انطلق الاسبوع الجاري على وقع حصار سياسي وشعبي للحكومة والمجلس النيابي بفعل الملفات الضاغطة التي رميت دفعة واحدة في سوق المداولات وفي مقدمها ملف سلسلة الرتب والرواتب الواقع بين فكي كماشة الضغط النقابي من جهة والوضع المالي من جهة ثانية،ليختم على كلام للسفير الايراني في بيروت تحدث فيه عن «وجود انفراجات بين ايران والمملكة العربية السعودية» وتسريبات عن حصول لقاءات سرية بين مسؤولين من البلدين، ما اعاد خلط اوراق اكثر من مرشح للرئاسة، رغم ان اجواء الرياض وحركة التعيينات، التي شملت تسمية سفير جديد للملكة في بيروت تبلغ المعنيون باسمه، لمواكبة التطورات والملفات، على ان يلتحق بمركز عمله خلال الفترة القريبة المقبلة التي ستسبقها عودة للسفير علي عواض العسيري للقيام بجولته الوداعية، والقمم التي تشهدها لا توحي «بدقة» عما عبر عنه ابادي بحسب مصادر في 14 اذار.
في هذا الاطار يؤكد زوار المملكة ان المسؤولين السعوديين يحاذرون الخوض في العلاقة مع ايران ومدى تطورها او مستوى الاتصالات التي وصلت اليها،رغم تأكيدهم وجود تقاطع مصالح «آني» بين البلدين يمكن البناء عليه مستقبلا ، تمثل في الخطوات التي اتخذتها المملكة لجهة حربها على الارهاب وتجفيف منابعه وادراجها «حركة الاخوان المسلمين» على قائمة الجماعات الارهابية المحظورة، ما قرأت فيه ايران رسائل ايجابية صالحة للانطلاق منها.
واعتبرت المصادر ان السياسة الجديدة للملكة وجدت ترجمتها العملية في كل من سوريا ولبنان والعراق، التي تحسبها طهران ساحات خلفية لها ومناطق نفوذ تستخدم اوراقها في اللعبة الايرانية الاكبر التي تشهدها طاولة المفاوضات الدولية بين الغرب والجمهورية الاسلامية، رغم اعتبار المملكة خطواتها الاخيرة ترجمة للاتفاق القائم مع الولايات المتحدة الاميركية وتجديد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والتي كرست في القمة التي جمعت الرئيس الاميركي باراك اوباما والعاهل السعودي في الرياض منتصف الشهر الماضي بعد سلسلة اجتماعات على مختلف المستويات بين الادارات المختصة في كلا البلدين.
وتشرح المصادر ان الاستراتيجية الجديدة تأخذ بعين الاعتبار الدور الجديد المرسوم للقوى الاقليمية المختلفة ولاعادة التموضع السعودي في ملفات المنطقة بعد وصول الخطر الى اكثر من دائرة محيطة بالمملكة .ففي العراق نجحت المملكة من عقد اتفاق بالواسطة مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي عبر المخابرات الايرانية عبر احياء خط اتصالات قديم كان تولته في السابق شخصية اقتصادية ومالية معروفة ارتبط اسمها بملف دولي حساس في منتصف الثمانينات،ما امن الغطاء لحكومة بغداد للقيام بحملتها العسكرية الواسعة ضد «داعش» ومحاولتها حصر نفوذها وتطويقها ،بعد سلسلة الضربات التي تعرض لها التنظيم المقرب من فكر القاعدة في سوريا من قبل التنظيمات العسكرية السورية المدعومة من السعودية،انفاذا للقرار الدولي القاضي بالقضاء على النفوذ القطري والمجموعات الموالية للدوحة في كل من لبنان وسوريا،بعد اعادة التوازن الى منطقة الخليج، والتي ترجم بمقاطعة دبلوماسية للدوحة من قبل الدول الاساسية في مجلس التعاون الخليجي على اثر الاتهامات الموجهة للدوحة بالتغريد خارج السرب واعادة تموضعها على اكثر من جبهة بما لا يخدم مصالح المنطقة.
