إنه صباح الخامس عشر من أيار 2013. الموعد المحدد من رئيس المجلس النيابي نبيه بري
لعقد جلسة تشريعية تقرُّ قانون الانتخاب الجديد.
على جدول الأعمال أكثر من
مشروع واقتراح. غير أن الأبرز، اقتراح قدَّمه عضوا تكتل التغيير والإصلاح النائبان
آلان عون ونعمة الله ابي نصر. إنه اقتراح قانون “اللقاء الأرثوذكسي”، الذي ينص على
حق كل مذهب من المذاهب اللبنانية في انتخاب نوابه، على أساس النظام النسبي، ما
ينهي- بإقرار الجميع- حقبة تهميش المسيحيين، ويعيد إليهم حقهم الدستوري في انتخاب
أربعة وستين نائباً، لتكريس المناصفة الفعلية، وليس الوهمية، القائمة منذ بدء تطبيق
اتفاق الطائف…
إنها الحادية عشرة قبل الظهر. نواب حزب الله وحركة أمل أول
الداخلين إلى قاعة الهيئة العامة، إلى جانب نواب تكتل التغيير والإصلاح. نواب
الكتائب كانوا أيضاً هناك، على جري العادة، “إجر لقدام… إجر لورا”.
دخل
الرئيس نبيه بري ليفتتح الجلسة. يبدأ تعداد الحضور. المستقبل غائبون. الجنبلاطيون
ليسوا هنا. إذا شارك نواب القوات، يتأمن النصاب. إقرار “الأرثوذكسي” في متناول
اليد. السيد حسن نصرالله وعد العماد ميشال عون. بري وعد نصرالله. أما سمير جعجع،
فوعد المسيحيين شعباً وأحزاباً، وصرحاً بطريركياً.
تمضي اللحظات بطيئة في
انتظار القوات. أين ستريدا؟ ماذا عن جورج؟ تأخر نواب زحلة القواتيون الثلاثة. نائب
الكورة؟ ليس هنا. النصاب مفقود. طارت الجلسة. نكث حزب “المقاومة المسيحية” بالوعد.
سقط “الأرثوذكسي”. “تنازلنا”… قالها بالحرف، نائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج
عدوان…
لماذا التذكير الآن بهذه الواقعة؟ بكل بساطة، لأن بين رسوب جعجع في
الاستحقاق الرئاسي، وبين إسقاط “الأرثوذكسي”، رابط سببي. فالأول سبَّب الثاني.
وبهذا، قطع رأسَ رئيسِ القوات، قطعُ القواتِ رأسَ الأرثوذكسي.
كيف؟ لأن
الأصوات التي نالها النائب هنري حلو مثلاً هي في أكثرها، أصوات نواب مسيحيين، فازوا
بأصوات غير المسيحيين. فلو قيِّض للأرثوذكسي أن يقرّ، وأن تجرى الانتخابات
النيابية- لا أن تسير القوات بالتمديد- لكانت حظوظ جعجع أوفر رئاسياً، بعد تحرير
النواب المسيحيين من قبضة المذاهب الأخرى… ما يؤدي حتماً إلى قلب كل المقاييس،
بإعادة رسم الأحجام التمثيلية لكل فريق…
إنها مجدداً الحسابات الخاطئة، ووهم
المبدئية…