القناعة الأكيدة التي ولدها الإعدام الهمجي للشهيد العسكري عباس مدلج لدى العارفين بما يجري في جرود عرسال وبلدتها ان ما بعد الإعدام الثاني لا يشبه ما قبله وان المسلحين المجرمين سيجدون انفسهم قريباً امام خيارات أخرى بعدما بات واضحاً لديهم ان تصفية العسكريين لن يفيدهم بالحصول على مبتغاهم او شروطهم التعجيزية المتمثلة بإطلاق الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، وان إعدام العسكريين لا يحقق اهدافه بالضغط على الحكومة لتنفيذ اجندة العسكريين، وبالعكس فان الإعدام لم يعد ينفع إلا بزيادة النقمة اللبنانية وتأليب الرأي العام وتوحيد الموقف اللبناني ضد «داعش» ومخاطرها. فتصفية الشهيد علي السيد ولدت نقمة سنية جامعة اجتاحت عكار وكادت تتسبب بنزوح وطرد كل اللاجئين السوريين من المخيمات العكارية ولا يزال الجمر تحت الرماد في المنطقة العكارية التي تعتبر الخزان العسكري للجيش اللبناني ، وإعدام عباس مدلج ولع الشارع الشيعي في بعلبك وكل المناطق الشيعية واللبنانية من اقصى البقاع الى الشمال والجنوب مع استنفار وحالة من الغضب لا يمكن ان تمر كما يتوقع العارفون هذه المرة بدون ردات فعل وان اتت متأخرة .
مبرر الكلام بان الاعدام الثاني لا يشبه الأول تفسيره ربما كما تقول اوساط سياسية متابعة للملف في البيان «التبريري» لـ «داعش» الذي اعلن ان تصفية مدلج اتت بعد محاولته الهرب خصوصاً ان ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي نقلاً عن الإرهابيين المسلحين ان الشهيد مدلج كان مقاوماً شرساً لهم منذ توقيفه يرفض الانصياع لاوامرهم وانه حاول انتزاع السلاح من احد المسلحين لمقاومتهم ، ويعني ذلك في تفسير العارفين ان «داعش» ارادت اعطاء تبريرات لعملها الوحشي وكأنها وهي تنفذ إعدامها تبدي خشيتها من ردات الفعل ، خصوصاً تجاه الجانب القطري الذي كان يقوم بالوساطات بين المسلحين والسلطة السياسية .
فواقع الحال ان المجموعات الإرهابية تدرك في قرارة نفسها وحساباتها على حد قول الاوساط انها دخلت في النفق المسدود نتيجة تعنت السلطة بعدم قبولها بالمقايضة من جهة ، ولأن تصفية الشهيدين السني والشيعي لم يحقق اهدافه بضرب المؤسسة العسكرية وهدم معنوياتها من جهة او بالتسبب بفتنة مذهبية، وبالعكس فان اعدام الشهيدين العسكريين سبب موجة غضب شاملة في كل المناطق اللبنانية ، على الجبهة السنية كما على الجبهة الشيعية اللتين ساوت بينهما «داعش» في الإعدام فلم توفر اي طائفة في حقدها على المؤسسة العسكرية وضباطها وجنودها وهذه حقيقة ثابتة في تاريخ المواجهة بين الإرهاب والجيش من الضنية الى معركة نهر البارد الى عرسال الى استهداف الحواجز العسكرية في مختلف المناطق بالتفجيرات الانتحارية .
من جهة ثانية يمكن القول تضيف الاوساط ان ارهاب «داعش» ساهم في خلق حالة لبنانية واحدة ضد الارهاب وهذا ما ظهر في اعتصامات التضامن مع الجيش اللبناني ، وفي مواقف السياسيين والقيادات التي باتت تتعاطى مع الوضع اللبناني ومخاوفها على مناطقها فرئيس القوات مثلاً بدل نظرته الى «داعش» التي صارت تشبه الورم السرطاني الذي يجب محاصرته قبل تفشيه ووزير الداخلية نهاد المشنوق بات يدعو الى تنظيف عرسال من المسلحين ومعالجة مخيمات النازحين ، ويعني ذلك ان ثمة تغيير في مقاربة القيادات التي تدور في فلك 14 آذار للارهاب «الداعشي» المتسلل الى العمق اللبناني ، وهذا التغيير ربما سيصل في المرحلة القادمة الى حدود الطلب من حزب الله التدخل في المعركة اللبنانية لمساندة الجيش في الحسم خصوصاً وان حزب الله قادر بعد تجربته في المعركة السورية ونظراً للسلاح الذي يمتلكه ان يكون عاملاً حاسماً الى جانب المؤسسة العسكرية في المعركة ضد الارهابيين.
ومن هنا يمكن القول ايضاً ان المجموعات الإرهابية قامت بالاخطاء المميتة عندما اعدمت الشهيدين الجنديين لأنها جنت على نفسها بحسب الاوساط، فالسلطة السياسية تضاعف تمسكها واصرارها برفض المقايضة بين العسكريين والموقوفين، ومن جهة ثانية فان تصفية العسكريين عزز الالتفاف الشعبي على المؤسسة العسكرية التي تخسر افضل عناصرها وافرادها بأبشع الطرق الوحشية والبربرية، كما انه سيزيد من العوامل التي تحتم اللجوء الى خيار حزب الله الذي قاتل «الداعشيين» في سوريا لأنه كان يتوقع ان تنتقل معركتهم الى لبنان. ويبقى السؤال، هل سيسرع الإعدام الثاني بالحسم العسكري في عرسال ؟ تؤكد الاوساط ان الحسم سيحصل عاجلاً ام آجلاً ، فالجيش الذي اسقط حلم «الداعشيين» بالدخول الى عرسال لتثبيت إمارتهم هو لهم بالمرصاد وبانتظار القرار السياسي، وتسليح القوى والوحدات العسكرية لمعركة هي من دون شك الأصعب نظراً لوعورة الجبال والمساحات الجغرافية الشاسعة التي ينتشر فيها المسلحون الإرهابيون.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...