قدم “التيار الوطني الحرّ” تجربة رائدة في العمل الوزاري، اذ انه حوّل جميع الوزرات التي عُيّن فيها وزير من تكتل التغيير والاصلاح الى وزارة سيادية.
نجح وزراء التيار في عملهم، وتصالحوا مع خطابهم الاصلاحي الى حدّ كبير. استلم جبران باسيل وزارة الاتصالات، ومن ثم وزارة الطاقة ليصبح الوزير المستهدف. نجّمَ باسيل، قام بمعارك من اجل النفط الذي لم يعد استخراجه حلم.
وصار تخفيض اسعار الاتصالات عرفاً يعتمده كل وزير اتصالات، وهذا ما لم يكن وارداً قبل ذلك. ثم جاء الوزير “الحالة” شربل نحّاس. صار نحّاس بسرعة زعيم. نجح في وزارة العمل التي لم يكن احد يسمع بوزرائها. اعلنها ثورة من اجل العمال والموظفين. اما نقولا الصحناوي، فجعل وزارة الاتصالات وزراة الـ3G، والـ4G، والالياف البصرية، وغيرها من الامور.. ونجح الصحناوي. حتى وزراة السياحة في عهد الوزير فادي عبود كانت مختلفة، لكن التيار قرر تغيير اسلوبه في الوزراء الناجحين، فجاء بـ الياس بو صعب، وزيراً للتربية والتعليم العالي.
لم ينجح بو صعب الى الآن في شيء غير منافسته لصديقه جبران باسيل في الاطلالات الاعلامية. قبل اشهر حاول بوصعب اقناع هيئة التنسيق النقابية انه معهم ويساند مطالبهم حتى النهاية. اقتنع الجميع بهذا الامر، وطمّأن بو صعب الطلاب، قال لهم ان مقاطعة المراقبة لا تعني ان لا امتحانات، وانهم سيمنحونهم وقت لكي يدرسوا في حال فكّ الاضراب. بعدها قرر بو صعب اعطاء افادات، فامتنع الطلاب عن الدرس، ليعود بو صعب ليعلن انه اقنع هيئة التنسيق بالمراقبة وتاليا الامتحان ستجري بعد يومين. واظهر نفسه انه المخلّص.
انتهت القصة واجرى الطلاب الامتحانات، لتعود هيئة التنسيق لمقاطعة التصحيح هذه المرّة. فبو صعب قال لهم انه لن يضغط عليهم ابداً في اي مسألة لها علاقة بالتصحيح اذا قاموا بمراقبة الامتحانات. لم تصدر نتائج الامتحانات الرسمية وتاليا علق الطلاب.
فهم لا يستطيعون الانتساب الى اي جامعة في لبنان، ولا يستطيعون الالتحاق بجامعاتهم في الخارج، اذ ان كثر عملوا ليلاً نهاراً من اجل ان توافق بعض الجامعات في الخارج على قبولهم، كما ان الطلاب لا يستطيعون خوض امتحانات مجلس الخدمة المدنية او دورات المدرسة الحربية، حتى اصبح بامكاننا القول ان نسبة الطلاب التي بدأت تزور الاطباء النفسيين زادت بعد كل هذه المماطلة واللعب على اعصابهم.
كل شيء لأن الوزير لم يتحرك.. لكن ان تأت متأخراً خير من ان لا تأت ابداً، قرر الوزير اعطاء افادات، تنفس الطلاب الصعداء، لكن الوزير غيّر رأيه. ففشل بو صعب مرّة جديدة.
في مؤتمره الصحافي الاخير امام وزارة التربية، قال الوزير انه ضحك لسماعه اشاعة انه يريد الاستقالة. لكنه كان يجب عليه ان يبكي لان الامر ليس سوى اشاعة.
وليس اسوء من الوزير سوى من ينظرون لهيئة التنسيق. هؤلاء، ومنهم نعمة محفوض وحنا غريب، اخذوا الطلاب رهائن، لتحقيق مطالبهم التي قد تكون محقة. لكن يجب على محفوض وغريب ومن معهم ان يدركوا اكثر من غيرهم ان الطلاب يجب ان يكونوا بعيدين كل البعد عن التجاذبات المطلبية والسياسية التي تحكم مسألة سلسلة الرتب والرواتب.
وهنا لا بد ان نشفق على طلابنا عموماً وليس فقط على طلاب الشهادات الرسمية، فاذا كان كل الاساتذة يشبهون محفوض وغريب… فمرحبا تربية وتعليم.