منذ ثماني سنوات، كرّس آب مقولة لهيبه في نيران صواريخ مقاومة أعلنت النصر على “الجيش الذي لا يقهر”، بعد ثلاثة وثلاثون يوماً من حربٍ كانت الأولى من نوعها، الأولى في تغيير المعادلة التي أرستها المقاومة في لبنان ويُحصد زرعها في غزة اليوم.
لطالما عمل الكيان الصهيوني على بسط نفوذه وسيطرته على الشرق الأوسط، لا فلسطين فقط، ولم تكلّ محاولاته طوال الأزمنة السابقة، منذ إعلان نفسه “دولة يهودية” وحتى أعتاب نصر المقاومة في العام 2000 الذي تكلّل بعد 6 سنوات فرضت توازن رعب جديد متين في المنطقة، أحجم الطموح “الإسرائيلي” في تمدّده السرطاني وهزّ ثقة “مواطنيه” المستوطنين بحكومةٍ لطالما مارست عليهم الكذب السياسي بتعتيمٍ إعلامي عن حقيقة أنّ حلم الدولة الموعود أسقطته ترسانة حزبية لعناصر مقاومةٍ تحدوا بصمود وإرادة ترسانة “أقوى جيش” ما لبث أن تهاوى كبيت عنكبوت، كما وصفه سيد هذه المقاومة، التي هزمت مخطط توسّعٍ صهيوني ملهمةً مقاومة الداخل الفلسطيني التي استشرست عامي 2008 و2012، وتقاتل اليوم بعزمٍ أقوى مستكملةً حفر قبر الطموح الإسرائيلي الذي استنجد بطاقم داعش وأخواته من المنظمات الإرهابية لتنفيذ مخططه في الأراضي العربية، لينشغل هو بحماية داخله المهتز عسكرياً ومعنوياً وسياسياً.
هذا ما تكشفه خطابات التناحر السياسي في حكومة بنيامين نتنياهو، الذي أربكته الهزائم المتتالية عبر السنوات الثمانية الماضية خالقةً شرخاً بين صفوف الاحزاب الصهيونية المتحالفة أيضاً، فبات جلّ همّه الحفاظ على حكومته وما تبقى من ثقة “شعبه” منشغلاً بحماية مستوطنات باتت في مرمى نيران مقاومةٍ لا تملك الا عزماً وصمود شعب، فتراجعت معها سرعة الشروع في استكمال إنشاء مستوطنات تصل الى ضفاف نهر الأردن، كما خفت هدير جرافات تنقب تحت الأقصى، وهدأ خطاب التبشير بدولة يهودية تغطي الشرق الأوسط، فيما هي لم تعد تغطي حتى ذاك الشبر الذي اغتصبته بموافقة أممية تحت مسميات مختلفة منها حلّ الدولتين الذي بات مطلباً أساسياً للدولة العبرية التي استشعرت خطر الزوال فوجدت بحل الدولتين كُحلاً أفضل من العمى.
ومع تبدّل الأدوار لتتربع المقاومة على عرش المشترط لإنهاء الحرب، رافضةً كل الهدنات وقرارات وقف إطلاق النار التي يستجديها كيان الاحتلال، في ظلّ تخلي واشنطن عن “أمن إسرائيل”، متلفتةً الى مصالحها، واستخدام تل ابيب ملف المفاوضات كورقة ضغط، تأكيد على إفلاس الدولة العبرية في مشاريعها التهويدية.
وفي ذكرى انتصار 2006، تعيش الدولة العبرية لعنة تموز مجدداً، لعنة الهزيمة المريرة التي توئد الحلم ببناء “الدولة”، وتقلّص مساحة التهويد مع تعنّت المقاومة الفلسطينية لاسترداد كامل أراضيها، فيما يحكى عن تحركات اتنفاضية لـ”عرب 48″، بينما تزداد نسبة الهجرة المعاكسة من الأراضي المحتلة التي ضاق مستوطنوها ذرعاً بكذبة “أرض الميعاد”.
سلاب نيوز