خطوة نجحت في اعادة دولة قطر الى «بيت الطاعة» السعودي، بحسب مصدر دبلوماسي خليجي،عبر تفاهمات ستتجسد في توقيع مذكرة تفاهم خليجية ،بعد التوصل الى انهاء الخلاف وفتح صفحة جديدة بوساطة كويتية ورعاية اميركية واخراج للامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، ينتظر اعلانها قريبا، شكلت الخطط الامنية اللبنانية في كل من طرابلس والبقاع اولى الاختبارات العملية لها، عبر التعاون الاستخباراتي الثلاثي اللبناني – القطري – السعودي، والغطاء السياسي الكبير الذي منح للجيش وسمح بانهاء المظاهر الشاذة التي عاشتها البلاد طوال الفترة الماضية، ما اراح حزب الله وجمهوره بالتزامن مع الخطوات التي انجزها الحزب على طول الحدود اللبنانية السورية الشمالية والشرقية، وترجم تقاربا مفاجئا وتنسيقا امنيا غير مسبوق منذ مدة طويلة بين تيار المستقبل وحزب الله، انعكس تعاونا وصف بالبناء جدا بين الاجهزة الامنية اللبنانية المختلفة المتصارعة في العادة فيما بينها.
الا ان المحك الابرز امام حالة الرخاء التي تعيشها الساحة اللبنانية على الصعيد السياسي وان ظاهريا اقله، يبقى ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، التي تحدثت مصادر غربية عن ان الاتصالات التي جرت مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وتناولت موضوع الاستحقاق، افضت الى قناعة بأن طهران فوضت البت بالملف الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دون اقفالها الباب امام انفتاحها على كل مقترح «ايجابي» ممكن ان تمارس «مونتها»على حلفائها من اجل تسهيل تمريره.
في المقابل اجمعت مصادر دبلوماسية غربية ان جهوداً كبيرة تبذل على المستويات العربية والإقليمية والدولية لإنجاز الانتخابات الرئاسية اللبنانية في موعدها، كاشفة عن أن المملكة العربية السعودية تحتل الموقع المحوري في هذه الجهود الى جانب فرنسا بتفويض اميركي، حيث بلْغت الرياض جميع المعنيين أنها لن تسمح بحصول فراغ رئاسي في لبنان، كما حرصت على ممارسة الضغوط الخارجية من أجل تشكيل الحكومة، الامر الذي نجح مع مبادرة طهران إلى التواصل غير المباشر مع القيادة السعودية من أجل تحسين العلاقات بين البلدين، بالتزامن مع «الانفتاح» الإيراني على الغرب، موضحة ان الرياض تريد الاستفادة من الزخم الإيجابي لتشكيل الحكومة، وجعل التوافق الذي حصل بشأنها ينسحب على الاستحقاق الرئاسي، ما يتلاقى مع مواقف عدد من الدول العربية والغربية الداعمة بقوة لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، خاتمة بالحديث عن شبه إجماع عربي ودولي على رعاية الوضع اللبناني في هذه المرحلة الدقيقة التي تتميز بتصاعد حدة الأزمة السورية، من أجل حماية لبنان من تداعيات هذه الأزمة، وهذا لا يكون إلا باستمرارية المؤسسات الدستورية من جهة، وبتقوية القوى العسكرية والأمنية اللبنانية، من أجل الحد من نفوذ السلاح غير الشرعي وإنهاء تحكمه بالحياة السياسية اللبنانية المستمر منذ سنوات.
يبدو ان ملف العلاقات الايرانية – السعودية مفتوح على كل الاحتمالات، على ضوء تطور العلاقات الغربية مع الجمهورية الاسلامية وقرب امكانية التوصل الى اتفاق نووي نهائي ،حيث تبقى الساحة اللبنانية احدى الساحات الاساسية لشد الحبال القائم بين البلدين الراعيين لمحورين اقليميين دينيين سياسيين وامنيين ساحتهما من المحيط الى الخليج، في منطقة تتداخل فيها العوامل الاقليمية والدولية وتتشابك فيها المصالح وتتغير موازين القوى، ومفتاحها الملف الفلسطيني، من هنا اهمية الرسالة التي وصلت عبر صندوقة بريد مخيم المية ومية وتداعياتها وما يمكن ان تؤشر اليه.
عبد السلام: دول العدوان تتحمل مسؤولية إفشال الهدنة باليمن وتفاقم المعاناة
كشف رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام، اليوم الإثنين، عن آخر مستجدات الهدنة أثناء التواصل مع الاتحاد الأوروبي للشؤون...