشّار الأسد وجيشه إذ يعطيه خدمة مجانية، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة ولا الدول الحليفة لها.
وبناء عليه، يرى المصدر نفسه أنّه لا بدّ من تزامن الحلّ السياسي في سوريا مع تنفيذ الضربات العسكرية على «داعش» و»جبهة النصرة»، وإلا فإنّ الأمور لن تكون على ما يُرام. ولهذا على دول التحالف نيل موافقة السلطات السورية قبل تسديد الضربات على الإرهابيين، أو على الأقلّ إعطاء النظام ضمانات بعدم ضرب قوّاته. لكن لا هذا أو ذاك سوف يحصل، لأنّ الولايات المتحدة ليست في صدد فتح باب الحوار مع النظام، على ما أكّد، لا سيما أنّها هي التي قامت بدعم هذه التنظيمات مادياً وعسكرياً.
ويخشى المصدر نفسه أن تقوم الولايات المتحدة بضرب المتطرّفين الفارّين الى لبنان، لا سيما الى جرود عرسال والبلدات المجاورة، ما دامت الخطة الأميركية تقضي بضرب مواقع التنظيمات وملاحقة المسلّحين أينما وُجدوا في المنطقة، لأنّه عندها لا بدّ من موافقة الحكومة اللبنانية على ذلك، والتي تبدو بدورها ذات مواقف متباينة من القرار الأميركي بمحاربة «داعش»، ما من شأنه الإبقاء على خطر هؤلاء الإرهابيين في حال بقي عناصر منهم موزّعين على دول المنطقة.
أمّا اقتراح المجلس الوطني السوري أن تشمل الحرب على الإرهاب، إرهاب النظام السوري، والميليشيات الطائفية التي استقدمها من العراق، فضلاً عن «حزب الله» في لبنان، فيرى المصدر أنّه «قد يُفجّر الحرب في المنطقة، لأنّه يُذكّر بما كانت تنويه الولايات المتحدة في فترة سابقة عندما هدّدت النظام السوري بالقضاء عليه بضربات عسكرية مشدّدة، وما تبعها من تهديدات. وإذا كانت الضربات ستطال «حزب الله»، بحسب الاقتراح الجهنمي للمعارضة السورية، على ما قال، فهذا يعني أنّ الولايات المتحدة ستشنّ حرباً على لبنان، على غرار ما فعلت إسرائيل في تموز 2006، وهذا أمر مستبعد، ولا يمكن بالتالي أن يحصل تحت أي ذريعة كانت.
يبقى أنّه على الولايات المتحدة والدول الحليفة لها دراسة الاحتمالات كافة قبل شنّ أي ضربات موجعة على المسلّحين المتطرّفين اينما وُجدوا على حدّ قول المصدر الديبلوماسي، والأخذ في الاعتبار مسألة تدفّقهم من بلد الى آخر عبر الحدود المفتوحة هرباً من اعتداءاتها العسكرية عليهم، لا سيما أنّ انتشارهم قد يضيّع الأهداف المحدّدة بمعاقل وجودهم إن في العراق أو في سوريا أو حتى في المناطق الحدودية في لبنان.
عبد السلام: دول العدوان تتحمل مسؤولية إفشال الهدنة باليمن وتفاقم المعاناة
كشف رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام، اليوم الإثنين، عن آخر مستجدات الهدنة أثناء التواصل مع الاتحاد الأوروبي للشؤون...