هل يخاف «حزب الله» من «داعش»؟
سؤال يطرحه اكثر من مراسل اوروبي في بيروت؟ الشيخ نعيم قاسم الذي ينتقي كلماته بدقة وصف تنظيم الدولة الاسلامية بـ«الضوضاء». لا نعتقد انه يقصد ان البروباغندا هي التي صنعت التنظيم الذي بلغت به الخيلاء حد اعلان زعيمه خليفة على المسلمين في سائر اصقاع الدنيا..
ضوضاء ايديولوجية داخل ذلك الخواء الذي يمتد من المحيط الى الخليج. ثمة شاعر صديق احتار بين ان يصف الانظمة بـ«مستودعات الهواء» او بـ«مستودعات الهباء»، من لا يعرف، وبالتفصيل، كيف ان اجهزة استخبارات عربية، وبمشاركة تركية، هي التي استحدثت التنظيم الذي يتماهى اساسا مع تشكيلها العقائدي ويتفاعل مع تلك الصفقة التي عقدت ذات يوم بين الكوفية و العمامة والتي دفعتنا بعيدا عن جدلية الازمنة؟
نستعيد تسلسل الاحداث، وكيف دفعت الانظمة بكل شذاذ الافاق الى سوريا من اجل تقويض النظام الذي طالما كانت علاقاته معها تتراوح بين التقارب و التباعد، دون اي اعتبار للتداعيات الكارثية للفوضى. الذي حدث هو اننا (على طريقة فاوست) قدمنا سوريا للشيطان، وعلى طبق من الفضة. الا يدق الشيطان الآن كل الابواب؟
لماذا لا نكون اكثر شفافية، وقد مللنا لعبة الاقنعة، ونقول بالفم الملآن ان رئيسا سابقا لجهاز استخبارات عربي طلب من شخصية لبنانية بارزة ان تكون على استعداد لتخطب في الجماهير في ساحة الامويين في دمشق، ربما لتعلن من هناك الوحدة بين البلدين؟
ولماذا لا نكون اكثر صراحة، نحن الذين تلاحقنا مقامات بديع الزمان الهمذاني، ونقول ان الاجهزة إياها هي التي بنت الخلايا في مناطق معينة، كما في مخيمات معينة، استعدادا لساعة الصفر، كي يتم الانقضاض على السلسلة الشرقية وامتداداتها (وسفوحها) حيث الصوامع المفترضة لصواريخ «حزب الله» الذي لن يكون امامه سوى رفع الرايات البيضاء (لا الرايات الصفراء) امام الرايات السوداء؟
اكثر من ذلك، ألم يقل قطب سياسي لمعاونيه، وقد علا الحبور وجهه «هذه المرة، يا اخوان «حزب الله» هو الذي سيلجأ الى اسرائيل، ربما طلباً للمؤازرة»؟
ثمة اشياء راعبة حدثت او قيلت وراء الضوء. و اذا كان احدنا ضد «حزب الله» في مواقف معينة، وفي سياسات معينة، وفي طقوس معينة، فهذا لا يعني، بأي حال، مجافاة المنطق ليس فقط لان تسمية التنظيم إياه هي «الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام»، وانما لان ما كان يعدّ له لم يعد خفيا على احد، ومن الشمال الى عرسال التي جعلوا منها ضحية عندما حولوها الى قاعدة لوجيستية وعملانية لـ«الثورة»، على ان يتجاوز دورها، على الاقل على المستوى التكتيكي، كل هذا حين تدق ساعة التصفيات السياسية والمذهبية الكبرى…
لا مجال البتة للتصفيق للنظام السوري الذي طالما اخطأ واخطأ. المشكلة، لبنانيا، ان هناك من كان يعتبر ان سقوط النظام مسألة ايام، وان المسألة لا تحتاج سوى ان يستخدم رجب طيب اردوغان او احمد داود اوغلو اصبعه، وهذه هي اللحظة الذهبية ليس فقط لانتاج قواعد جديدة للعبة وانما لاحداث تغيير بنيوي ليس فقط في صيغة النظام بل وفي التشكيل الديموغرافي والطائفي للبلاد…
ثمة كلام قيل، ودائما وراء الضوء، كان من شأنه تفجير لبنان، بل وازالته. والآن، ودون الدفاع في اي حال عن مشاركة «حزب الله» في القتال داخل سوريا، وان كانت له رؤيته الاستراتيجية لمسار الاحداث، ماذا يحصل سوى العودة الى الخطيئة نفسها؟
اي عاقل يمكن ان يتقبل القول ان دخول تنظيم الدولة الاسلامية الى ارضنا حدث لان «حزب الله» ذهب الى سوريا، فيما لبنان، ايها السادة، هو جزء من ارض الخلافة، وانه لا مكان فيه لـ«الصليبيين» و«الرافضة» وللسنّة الذين يعتبرون انفسهم اهل الامة لا اهل الكهوف.
لنعد الى ادبيات التنظيم، ومنذ ظهورهم على السطح، والى شعاراته، لنتبين كل تفاصيل ذلك، فيما هاجس ازالة النظام في سوريا، ودون ان نغفل بأي حال، تجاوزاته الهائلة في لبنان، افقدنا الرؤية والرؤيا، وما زلنا حتى الساعة نراهن على «داعش» لكي تعيد لبنان الى منطق الدولة والى فلسفة الدولة تبعا لمواصفات محددة، ولسياسات محددة تتغاضى كلياً عن وجود اسرائيل في عقر دارنا، ولا تأخذ بالاعتبار ان وقف التصدع الداخلي لا يمكن ان يتحقق بالتراشق، حيناً بالحجارة وحينا بالخناجر، بل بوضع اولويات استراتيجية، وان كان العرب، على مدى مائة عام، لم يفكروا، ولو لهنيهة واحدة، في بلورة السياق الاستراتيجي لاي من قضاياهم الكبرى، فظلوا على قارعة القرن و سيبقون..
اما اذا كان «حزب الله» يخاف من «داعش»؟ الحزب قال… ضوضاء. من يعرف اي استعدادات اتخذت يدرك جيدا ما عناه الشيخ نعيم وصحبه!
لماذا يهدّد الروس العالم بالسّلاح النووي؟
كان الخطاب الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاحتفال بضمّ الأقاليم الأربعة إلى روسيا بمنزلة استكمال للخطاب السابق الذي...